باب في
تقديم الكفارات قبل الحنث
الأيمان أربعة:
أحدها: ما كان الحالف فيه على بر، كقوله: لا كلمت فلانا، أو لا دخلت هذه الدار.
والثاني: ما كان فيه على حنث، ولا يحنث إلا بموت نفسه، كقوله: لأدخلن هذه الدار، أو لأتزوجن. ولم يسم امرأة.
والثالث: ما كان يصح أن يحنث به في الحياة، كقوله: لأكلمن فلانا، أو لأتزوجن فلانة، أو لأركبن هذه الدابة.
والرابع: أن يحلف ليفعلن، ويضرب أجلا.
فأما من كان على بر; فاختلف فيه على أربعة أقوال: فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم :
اختلفنا في الإيلاء: هل تجزئ إن قدم الكفارة؟ فسألنا
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا، فقال: بعد الحنث أعجب إلي، وإن فعل أجزأ .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في كتاب
محمد : يمضي، للحديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=36260 "من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرا منها; فليكفر" .
[ ص: 1694 ]
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14883أبو محمد عبد الوهاب ، عنه: أنه أجاز ذلك ابتداء .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14009ابن الجلاب عنه، أنه قال مرة: لا تجزئ. وقيل: يجوز إن كانت اليمين بالله، ولا تجوز إن كانت بطلاق أو عتق أو صدقة أو مشي ، يريد: ما لم يكن أخر طلقة، أو عبدا معينا.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16338وابن القاسم فيمن آلى بعتق رقبة غير معينة، فأعتق قبل الحنث: ذلك يجزئه . ويجري على هذا الطلاق، وإن لم تكن طلقة بعينها، والصدقة.
وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لمن كان على حنث، فقال: لأفعلن، ولم يضرب أجلا: أن يقدم الكفارة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون في ثمانية
أبي زيد ، فيمن حلف بالله ليتصدقن بدينار، فأراد أن يحنث نفسه: فيكفر، ولا يتصدق. قال: لا يجزئه حتى يحنث، واليمين عليه كما هي. قال: وهذا لا يتبين حنثه; حتى يموت.
واختلف إذا ضرب أجلا على ثلاثة أقوال:
فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المدونة، فيمن قال:
أنت طالق إن لم أتزوج عليك، فأراد أن [ ص: 1695 ] لا يتزوج عليها: يطلقها، ثم يرتجعها، ولا شيء عليه، قال: وإن قال: إن لم أتزوج عليك إلى شهر; جاز له أن يطأ; لأنه على بر، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم : وإذا كان على بر، فليس له أن يحنث نفسه .
وقال في كتاب
محمد : إذا قال: أنت طالق إن لم أتزوج عليك، وضرب أجلا، أو لم يضربه; له أن يحنث نفسه. وقال أيضا: إن حلف بالله، فذلك له. وفيما كفارته كفارة اليمين بالله، وقال
محمد فيمن حلف ليكلمن فلانا، أو ليركبن هذه الدابة، ولم يضرب أجلا: أن حياتهما كالأجل، بخلاف من حلف على ما لا يحنث إلا بموت نفسه.
وعكس ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابن كنانة في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب ، وقال: إن حلف بعتق جاريته ليسافرن، أو ليأتين بلد كذا; فله أن يصيبها. لأنه لا يتبين حنثه إلا بموته وهي كالمدبرة وإن كان مما يقع عليه الحنث في حياته، مثل أن يحلف ليضربن جاريته، أو ينحر بعيره; فلا يطأ.
والقياس في جميع ذلك فيمن حلف لأفعل أو ليفعلن، ولم يضرب أجلا، أو ضرب أجلا وأراد أن يكفر قبل مضي الأجل; سواء.
والقول أن هذا على بر، وهذا على حنث لا يؤثر في تقديم الكفارة; لأن من حلف ليفعلن ولم يضرب أجلا، في حين إخراج الكفارة قبل الحنث تطوع بما لم يجب عليه.
[ ص: 1696 ]
ولو بدا له بعد أن أراد أن يكفر أن ينتقل إلى أن يدخل الدار أو يكلم فلانا; لم يلزمه بالنية المتقدمة شيء.
فأما أن يقال إنه متطوع بالكفارة في جميع ذلك، فلأنها لم تجب، فلا تجزئ، أو أنها تجزئ. وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المولي إنها تجزئ. يدخل فيه جميع الأيمان; من حلف لأفعلن، أو ليفعلن وضرب أجلا، أو لم يضرب أجلا أنها تجزئ، وهو أحسن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=36260 "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليكفر، وليأت الذي هو خير" ، وروي أيضا عنه، أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=660123 "فليأت الذي هو خير، وليكفر" . وكلا الروايتين تتضمن جواز تقديم الكفارة; لأن الواو لا توجب رتبة، فتركهم على ما يوجبه اللسان، يقدم الحالف أيهما أحب الكفارة أو الحنث.
ولو كان تقديم الكفارة لا يجوز; لأتى به، وقال: فليفعل، ثم ليكفر; ولأن موضعه البيان; فلا يجوز تأخيره حينئذ، ويتركهم على ما يقتضيه اللسان، والفاء في قوله: "فليفعل، وليكفر"; فإنما أبان ما يفعله بعد اليمين،
[ ص: 1697 ] وهما شيئان; كفارة وحنث، كالقائل: إذا دخلت الدار; فكل واشرب.
فله أن يقدم بعد الدخول أحدهما على الآخر، وفي
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=73920أن nindex.php?page=showalam&ids=18العباس سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته لعام قبل أن تحل، فأرخص له في ذلك .