صفحة جزء
فصل [في أنواع النذر من حيث الإبهام والتعليق والتقييد]

النذر ثلاثة: مبهم مجرد من اليمين، ومعلق بيمين، ومقيد.

فإن كان مبهما، كان فيه كفارة اليمين بالله، وهذا قول مالك ، وبه قال غير واحد من التابعين .

وفي كتاب مسلم : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "كفارة النذر كفارة اليمين" . [ ص: 1681 ]

وروي عن ابن عباس أنه قال: عليه أغلظ الكفارات كالظهار ،

يريد: لأنه لم يسم اليمين بالله ولا نواها.

وقيل: إن شاء أو أطعم مسكينا أو صلى ركعتين.

يريد: لأن كلها مما يصح أن ينذر، فلا تعمر ذمته إلا بأقل النذور .

وروي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها نذرت أن لا تكلم ابن الزبير ، ثم كلمته، فأعتقت أربعين رقبة . وكانت متخوفة أن لا تكون وفت بنذرها وأنها حانثة، ورأت أن الذمة معمورة بنذر، فلا تبرأ بأقله.

وفي كتاب محمد : فإن قال: علي نذر لا يكفره صيام ولا صدقة، ثم حنث; فليستغفر الله، ويكفر كفارة اليمين بالله. قال: وكذلك، إذا قال: علي نذر لا كفارة له .

وإن علقه بيمين، فقال: علي نذر إن فعلت، أو أن فعلت، أو لا فعلت، أو إن لم أفعل، أو لا أفعلن ، افترق الجواب. فإن قال: علي نذر إن أعتقت هذا العبد، أو شربت هذه الخمر، كانت يمينا منعقدة، ولا شيء عليه الآن; لأنه [ ص: 1682 ] على بر. فإن أعتق أو شرب، كفر كفارة النذر، ويمضي العتق. وإن قال: علي نذر أن أعتق، أو أن أشرب خمرا، كان نذرا مجردا من اليمين مقيدا; لأن (أن) مع الفعل بمعنى المصدر، فكأنه قال: علي نذر عتق هذا العبد، وشرب هذه الخمر. فيوفي بما كان فيه طاعة، ولا شيء عليه في الآخر، لا كفارة ولا غيرها. وإن قال: علي نذر إن أعتقت، أو إن شربت الخمر، كان عليه كفارة النذر في الوجهين جميعا إذا كان تقدم له شرب أو عتق. فجعل النذر لأجل ذلك. فإن قال: علي نذر أن لا أعتقه، أو لأشربنها، كانت يمينا بالنذر على ترك العتق، أو الشرب. وهو كقوله: إن فعلت ذلك، فلا شيء عليه الآن. فإن فعل; كفر كفارة اليمين بالله. وإن قال: إن لم أعتق، أو إن لم أشرب; كانت يمينا منعقدة. وهو بالخيار بين العتق أو الكفارة، ويؤمر بالكفارة عن قوله: إن لم أشرب، إلا أن يجتزئ على الشرب.

وقال محمد : إن قال علي نذر لأعتقن أو لأشربن; كان العتق والشرب هو المنذور، كالذي يقول: أن أشرب، أو: أن أعتق. وليس بحسن، وهو بمنزلة من قال: إن لم أفعل. فإن فعل; سقط نذره، وإن لم يفعل; كفر كفارة النذر. [ ص: 1683 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية