فصل [في أحوال المنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع؟]
المنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع; على أربعة أوجه:
فما مات منها مما نزل به من ذلك حرام، وما لم يمت منه فذكي، ولو ترك لعاش حلال، وإن لم ترج حياته كان ما حدث به من ذلك في موضع الذكاة; كفري الأوداج لم يؤكل .
واختلف إذا لم يكن في موضع الذكاة; فقيل: يذكى ويؤكل. وقيل: لا يؤكل.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المدونة في المتردية من جبل فيندق عنقها، أو اندق منها ما يعلم أنها لا تعيش معه. قال: تؤكل ما لم يكن نخعها . وفرق بين انقطاع النخاع وغيره. وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم أنها تؤكل وإن انتشرت الحشوة .
[ ص: 1600 ]
واختلف في معنى قول الله -عز وجل-:
إلا ما ذكيتم [المائدة: 3]. فقيل: ذكيتم من غير هذه المتقدم ذكرها، وأنه استثناء منقطع، وقيل: إلا ما ذكيتم من هذه المذكورة. وهو أحسن; لأنه لا خلاف أن الآية في المنخنقة وأخواتها ليست على عمومها، ولو كانت على عمومها لم تؤكل وإن ذكيت وكانت ترجى حياتها، وإن لم تكن الآية على عمومها كان حملها على ما مات من ذلك أحسن; للحديث الذي في الشاة التي نزل بها الموت فسوبقت بالذكاة، فأجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - أكلها .
ولا فرق بين أن تكون أشرفت على الموت من علة نزلت بها في أحشائها ، أو من هذه الأشياء.
وقد احتج من منع أكلها بأن قال: لو كان المراد بالآية ما مات من هذه الأشياء -الخنق وغيره- لكان قوله -عز وجل-:
حرمت عليكم الميتة [المائدة: 3] يغني عن ذلك.
[ ص: 1601 ]
وليس كما قال; لأن الميتة عند العرب: ما مات حتف نفسه، ليس ما مات من هذه الأشياء، ولو لم يبين الله -عز وجل- الحكم فيما مات من هذه الأشياء ; لأمكن أن يقع لهم أنها حلال وأن الحكم فيها بخلاف موتها حتف نفسها، أو يشكل عندهم الحكم في ذلك، فأخبر الله تعالى أن الحكم فيها التحريم.