قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تقرب العبد إلى الله بشيء أفضل من سجود خفي وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=667388ما من مسلم يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها سيئة . وروي أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ادع الله أن يجعلني من أهل شفاعتك وأن يرزقني مرافقتك في الجنة فقال صلى الله عليه وسلم : أعني بكثرة السجود وقيل إن أقرب ما يكون العبد من الله تعالى أن يكون ساجدا وهو معنى قوله عز وجل واسجد واقترب وقال عز وجل سيماهم في وجوههم من أثر السجود فقيل : هو ما يلتصق بوجوههم من الأرض عند السجود وقيل : هو نور الخشوع فإنه يشرق من الباطن على الظاهر وهو الأصح ، وقيل : هي الغرر التي تكون في وجوههم يوم القيامة من أثر الوضوء .
يقال: سجد سجودا إذا تطامن، وكل شيء ذل فقد سجد، وسجد الرجل: وضع جبهته في الأرض، والسجود لله تعالى عبارة عن هيئة مخصوصة، وإنما لم يذكر فضيلة الركوع لكونه ملحقا بالسجود؛ إذ لا يكون السجود إلا بعد الركوع، (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تقرب العبد) ، وفي رواية: العباد (إلى الله بشيء أفضل من سجود خفي) ، أي: من صلاة نفل في بيته؛ حيث لا يراه الناس. قال المناوي : وليس المراد هنا السجود المنفصل عن الصلاة كالتلاوة والشكر، فإنه إنما يشرع لعارض، وإنما المراد سجود الصلاة، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك في الزهد من رواية أبي بكر بن أبي مريم عن حمزة بن حبيب بن صهيب مرسلا. قال العراقي: وابن أبي مريم ضعيف، وقد وهم الديلمي في مسند الفردوس في جعل هذا من حديث صهيب رضي الله عنه، وإنما ه وحمزة بن حبيب بن صهيب، وهو وهم فاحش، قال: وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك في الزهد والرقائق عن ابن أبي مريم عن حمزة مرسلا، وهو الصواب اهـ .
وقال في موضع آخر: هذا حديث لا يصح، قال المناوي : [ ص: 18 ] وهذا يفيد أن عمل السر أفضل من عمل العلانية، ومن ثم فضل قوم طريق الملامتية على غيرها من طرق التصوف، وهي تعمير الباطن فيما بين العبد وبين الله تعالى. قال صاحب "العوارف": الملامتية قوم صالحون يعمرون الباطن ولا يظهرون في الظاهر خيرا ولا شرا، ويقال فيهم النقشبندية، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته. قال الفاكهي: ومن تعمير الباطن اشتغاله بالذكر سرا سيما في المجامع، وبه يرقى إلى مقام الجمع، وفي لزوم كلمة الشهادة تأثير في نفي الأغيار وتزكية الأسرار، وفي كلمة الجلالة عروج إلى مراتب الجلالة، ومن لازم ذلك صار من أهل الغيب والشهادة، وآل أمره إلى أن تصير كل جارحة منه تذكر الله يقظة ونياما .
قال العارف أبو العباس المرسي: من أراد الظهور فهو عبد الظهور، ومن أراد الخفاء فهو عبد الخفاء، وعبد الله سواء عليه أظهره أم أخفاه اهـ .
وهو سياق حسن، إلا أن جعل النقشبندية من الملامتية غير صحيح، فإن بينهما بونا بعيدا، ولقد كان المصنف رحمه الله تعالى ممن أخذ على أبي بكر الروذباري، وهو أحد مشايخ النقشبندية، ومن أصول سلسلتهم ومبناهم على أسرار الذكر وإخفائه في المجامع وغيرها، وهذا الاسم حدث لهم فيما بعد، ومن طالع كتب القوم ظهر له الفرق التام، والله أعلم .
(وقال صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=667388ما من مسلم يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها سيئة.) وفي نسخة: "خطيئة" بدل "سيئة"، قال العراقي: أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت، nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم نحوه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء اهـ .
وبخط تلميذه الحافظ: ليس في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ذكر السيئة، نعم هو عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في هذا الحديث .
(وروي أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادع الله أن يجعلني من أهل شفاعتك وأن يرزقني مرافقتك) ، وفي نسخة صحيحة من الكتاب: "ادع الله أن يرزقني مرافقتك". (في الجنة، قال: أعني) ، أي على نفسك (بكثرة السجود) . قال العراقي: أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي نحوه، وهو الذي سأله ذلك اهـ .
(وقيل: أقرب ما يكون العبد من الله تعالى) ، أي: من رحمته (أن يكون ساجدا) ، أي: حالة سجوده، وهو كما يأتي قريبا، في آخر الباب، حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أخرجه مسلم بهذا اللفظ، (وهو معنى قوله عز وجل) في آخر سورة العلق، (واسجد واقترب) ، أي: دم على سجودك، أي: صلاتك واقترب من الله تعالى، وهذا قول مجاهد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق في مصنفه، nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور في سننه عنه قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، ألا تسمعونه يقول: واسجد واقترب ، (وقال عز وجل) في آخر سورة الفتح في وصف المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم مما هو مكتوب في التوراة، بل وصفهم به قبل أن يخلق السموات والأرض ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) ، أخرج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=944940 "إن الأنبياء يتباهون أيهم أكثر أصحابا من أمته، فأرجو [ ص: 19 ] أن أكون يومئذ أكثرهم كلهم، وإن كل رجل منهم يومئذ قائم على حوض ملآن، معه عصا يدعو من عرف من أمته، ولكل أمة سيما يعرفهم بها نبيهم". كذا في "الدر المنثور"، وقد اختلف في تفسير هذه الآية على أقوال، (فقيل: هو ما يلتصق بوجوههم من الأرض) من التراب والغبار (عند السجود) ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وعكرمة، ونصه عند nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي : هو أثر التراب على الجباه، قال أبو العالية : لأنهم يسجدون على التراب لا على الأثواب، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز كما سيأتي، ويروى عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير أنه قال: هو ندى الطهور وثرى الأرض .
وهكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر، ومحمد بن نصر عنه، (وقيل: هو نور الخشوع) قال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : ليس الأثر في الوجه، ولكن الخشوع، هكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ومحمد بن نصر عنه، وفي رواية عنه قال: "الخشوع والتواضع" .
وهكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ومن بعده، ويروى عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال: "ليس الذي ترون، ولكنه سيما الإسلام وسجيته وسمته وخشوعه". كذا رواه محمد بن أبي طلحة الوالبي عنه، ويروى عنه أيضا أنه السمت الحسن، كذا أخرجه محمد بن نصر في كتاب الصلاة، والمعنى أن السجود أورثهم الخشوع والسمت الحسن، (فإنه يشرق من الباطن على الظاهر) ، فيعرفون به (وهو الأصح، وقيل: هي الغرر التي تكون في وجوههم يوم القيامة من أثر الوضوء) يعرفون به أنهم سجدوا في الدنيا. رواه عطية العوفي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس : استنارت وجوههم من كثرة ما صلوا، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب : تكون مواضع سجودهم من وجوههم كالقمر ليلة البدر، وروى محمد بن نصر في كتاب الصلاة، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري في التاريخ عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هو النور يغشى وجوههم يوم القيامة. ويروى عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس مثله، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير، وقيل: معناه موضع السجود أسود ووجوههم بيض يوم القيامة. روي ذلك عن عطية العوفي، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في السنن عن حميد بن عبد الرحمن قال: كنت عند السائب بن يزيد، إذ جاء رجل، وفي وجهه أثر السجود فقال: لقد أفسد هذا وجهه، أما والله ما هي السيماء التي سمى الله، ولقد صليت على وجهي منذ ثمانين سنة ما أثر السجود بين عيني. وفي هذا القول رد لما ذهب إليه العوفي، إلا أن يقال: أن العوفي قاله مقيدا بيوم القيامة، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ومحمد بن نصر عن عكرمة أنه قال في تفسير السيما أنه السهر، وقال الضحاك: هو صفرة الوجه من السهر، إذا سهر الرجل بالليل أصبح مصفرا. هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر، وقال الحسن: إذا رأيتهم حسبتهم مرضى، وهو قريب من القول الذي قبله، وقيل: هو التواضع، وقيل: العفاف في الدين، وقيل: الحياء، وكل ذلك داخل في حد الخشوع، والله أعلم .