والذي ينبغي أن يقطع به المحصل ولا يستريب فيه ما سنذكره وهو أن العلم كما قدمناه في خطبة الكتاب ينقسم إلى علم معاملة وعلم مكاشفة ، وليس المراد بهذا العلم إلا علم المعاملة
(وقال) الإمام (أبو طالب) محمد بن علي بن عطية الحارثي (المكي) في كتابه "قوت القلوب إلى لقاء المحبوب" ترجمه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في التاريخ والذهبي في الميزان، فقال: الزاهد الواعظ صاحب القوت، حدث عن علي بن أحمد المصيصي، والمفيد، وكان مجتهدا في العبادة، حدث عنه ابن عبد العزيز الأزجي وغيره. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب: كان من أهل الجبل، ونشأ بمكة، ووعظ ببغداد، مات سنة ست وثمانين وثلاثمائة. اهـ .
قلت: وأخذ عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن سالم، وأبي سعيد بن الأعرابي، وأبي عثمان المغربي، وعنه ولده عمر بن أبي طالب.
وفي كتاب لطائف المنن نقلا عن الشاذلي: إن كتاب الإحياء يورث العلم، وكتاب القوت يورث النور، وكان يقول: عليكم بالقوت فإنه قوت، وتلقاه كل الصوفية بقبول، وأثنوا عليه، كسيدي عبد الجليل القصري صاحب شعب الإيمان، وابن العريف، وكان يسميه السهروردي ديوان الإسلام، وأثنى على مؤلفه في عوارفه، وابن عباد في رسائله .
قال رحمه الله في كتابه المذكور بعد أن أورد الأقوال التي ذكرناها ما نصه: فهذه أقوال العلماء في معنى هذا الخبر، حكينا ذلك عن علمائنا بمذاهبهم على معنى مذهب كل طائفة، واحتججنا لكل قول، فالألفاظ لنا والمعنى لهم، هذا كله حسن ومحتمل، وهؤلاء كلهم وإن اختلفوا في تفسير الحديث بألفاظ فإنهم متقاربون في المعنى، إلا أهل الظاهر منهم فإنهم حملوه على ما يعلمون، وأهل الباطن تأولوه على علمهم، ولعمري إن الظاهر والباطن علمان لا يستغني أحدهما عن صاحبه بمنزلة الإسلام والإيمان، مرتبط كل واحد منهما بالآخر، كالجسم والقلب، لا ينفك أحدهما عن صاحبه، وهؤلاء المختلفون في الأقوال مجمعون على أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يرد بذلك طلب علم الأقضية والفتاوى، ولا علم اختلاف المذاهب، ولا كتب الحديث مما لا يتعين فرضه، وإن كان الله تعالى لا يخلي من ذلك من يقيمه بحفظه، والذي عندنا في حقيقة هذا الخبر -والله أعلم- أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "طلب العلم فريضة" (هو العلم بما يتضمنه الحديث الذي) ذكرت فيه (مباني الإسلام، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=650007 "بني الإسلام على خمس") هكذا في النسخ، وهي الرواية المشهورة، وفي نسخة: على خمسة، وهي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم، والتقدير: خمسة أشياء أو أركان أو أصول، وفي رواية عبد الرزاق: "على خمس دعائم" .
ولنذكر أولا تخريج هذا الحديث، ثم نلم ببقية كلام الإمام أبي طالب .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا من رواية عاصم بن زيد بن محمد بن عمر، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، وقال: حسن صحيح. اهـ .
قلت: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في أول صحيحه، فقال: حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة بن أبي سفيان، عن عكرمة بن أبي خالد، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، ورواه في التفسير، وقال فيه: وزاد عثمان بن وهب، أخبرني فلان وحيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر.
وأخرجه مسلم في الإيمان عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، عن حنظلة، وعن ابن معاذ، عن أبيه، عن عاصم بن محمد، عن أبيه، عن جده، وعن ابن نمير، عن nindex.php?page=showalam&ids=11994أبي خالد الأحمر، عن سعد بن طارق، عن سعد بن عمير، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، وعن سهل بن عثمان، عن nindex.php?page=showalam&ids=17313يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن طارق به، فوقع nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم من جميع طرقه خماسيا، nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري رباعيا .
وزاد nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في روايته عن حنظلة قال: سمعت عكرمة بن خالد يحدث nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا أن [ ص: 135 ] رجلا قال nindex.php?page=showalam&ids=12لعبد الله بن عمر: ألا تنفروا، فقال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر الحديث. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: اسم الرجل السائل حكيم، كذا في شرح العيني على nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري.
قلت: وفي المخلصيات من رواية يزيد بن بشر السكسكي، عن نسي والد عبادة: كنت عند nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فسأله رجل من أهل العراق فذكره، ويزيد بن بشر مجهول، ورواه كذلك nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في مسنده .
وممن روى عن حبيب بن أبي ثابت سعيد بن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=17074ومسعر بن كدام، وهو في المخلصيات من رواية محمد بن ميمون الحناط، عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة، عنهما .
وأخرجه المدني في مسنده عن سفيان، عن nindex.php?page=showalam&ids=17074مسعر وحده عنه، وهو في الغيلانيات من رواية حماد بن شعيب الحماني، عن nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15698حجاج بن منهال، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى، عن nindex.php?page=showalam&ids=16933محمد بن جحادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، وفيه زيادة، وليس لطلحة عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر شيء في الكتب الستة .
قلت: والمعنى واحد؛ لأن الشهادة هي قولنا: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله كما عرفت .
(لأن الواجب هذه الخمس، فيجب العلم بكيفية العمل فيها، وبكيفية الوجوب) ونص القوت: ثم إن العمل لا يصح إلا بعلمه، فأول العمل العلم به، فصار علم العمل فرضا من حيث افترض العمل، فلما لم يكن على المسلمين فرض من الأعمال إلا هذه الخمس صار طلب علم هذه الخمس فرضا؛ لأنه فرض الفرض. اهـ .
(والذي ينبغي أن يقطع به المحصل ولا يستريب) أي: لا يشك (فيه) هو (ما نذكره) ونورده الآن، وهذا الذي يذكره المصنف هو خلاصة ما ذكره أبو طالب في كتابه مع زيادة إيضاح وبيان لتقريره، كما يظهر لمن تأمل في كلاميهما .
(وهو أن العلم كما قدمناه في خطبة الكتاب ينقسم إلى علم معاملة وعلم مكاشفة، وليس المراد بهذا العلم إلا علم المعاملة) أي: علم المعاملة القلبية والقالبية، واعلم أن الفرض بعد التوحيد نوعان:
أحدهما: ما يكون فرضا على العبد بحكم الإسلام، وهو علم المعاملة القلبية، وإصلاح الباطن لازدياد الأنوار النفسية، وإزالة الأخلاق الردية، وإثبات الشمائل المرضية .
وثانيهما: ما هو فرض عليه عند تجدد الحادثة، كدخول وقت الصلاة والصوم والحج والزكاة وغيرها، وأما العبد إذا أسلم في وقت لم تجب عليه فيه هذه الأشياء فليس عليه أن يعلمها بفرض ... إدراك؛ لأنه لم يدرك وقتها، وإنما يكون الفرض عليه حينئذ علم المعاملة القلبية، فلو وجد برهة بعد الإسلام وفراغا ولم يشتغل في تحصيل علم المعاملة القلبية كان تاركا للفرض مسؤولا عنه يوم القيامة، وإن لم يتجدد له من تلك الفروض الظاهرة شيء كالصلاة ونحوها، فتأمل؛ فإنه إجمال سيفصله المصنف فيما بعد .