1. الرئيسية
  2. التبصرة
  3. كتاب الجهاد
  4. باب في الطعام يكون في المغانم وما لا يستطاع نقله من الأمتعة والطعام والحيوان والناس
صفحة جزء
باب في الطعام يكون في المغانم وما لا يستطاع نقله من الأمتعة والطعام والحيوان والناس

ولمن غنم طعاما أن يختص بمنفعته ؛ لحديث عبد الله بن مغفل - رضي الله عنهم - ، قال : "أصبت جراب شحم يوم خيبر ، وقلت : لا أعطي منه شيئا ، فالتفت فإذا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يبتسم" أخرجه البخاري ومسلم .

وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - ، قال : كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه . أخرجه البخاري . والحكم فيما يأكله ويعلفه سواء .

وكذلك الجواب عند مالك فيما أصاب غيره من الطعام وجمع في المقاسم : ينتفع به من احتاج إليه من غير استئذان . قال مالك : وكذلك البقر والغنم هي لمن أخذها يأكل وينتفع .

وكذلك إن أصابها غيره وجمعها الإمام ، ثم احتاج بعضهم الأكل ؛ فيأخذه [ ص: 1431 ] من غير استئذان ، وكذلك ما قل قدره من غير الطعام .

فقال في جلود البقر والغنم تكون في المغانم : لا بأس أن يتخذ منها نعالا وخفافا ، أو حزما إن احتاجوا إليها .

وقال في كتاب محمد : إن الذي يرد مثل الكبة ، والخيط ، وما ثمنه قليل- أخاف أن يرائي بهذا ، وليس يضيق على الناس .

والأحاديث في هذين : الغنم والقليل من غيرها- على خلاف الطعام ، فقال رافع بن خديج - رضي الله عنه - : "كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة من تهامة ، فأصاب الناس جوع ، وأصبنا إبلا وغنما ، فعجل القوم فأغلوا منها القدور ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكفئت ، ثم عدل عشرا من الغنم بجزور . . ." الحديث .

وذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغلول ، فجاء رجل بشراك أو شراكين ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : شراك أو شراكان من نار . [ ص: 1432 ]

والقدر الذي يجوز له إمساكه من الطعام : ما يأكله في مقامه ، وفي رجعته إلى بلده ، أو يفضل ما لا قدر له .

فإن كان له قدر- رده وكان مغنما ، وإن افترق الجيش تصدق به . وإن كان قدر حاجته فباعه وآثر الثمن على حاجته- كان مغنما ، ولا يرد الثمن على المشتري إن كان المشتري من غير الجيش أو من الجيش واشتراه للتجارة ، وإن اشتراه لأكله رد عليه الثمن .

وقال ابن القاسم في العتبية : من باع طعاما بأرض الحرب ممن يأكله رد الثمن في المغنم لا على المبتاع .

وهذا إذا كان المشتري من غير الجيش أو ممن خرج لغير الجهاد أجيرا أو تاجرا .

وقال ابن القاسم : إن استقرض طعاما لم يلزمه رده على المقرض ؛ لأن عليه أن يعطي ما استغنى عنه .

فإذا لم يكن على المستقرض غرم المثل ، لم يكن على المشتري ثمن ، ولو كان الطعام قدر حاجته أياما ، فأقرضه بعضه ليأخذه وقت حاجته كان ذلك له .

وأجاز سحنون بدل القمح بالشعير متفاضلا . ومنعه ابن أبي الغمر ، [ ص: 1433 ] إلا مثلا بمثل .

والأول أقيس ؛ لأن كل واحد منهما إنما يعطي ما استغنى عنه ، فللآخر أن يأخذه بغير عوض .

واختلف فيمن باع طعاما فاشترى بثمنه طعاما آخر : فكرهه ابن حبيب ، ورأى الثمن مغنما خلاف المبادلة .

وقال سحنون : قال بعض أصحابنا : إن باعه لحاجته ؛ ليصرف ثمنه في كسوة أو سلاح ولا شيء عنده لا بأس به ، كما لو أخذه من المغنم ، فإن بلغ بلاده تصدق به . وإن كان ليتأثل ثمنه وكان له قدره كان مغنما .

واختلف عن مالك فيمن احتاج إلى فرس من المغنم : فقال مرة : له أن يأخذها ويقاتل عليها ويركبها ، حتى يقفل إلى أهله ، ثم يردها إلى الغنيمة .

وأجاز ابن القاسم مثل ذلك في السيف والثوب يأخذه من الغنيمة فينتفع به حتى يقدم أهله . [ ص: 1434 ]

وروى ابن وهب وابن زياد عن مالك أنه لا ينتفع بدابة ولا بسلاح ولا بثوب .

قال : ولو جاز ذلك لجاز أن يأخذ دنانير يشتري بها .

وأرى أن ينتفع بالفرس والسيف ليقاتل عليه وبه ؛ لأن هذا من باب الذب عن المسلمين ، فإذا انقضى القتال رده ولم يقفل به . وإذا كان قسم الغنيمة قبل القفول أبين ألا يؤخر قسم ما أخذ . وسهمان الفرس له ، وعليه إجارة المثل ، ولا ينتفع بالثوب على حال ، إلا أن يقوم عليه ليحاسب به .

واختلف إذا صاد طيرا أو حيتانا لها قدر : فقال محمد : إن باع ذلك جعل الثمن في المقاسم . وقال مالك وغيره في كتاب ابن حبيب : الثمن له .

وقال مالك : إن اتخذ سرجا أو صنع مشجبا- فهو له ولا يخمس .

وقال ابن الماجشون : إن كان شيئا له قدر كانت له إجارته وكان مغنما .

وقال مالك : لا بأس أن يأخذ من أشجار الدواء وإن أخذه للبيع وكثر ثمنه في بلاد الإسلام .

وهو أقيس ، ولا شيء عليه في جميع ما تقدم ذكره ؛ لأنها ليست من أموال العدو ، ولا يقصدها الناس ليغنموها ، وهي مما يرحل الجيش عنها ويتركونها ، [ ص: 1435 ] والحوت والطير والشعاري في ذلك سواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية