ثم قال المصنف : (ويكره في الوضوء أمور منها أن يزيد على الثلاث ) ، أي : يتجاوز الحد المسنون في الزيادة عليه في المرات الثلاثة بأن يجعلها أربعا من غير ضرورة ، وكذا النقصان بأن يجعلها اثنتين لغير ضرورة وقيل : المنهي عن الزيادة أو النقصان ما إذا كان معتقدا سنيتها فأما لو زاد لطمأنينة القلب عند الشك فلا بأس به ، كما أشار إليه النووي وسبق ذلك ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بترك ما يريبه إلى ما لا يريبه كذا في الكافي وغيره ، وفي الخلاصة : وإن غسل مواضع الوضوء أربع مرات يكره قال الفقيه أبو جعفر : لا يكره إلا إذا رأى السنة فيما وراء الثلاث ، وهذا إذا لم يفرغ من الوضوء ، فإن فرغ ، ثم استأنف الوضوء لا يكره بالاتفاق اهـ. قال شارح المنية من أصحابنا : وهو يفيد أن تجديد الوضوء على أثر الوضوء من غير أن يؤدي بالأول عبادة غير مكروه وفيه إشكال لإطباقهم على أن الوضوء عبادة غير مقصودة لذاتها ، فإذا لم يؤد به عمل مما هو المقصود من غير شرعيته كالصلاة وسجدة التلاوة ومس المصحف ينبغي ألا يشرع تكراره قربة لكونه غير مقصود لذاته فيكون إسرافا محضا ، وقد قالوا في السجدة : لما لم تكن مقصودة لم يشرع التقرب بها مستقلة ، وكانت مكروهة فهذا أولى اهـ. (و) من مكروهات الوضوء (أن يسرف في الماء) ، أي : في [ ص: 370 ] استعماله بأن يصرف فيه زائدا على ما ينبغي كأن يغسل أربعا وما أشبه ذلك ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث سعد nindex.php?page=hadith&LINKID=687613لما مر به صلى الله عليه وسلم ، وهو يتوضأ فقال له : ما هذا السرف يا سعد ؟ قال : أفي الوضوء سرف ؟ قال : نعم ، وإن كنت على نهر جار . فالإسراف في صب الماء مكروه ولو كان مملوكا أو نهرا ، وأما الموقوف كالمدارس فحرام كذا في الدر nindex.php?page=hadith&LINKID=4977 (توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ، وقال : من زاد فقد ظلم وأساء ) قال العراقي : أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي واللفظ له nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده اهـ .
(وقال إبراهيم بن أدهم) البلخي الزاهد (أول ما يبدأ الوسواس من قبل الطهور) وذلك أنه يلقي من الشيطان في هاجسه أنه لم يطهر بعد فيعتدي ، وفي العوارف قال أبو عبد الله الروزبادي : إن الشيطان يجتهد أن يأخذ نصيبه من جميع أعمال بني آدم ولا يبالي إن أخذ نصيبه بأن يزدادوا فيما أمروا به وينقصوا منه .
قلت : وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم ناولته زينب خرقة بعد طهارته فنفض يده ولم يأخذها فهذا يدلك على أن النفض مطلقا غير مكروه ولعل المصنف قيده بقوله : فيرش الماء نظرا لذلك فتأمل .