باب فيمن نذر إحراما بحج أو بعمرة وما حكمه
ومن المدونة: قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيمن
قال: إن كلمت فلانا فأنا محرم بحج، فحنث قبل أشهر الحج: لم يلزمه حتى تأتي أشهر الحج فيحرم ، إلا أن يكون نوى أنا محرم من حين حنث; فذلك عليه وإن كان في غير أشهر الحج. وإن قال: فأنا محرم بعمرة; فأرى أن يجب عليه الإحرام حين يحنث، إلا ألا يجد من يخرج معه، ويخاف على نفسه; فلا أرى عليه شيئا حتى يجد من يصحبه، ولا يؤخر في شيء من ذلك إلى الميقات .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون: إذا قال; فأنا محرم; فهو محرم بنفس الحنث، وسواء في ذلك الحج أو العمرة. وإن قال: فأنا أحرم بحج أو بعمرة فحنث; لم ينعقد عليه إحرام بنفس الحنث حتى يحرم، وهو بمنزلة من قال: فأنا أصلي أو أصوم أو أعتق أو أطلق امرأتي، فإنه لا يكون ممتثلا بنفس الحنث.
وأما قوله: "محرم" ففيه إشكال; فيصح أن يريد: فقد صرت محرما، كقوله: فامرأتي طالق; أي: فقد صارت ذات طلاق، ولأن طالقا صفة لها، وللحالة التي هي بها.
ويصح أن يريد: فأنا أحرم; لأن "محرما" اسم فاعل يكون للماضي وللحال وللاستقبال، والإحرام ينعقد بالقلب من غير فعل الجارحة كالطلاق، إلا أنه يعترض من وجه آخر، وهو: أن الإحرام عبادة تفتقر إلى نية، ومن شرط
[ ص: 1645 ] العبادات الصلاة والصيام أن تكون النية مقارنة للفعل أو مقاربة له، وهذا غير موجود في الحالف، وقد يمضي ليمينه السنون ثم يحنث.
وفرق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بين حنثه للحج والعمرة، وأمره أن يؤخر الإحرام بالحج حتى يدخل أشهر الحج احتياطا للخلاف، ولقول من قال: إنه لا يجوز أن يحرم للحج قبل أشهر الحج. فإن لم يفعل وأحرم قبل ذلك أو كانت تلك نيته; لزمه وأمره بتعجيل الإحرام للعمرة; لأن كل أيام السنة لها وقت، فأمر بالمبادرة لامتثال الطاعة، وهو فيمن قال: إن الأمر على الفور أبين، إلا أن لا يجد صحبة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون: عليه أن يحرم، وإن لم يجد صحبة .
والقول الأول أحسن; للحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=673432 "كان يحرم حيث تنبعث به راحلته" ويتوجه للذهاب، وليس من السنة أن يحرم ويقيم في أهله. ولأن عقد اليمين لم يتضمن الإحرام بالفور، وإنما ذلك مما يستحسن تعجيله; لأن
[ ص: 1646 ] من حلف ليفعلن لا يجب عليه فعل ذلك عقيب يمينه .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=14883أبو محمد عبد الوهاب : إنما لزمه ذلك حين حنث; لأن النذور المطلقة محمولة على الفور، أو عقيب السبب الذي علق النذر به. قال: ألا ترى لو حلف ألا يكلم فلانا، ولا فعل كذا، فإنه يلزمه ذلك عقب يمينه بلا فصل، فكذلك هذا .
وهذا غير صحيح; لأن من حلف ألا يكلم فلانا تضمنت يمينه نفي الكلام، فمتى وجد منه الكلام حنث; لأنه ضد ما حلف عليه.
ومن حلف ليفعلن لا يحنث بمضي وقت لم يوجد منه فيه الفعل، وإن قال: إن كلمت فلانا فأنا أحرم يوم أكلمه فكلمه; لم يكن محرما بمضي ذلك اليوم، وهو بمنزلة من قال: فأنا أصلي أو أصوم أو أطلق زوجتي يوم أكلمه، فإن مضى ذلك اليوم; لم يجب عليه طلاق، ويؤمر بقضاء الصلاة. فإن قال: فأنا محرم يوم أكلمه; جرى الخلاف المتقدم على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون .
[ ص: 1647 ]