فصل [في
تزويج الأب ابنه، والابن ساكت ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم : إذا زوج الأب ابنه، والابن ساكت، ثم أنكر بعد فراغ الأب من العقد، وقال: لم آمره ولم أرض، وإنما سكت لأني علمت أن ذلك لا يلزمني- أنه يحلف على ذلك ويبرأ .
قال الشيخ - رضي الله عنه -: لا يخلو إنكار الابن من ثلاثة أوجه; إما أن يكون أنكر عندما فهم أنه يعقد عليه، أو بعد علمه وسكوته لتمام العقد، أو بعد تمام العقد وتهنئة من حضره، وانصرافه على ذلك.
فإن كان إنكاره عندما فهم أن العقد عليه كان القول قوله من غير يمين عليه; لأن الأب لم يدع أن ذلك فعله بوكالة، ولا أتى من الأمر ما يدل على الرضا.
وإن كان بعد علمه أنه نكاح يعقد عليه، وسكت، ثم أنكر بعد فراغ العاقد- حلف، كما قال في الكتاب: إنه لم يكن سكوته على الرضا بذلك .
واختلف إذا نكل عن اليمين: فقال الشيخ
أبو محمد عبد الله بن أبي زيد : لا شيء عليه. وقال غيره: يغرم نصف الصداق. والأول أحسن.
واليمين ها هنا استحسان; لاحتمال أن يكون سكوته على الرضا بذلك، ورجاء أن يقر، وليست التهمة في ذلك بالأمر البين لقرب ما بين علمه وإنكاره.
[ ص: 1831 ]
وإن كان إنكاره بعد تمام العقد، وانصرافه بعد ذلك على ذلك، والدعاء له حسب عادات الناس- لم يقبل قوله، وغرم نصف الصداق; لأن الظاهر منه الرضا، ولا يمكن منها; لإقراره أنه غير راض، وأنه لا عصمة له عليها.
وإن أقر وأحب الزوج في هذه الثلاثة أوجه بعد إنكاره أن يقيم على النكاح، فإن لم يكن منه سوى الإنكار، ولم يقل: رددت ذلك، ولا فسخته عن نفسي، وكان رضاه بالمقام بقرب العقد- كان ذلك له; لأن إنكاره الرضا لا يقتضي الرد، وإنما نفى عن نفسه أنه تقدم منه رضا.
ومن لم يرض مخير بين الرد والرضا بالقرب، وله مهلة النظر والارتياء والمشورة فيما يراه. واستحسن أن يستظهر باليمين أنه لم يرد بإنكاره الفسخ، فإن نكل لم يفرق بينهما، ولم أبحها لغيره بالشك، فكان بقاؤها مع من يدعي أنها زوجة بيقين .
وإن كان رضاه بعد أن طال الأمد وقوله: رددت العقد- لم يكن ذلك له إلا بعد مطالعة الزوجة ورضاها أن يستأنف العقد.
واختلف فيمن
ادعى الوكالة على رجل أنه وكله على تزويج امرأة، فزوجه إياها، وضمن الصداق، وأنكر الزوج، فاختلف في لزوم الصداق: فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا شيء عليه .
وقال
علي بن زياد : الصداق لازم له .
[ ص: 1832 ]
والقول الأول أصوب; لأنه لا يخلو أن يكون القصد بالضمان خوف جحود الوكالة، والتزويج، أو خوف فقر الزوج أو لدده، وأي ذلك كان لم يلزم الضمان.
فلا يصح الضمان إذا كان القصد جحود الوكالة، وهو بمنزلة من ادعى الوكالة على شراء سلعة على أنه إن أنكر المشترى له كانت السلعة والثمن للبائع وهذا غرر، وكذلك الزوجة يقول لها: إن جحد فالمبيع يبقى لك والثمن لك. وهذا أيضا غرر; لأنها دخلت على أنها تارة تأخذ الصداق عن الاستمتاع بها إن اعترف، وتارة تأخذه مع عدم الاستمتاع وبقاء المبيع لها.
وإن شرط الضمان بوجود الفقر لم يلزم; لأنه جحد ولم يفتقر ، وإن شرط ذلك إذا لد فإن القصد إن ادعى القضاء وهو مقر بالنكاح في موضع- يكون له المرجع إذا قضى عنه، وإذا جحد الأصل لم يكن له مرجع.