صفحة جزء
باب فيمن حلف بيمين على أشياء أو بأيمان على شيء واحد

وقال مالك ، فيمن قال لأربع نسوة له: والله، لا أجامعكن، أو لا أكلمكن ففعل; فكفارة واحدة تجزئه .

واختلف إذا أصاب واحدة أو كلمها، فقال مالك : قد حنث في يمينه .

وقال أبو القاسم ابن الجلاب : يتخرج فيها قول آخر: أن لا يحنث حتى يفعل جميع ما حلف عليه . وإن قال لواحدة: والله، لا أكلمك . ثم قال للأخرى: ولا أنت. فإن كانت تلك نيته من أول يمينه; كان كالذي قال: لا أجامعكن. فإن كان ذلك بنية حدثت بعد تمام اليمين; جرت على القولين، إذا نسق الاستثناء بنية حدثت بعد تمام اليمين. وعلى الاختلاف فيمن طلق زوجته قبل الدخول طلقة، ثم نسق أخرى، فمن جعل ذلك استثناء، وألزم الطلقة الثانية; أدخل هؤلاء في اليمين الأولى. ومن لم يجعل ذلك استثناء، ولا ألحق الطلقة الثانية; لم يدخل هؤلاء في اليمين.

وإذا لم يصح دخولهن في اليمين; لم يكن عليه شيء فيهن، كأنه لم يحدث يمينا أخرى. وإن أراد بقوله: ولا أنت، يمينا نواها حينئذ غير اليمين الأولى; لزمه. [ ص: 1691 ]

وكذلك إذا عطف على الأربعة، فقال: ولا أنت، ولا أنت. وأحدث نية يمين عند عطفه على كل واحدة، فيلزمه أربع كفارات.

وإن أحدث نية يمين عند العطف على الأولى، يريد بقوله: ولا أنت: جميع البواقي; كان عليه كفارتان، وكن الثلاث داخلات في اليمين الثانية.

وقال مالك في كتاب محمد ، فيمن قالت له زوجته: يا ابن الخبيثة ثم جحدت ذلك، فقال لها: أنت طالق إن لم تكوني قلت لي: يا ابن الخبيثة. ثم سكت قليلا، ثم قال: لقد قلتها لي ثلاث مرات. ثم شك فيما بعد الواحدة، فقال مالك : ما أرى عليه شيئا، إلا أن يقول: أردت به طلاقا، أو ذكرته . وقال ابن القاسم : إن كان كلاما واصلا; فذلك يلزمه، وإن كان بين ذلك صمات; فلا شيء عليه، إلا أن ينوي بكلامه أن يدخله في يمينه .

وقول مالك : لا شيء عليه. وإن كان واصلا بيمينه، إلا أن ينوي إدخال قوله تحت اليمين المتقدمة، أو يحدث نية يمين أخرى أبين. وليس كقوله: وأنت وأنت; لأن ذلك أتى بواو العطف على الأولى، وهذا استأنف قولا، ولم يعطف.

وإن كرر اليمين على شيء واحد في مجلس أو مجالس، فقال: والله والله، لا فعلت كذا; كانت يمينا واحدة، إلا أن ينوي يمينين، فيكون عليه كفارتان. وكذلك لو قال: والله فوالله، إلا أن ينوي يمينين.

قال محمد : ولو قال: والله، ثم والله، ثم والله إن كلمت فلانا; فليس عليه [ ص: 1692 ] إلا كفارة واحدة .

وأرى أن يكفر عن كل يمين كفارة، وهذه أيمان، وهو بمنزلة من قال: علي ثلاثة أيمان.

وقال محمد بن عبد الحكم ، فيمن قال: والله ووالله ووالله، لا أفعل، في شيء واحد: فعليه ثلاث كفارات. قال: وإنما تكون كفارة واحدة إذا قال: والله والله والله.

وقال مالك في كتاب محمد ، فيمن حلف بالله في شيء أن لا يفعله، فقيل له: إنك ستحنث. فقال: والله، لا أحنث. ثم حنث: فعليه كفارتان .

قال محمد : ولو قال: علي نذر إن فعلت كذا، علي نذر إن فعلت كذا ففعله ; فعليه كفارتان . [ ص: 1693 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية