وقال الله عز وجل إن يسئلكموها : فيحفكم تبخلوا أي يستقصي عليكم وأما الحلق فلم يرد .
والإحفاء القريب من الحلق نقل عن الصحابة نظر بعض التابعين إلى رجل أحفى شاربه فقال : ذكرتني أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال المغيرة بن شعبة نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد طال شاربي فقال تعال فقصه لي على سواك ولا بأس بترك سباليه وهما طرفا الشارب فعل ذلك عمر وغيره لأن ذلك لا يستر الفم ولا يبقى فيه غمر الطعام إذ لا يصل إليه وقوله صلى الله عليه وسلم اعفوا اللحى أي كثروها وفي الخبر إن اليهود يعفون شواربهم ويقصون لحاهم فخالفوهم وكره بعض العلماء الحلق ورآه بدعة .
.
(الثاني شعر الشارب) ، وهو ما سال على الشفة العليا (وقد قال صلى الله عليه وسلم : قصوا الشوارب) واعفوا اللحى وهي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة (وفي لفظ آخر : جزوا الشوارب) وهي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن حديثه (وفي لفظ آخر : nindex.php?page=hadith&LINKID=657389حفوا الشوارب واعفوا اللحى ) ولم أر من خرج هذا اللفظ غير ما في كتاب القوت إلا أن معناه في المتفق عليه يقال : حف شاربه إذا أحفاه وحفت المرأة وجهها حفا زينته بأخذ شعره وفسره المصنف بقوله : (أي اجعلوها حفاف الشفة ، أي : حولها) وحفاف جمع حاف (وحفاف الشيء حوله) من حف القوم بالبيت أطافوا به فهم حافون وعبارة القوت أي اجعلوا حفاف الشفة ، أي : حولها ؛ لأن حفاف الشيء حوله (ومنه) قوله تعالى : ( وترى الملائكة حافين من حول العرش ) ، أي : مطيفين به (وفي لفظ آخر حفوا) الشوارب من الثلاثي المزيد وهي رواية الشيخين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يقال : أحفى شاربه إذا بالغ في قصه (وهذا يشعر بالاستئصال) وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وبعض التابعين ، وهو قول الكوفيين وأكثر الصوفية حتى قال بعضهم : من أحفى شاربيه نظر الله إليه واستدلوا بما تقدم من قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=657388أحفوا وجزوا وبرواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا nindex.php?page=hadith&LINKID=842686انهكوا الشوارب (وقوله : حفوا) الشوارب (يدل على ما دون ذلك) ، وهو المختار في صفة قصه أن يقص منه حتى يبدو طرف الشفة ، وهو حمرتها ولا يحفيه من أصله ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يرى حلقه مثلة ويأمر بأدب فاعله ، وكان يكره أن يأخذ من أعلاه (قال الله عز وجل : إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا أي يستقصي عليكم) من أحفاه في المسألة بمعنى ألح وألحف واستقصى (وأما الحلق فلم يرد) وتقدم أن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا كان يراه مثلة ويأمر بأدب فاعله قلت : ومن جهة الورود فقد ورد فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=657392خمس من الفطرة فذكر وحلق الشارب فقول المصنف لم يرد فيه نظر إلا أنه يحمل على الإحفاء القريب من الحلق لئلا تتضاد الروايات وإليه أشار المصنف بقوله : (والإحفاء القريب من الحلق) ، وهو المعبر عنه بالاستئصال فقد (نقل) ذلك (عن) جماعة من (الصحابة) رضوان الله عليهم منهم nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فإنه كان يرى استحباب استئصاله (نظر بعض التابعين رجلا أحفى شاربه فقال : ذكرتني أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال : هكذا كانوا يحفون شواربهم فقال : نعم كذا في القوت ، وهو دليل قوي للكوفيين ، وقد أجمعوا على استحباب القص وخالفهم الظاهرية فقالوا بوجوبه وتقدم المختار في صفة قصه والقائلون به حملوا رواية اعفوا وانهكوا وجزوا على القص وبعضهم [ ص: 409 ] حمل على إحفاء ما طال على الشفتين ويدل على أن المراد التقصير لا الاستئصال رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=671218خمس من الفطرة فذكر وتقصير الشارب ، لكن يعكر عليه رواية: وحلق الشارب وأشار المصنف إلى دليل التقصير بقوله : (وقال المغيرة بن شعبة ) الثقفي الصحابي شهد الحديبية وولي الكوفة مرات وبرأيه ودهائه يضرب المثل روى عنه بنوه nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وزياد بن علاقة مات سنة خمسين من الهجرة (نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد طال) ، وفي القوت ، وقد عفا (شاربي فقال تعال فقصه لي على السواك) رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في الشمائل وإسناده صحيح ووجه الاستدلال به أنه لو كان المراد استئصاله لما وضع السواك حتى يقطع ما زاد عليه ، وقال العراقي في شرح التقريب : وذهب بعض العلماء إلى أنه مخير بين الأمرين حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض ، ثم اختلفوا في كيفية قص الشارب هل يقص طرفاه أيضا وهما المسميان بالسبالين أم يتركان ، كما يفعله كثير من الناس ، وقد أشار إلى ذلك المصنف بقوله : (ولا بأس بترك سباليه وهما طرفا الشارب) عن يمين ، وعن شمال (فعل ذلك عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (وغيره) من الصحابة والتابعين منهم الحسن بن سالم ، كما في القوت (لأن ذلك لا يستر الفم) لبعدهما عنه (ولا يبقى فيه غمر الطعام) ، أي : زفره (إذ لا يصل إليه) وقت الأكل وفهم من ذلك أن سبب قص الشوارب هاتان العلتان ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من رواية nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة وكره بعضهم بقاء السبال لما فيه من التشبه بالأعاجم ، بل المجوس وأهل الكتاب قال العراقي في شرح التقريب : وهذا أولى بالصواب لما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=907951ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس فقال : إنهم يوفرون سبالهم ويحلقون لحاهم فخالفوهم فكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يجز سباله ، كما يجز الشاة والبعير (وقوله صلى الله عليه وسلم) في الحديث الذي تقدم ذكره ، وهو قصوا الشوارب (واعفوا اللحى) ، أي : (كثروها) يجوز استعماله ثلاثيا ورباعيا قال السرقسطي : يقال : عفوت الشعر أعفوه عفوا وعفيته وأعفيته إذا تركته حتى يكثر ويطول (وفي الخبر أن اليهود يعفون شواربهم ويقصون لحاهم فخالفوهم ) رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده في أثناء حديث nindex.php?page=showalam&ids=481لأبي أمامة nindex.php?page=hadith&LINKID=702097فقلنا : يا رسول الله ، فإن أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب والعثانين جمع عثنون وهي اللحية قال العراقي : والمشهور أن هذا من فعل المجوس لما تقدم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عند nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان قريبا (وكره بعض العلماء الحلق) ، أي : حلق السبال (ورآه بدعة) ومثلة .