صفحة جزء
فصل [إذا حج بابنه الصغير وهو لا يتكلم]

وقال مالك : إذا حج الأب بابنه الصغير وهو لا يتكلم- لا يجرده حتى يدنو من الحرم ، فإذا جرده يريد الإحرام فهو محرم ، ويجنبه ما يجنب الكبير ، ولا يطوف به أحد لم يطف ، ولا يدخل طوافين في طواف ، ولا بأس أن يسعى به بين الصفا والمروة من لم يسع ، وهو أخف ، ولا يجمع بين الرمي عن نفسه وعن الصغير .

واختلف إذا طاف عن نفسه وطاف بالصبي معه محمولا ، فقال ابن القاسم في كتاب محمد : يجزئ عن الصبي وحده ، ولا يجزئ عن الرجل . [ ص: 1171 ]

وقال عبد الملك : يجزئ عن الرجل ، ولا يجزئ عن الصبي . وقال أصبغ : لا يجزئ عن الرجل -مثل قول ابن القاسم- ، وإن أعاد عن الصبي فهو أحب إلي وقال ابن القاسم أيضا : يجزئ عن الصبي ، وأحب إلي أن يعيد عن نفسه . ولمالك عند ابن شعبان : لا يجزئ عن واحد منهما ؛ في الطواف عن الصبي وعن نفسه .

قال الشيخ - رضي الله عنه - : القياس أن يجزئ عن الصبي ، ولا فرق بين أن يطوف به محمولا على دابة ، أو على رجل ، وإنما المقال في الرجل إذا أشرك في عمله ، وقصد الطواف عن نفسه وعن الصبي . وقال محمد في رجل حمل رجلا فطاف به طوافا واحدا : لم يجز عن واحد منهما .

وقول ابن القاسم : يجزئ عنهما ويعيد عن نفسه على وجه الاستحسان ، وهو في هذا بخلاف من أتى بحجة عن نذره وعن حجة الإسلام ؛ لأن تلك حجة واحدة ، وهذان شخصان طائفان بأنفسهما جميعا ، فوجب أن يجزئ عنهما ، والاستحباب أن يعيد عن نفسه . ولو طاف به ماشيا لأجزأ عنهما . ولا خلاف فيمن طاف لنفسه وبرجل معه ليعلمه الطواف جاز عنهما جميعا . وكذلك أرى إذا طاف به محمولا أن يجزئ عنهما ، فيجزئ عن المحمول بمنزلة لو كان على دابة إذا طيف به على ذلك لعذر ولمرض أو غيره ، ويجزئ الآخر أيضا ؛ لأنه طائف بنفسه ، وقياسا على السعي بين الصفا والمروة . [ ص: 1172 ]

وأما الرمي فهو على وجهين : فإن رمى سبعة عن نفسه وعن الصبي لم يجزئ عنهما بلا خلاف . ويختلف : هل يحتسب بها عن نفسه أو عن الصبي ؟ ولا يجزئ عن واحد منهما .

وإن رمى سبعة عن نفسه ، ثم سبعة عن الصبي ، ثم تقدم إلى الجمرة الأولى ففعل مثل ذلك ، ثم الثالثة كذلك أجزأ عنهما قولا واحدا . وإن رمى الأولى بأربع عشرة حصاة ، واحدة عن نفسه ، وأخرى عن الصبي حتى أتم أجزأ عنهما جميعا ؛ لأن ذلك تخلل لا يمنع الإجزاء . وقد قال فيمن نسي حصاة فذكر من الغد : أنه يرميها ، ويبني على ما تقدم .

وإذا طاف به غير محمول رمل الأشواط الثلاثة وفي بطن المسيل . واختلف إذا كان محمولا ، فقال ابن القاسم : لا يرمل به . وقال أصبغ : يرمل به .

والأول أحسن ؛ لأن سبب ذلك في الطواف أن يري المشركين النبي - صلى الله عليه وسلم - قوة أصحابه ، وكان المشركون قد قالوا : قد أوهنتهم حمى يثرب . ومن طيف به محمولا لصغر أو مرض خارج عن ذلك . [ ص: 1173 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية