صفحة جزء
فصل [في الحلق والتقصير في الحج]

الناس في الحلاق والتقصير على ثلاثة أوجه : حلاق ، وتقصير ، ومخير بين الحلاق والتقصير .

فالحلاق لمن لا وفرة له وللأقرع ولمن لبد أو عقص أو ضفر من الرجال .

والتقصير للنساء ، ولا يجوز أن يحلقن ؛ لأنه لهن مثلة ، إلا لمن كان برأسها أذى وفي الحلاق صلاح لها . وكذلك بنت تسع أو عشر تقصر ولا تحلق إلا لعذر ، وإن كانت صغيرة جدا جاز أن تحلق أو تقصر .

والخيار لمن له وفرة من الرجال ولم يلبد ، ولا ضفر ولا عقص ؛ لقول الله تعالى : لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين [الفتح : 27] .

والحلاق أفضل ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اللهم ارحم المحلقين" . قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : "اللهم ارحم المحلقين . . ." الحديث . وفيه : بيان أن الحلاق والتقصير سنة ، ليس إباحة بعد حظر ؛ لأن حلاق من له وفرة مثلة . [ ص: 1224 ]

وقال روح بن يزيد : قال لي عمر بن عبد العزيز : إياك والمثلة ؛ حلاق الرأس واللحية . فجعله مثلة وقرنه بحلاق اللحية ، وقد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وفرات فحلقوا . ويؤيد ذلك تقصير النساء ، فلو كان مباحا لم يقصرن ؛ لأن ذلك لا يقصد به إماطة الأذى .

قال مالك في تقصير الرجال : يجزئ ذلك يجز ، وإن أخذ من أطرافه أخطأ ويجزئه .

وليس كذلك المرأة ، وقالت عائشة - رضي الله عنها - : يجزئهن قدر التطريف . قال مالك : وحلاق المعتمر أحب إلي إلا أن تتقارب أيام الحج ، فيقصر أحب إلي . [ ص: 1225 ]

واختلف فيمن حلق بالنورة ، وأرى أن يجزئه ، واستحب مالك إذا حلق أن يأخذ من لحيته وشاربه وأظفاره ، وذكر أن ابن عمر - رضي الله عنها - كان يفعله .

التالي السابق


الخدمات العلمية