باب الأيمان
الأيمان على ثلاثة أوجه: جائزة، وممنوعة، ومختلف فيها، هل تجوز أم لا؟. فالأول:
اليمين بأسماء الله تعالى، كقوله: والله، والرحمن، والرحيم، والعزيز، والقدير .
وقال الله عز وجل:
فيقسمان بالله [المائدة: 106] ، وقال:
فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله [النور: 6]. فكل يمين بالذات جائزة، وإن اختلفت الأسماء.
والثاني:
اليمين بالمخلوقات، كقوله:
والكعبة، والنبي، والآباء، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=76552 "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" . فمن حلف بذلك بعد علمه بالنهي; فليستغفر الله، ولا كفارة عليه.
والثالث:
اليمين بصفات الله تعالى; بعزته أو قدرته.
فاختلف في جواز اليمين بها، وهل تجب الكفارة على من حلف بها؟ فالمشهور من المذهب الجواز، وأن كفارتها كفارة اليمين بالله.
[ ص: 1674 ]
وقال في كتاب
محمد فيمن حلف، فقال: لعمر الله: لا يعجبني أن يحلف به أحد.
وقال فيمن قال: وأمانة الله: نحن نكره اليمين بها .
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"ليس منا من حلف بغير الله" . قال: فمن جهل فحلف بها; كان فيها كفارة اليمين بالله. فمنع اليمين بالصفة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"ليس منا من حلف بغير الله" . وفي كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب مثل ذلك: أن لا يحلف بما ذكره
محمد ، واستشهد بالحديث.
وفي كتاب
محمد ، فيمن قال: لعمر الله وايم الله، أخاف أن يكون يمينا . فشك.
وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=16338لابن القاسم فيمن حلف بالقرآن أو بالكتاب، أو بما أنزل الله تعالى: أترى ذلك كله يمينا؟ قال: أحسن ذلك والذي تكلمنا فيه: أن كل ما سمى من ذلك يمين; يريد: أنه اختلف فيه، وروى
علي بن زياد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إذا قال: لا والقرآن، لا والمصحف; ليس بيمين، ولا كفارة على من حلف به فحنث .
[ ص: 1675 ]
وأرى أن تجوز اليمين بالصفة; لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، قال: قال رسول الله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=656088 "آخر أهل الجنة دخولا رجل يخرج من النار، ويبقى مقبلا بوجهه إلى النار، فيقول: يا رب، قشبني ريحها، وأحرقني ذكاؤها، فاصرف وجهي عن النار، فيقول: لعلك إن أعطيتك أن تسألني غيره، فيقول: لا وعزتك" .
وفي حديث آخر:
nindex.php?page=hadith&LINKID=656168 "تقول جهنم: قط قط وعزتك" ، وقال
أيوب: nindex.php?page=hadith&LINKID=653140 "بلى وعزتك، ولكن لا غنى لي عن بركتك" الحديث ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . ومحمل النهي في الحلف بغير الله أن ذلك في المخلوقات، وأما الكفارة; فإنما وردت فيمن حلف بذاته، فقيست اليمين بالصفة على ذلك.