صفحة جزء
فصل [الكفارة بالصيام لمن عجز عن العتق والكسوة والإطعام]

قال ابن القاسم : ومن كانت له دار يسكنها، أو خادم يخدمه; لم يجزئه الصوم فيجوز له أخذ الكفارة، ولا يجزئه الصوم .

قال محمد : لا يصوم; حتى لا يجد إلا قوته، أو يكون في بلد لا يعطف عليه فيه، وقال ابن القاسم ، في كتاب ابن مزين : إذا كان له فضل عن قوت يومه; أطعم، إلا أن يخاف الجوع، وهو في بلد لا يعطف عليه فيه ، وجميع هذا حرج.

والمفهوم من الدين التوسعة فوق هذا، وأن لا يخرج إلى التكفف ; لأنه من الحرج.

واختلف فيمن له مال غائب: فقال ابن القاسم ، في المدونة: لا يجزئه الصوم، ولكن يتسلف .

وقال أشهب ، في كتاب محمد : يجزئه . [ ص: 1708 ]

وقيل: إذا كان يجيء ذلك قريبا; انتظر. وإن وجد من يسلفه; تسلف. وإن صام وهو يجد من يسلف، ولم ينتظر; أجزأه ، وأصل ابن القاسم أنه ينتظر، وإن بعد; لأنه قال في المظاهر لا يجزئه إلا الصوم وإن طال مرضه .

وقال أشهب : يجزئه الإطعام، وهو أحسن إذا طالت الغيبة، أو طال المرض; لأنه يجب أن يبرئ ذمته الآن. ويستحب متابعة صيام الأيام الثلاثة، وإن فرق أجزأه، ولا يصومها في أيام التشريق.

واختلف إذا فعل: فقال محمد : إن صام أيام التشريق; لم يجزئه، وعليه الإعادة. قال: وقد وقف مالك عن ذلك ، وقال: ما أدري.

قال: وأما يوم الفطر ويوم النحر; فواجب أن يقضيه. فسوى بين الأيام الثلاثة في عدم الإجزاء، وفي الوقوف .

وقال ابن القاسم في المدونة، في اليوم الآخر: عسى أن يجزئه . وقال المغيرة وأبو مصعب: يجزئه صيام أيام التشريق.

وقال مالك في المبسوط: من نذر اعتكاف أيام التشريق; اعتكفها . وهذا أحسن لحديث عمر - رضي الله عنه - قال: "هذان يومان نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيامهما: [ ص: 1709 ]

يوم فطركم من صيامكم، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم"
وحديث أبي هريرة وأبي سعيد قالا: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صيام يومين: الفطر والأضحى" أخرج هذه الأحاديث البخاري ومسلم فلو كانت أيام التشريق محرمة لقالوا: خمسة أيام ولأن المتمتع يصومها ولا يصوم يوم النحر فلو كانت محرمة لم يصمها كما لم يصم يوم النحر وإذا كان ذلك حمل ما ذكر من ترك صيامها على الاستحسان لا أنها حرام.

التالي السابق


الخدمات العلمية