وقال وهب المراد به ظاهره ففيه تنبيه على سكر الدنيا ؛ إذ بين فيه العلة ، فقال : حتى تعلموا ما تقولون وكم من مصل لم يشرب خمرا وهو لا يعلم ما يقول في صلاته .
أي: في الصلاة والدعاء، وهو إقبال القلب على ذلك، مأخوذ من: خشعت الأرض إذا سكنت واطمأنت، وقد أورد المصنف في اشتراط الخشوع وحضور القلب في الصلاة آيات وأخبارا منها (قال الله تعالى: وأقم الصلاة لذكري ) ، وظاهر الأمر الوجوب، والغفلة تضاد الذكر، فمن غفل في جميع صلاته كيف يكون مقيما [ ص: 21 ] للصلاة لذكره (وقال تعالى: ولا تكن من الغافلين) نهي وظاهره التحريم، (وقال عز وجل: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) ، تعليل النهي للسكران مطرد في الغافل المستغرق بالهم والوساوس وأفكار الدنيا. هذه الآيات الثلاثة هكذا أوردها صاحب "القوت" في باب فضائل الصلاة وما تزكو به، ووصف صلاة الخاشعين من الموقنين، ورجل سكران وامرأة سكرى، والجمع سكارى بضم السين، وفتحها لغة، وقد سكر كعلم، وأسكره الشراب: أزال عقله، واختلف في معنى قوله تعالى: سكارى (قيل: سكارى من كثرة الهم) ، أي: الاهتمام بأمور الدنيا، (وقيل) سكارى (من حب الدنيا) ، والقولان ذكرهما صاحب "القوت" و"العوارف"، (وقال وهب) ابن منبه بن كامل اليماني الذماري أبو عبد الله الأنباري، تابعي ثقة عالم زاهد، وكان على قضاء صنعاء، مكث أربعين سنة لم يرقد على فراش، روى له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حديثا واحدا، والباقون إلا nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه، مات سنة 116 (المراد به ظاهره) ، أي: على حقيقته. قال المصنف (ففيه) على هذا (تنبيه على سكر الدنيا؛ إذ بين فيه العلة، فقال: حتى تعلموا ما تقولون ) ، ولا يتم هذا إلا بخضوع الظاهر مع خشوع الباطن (وكم من مصل لم يشرب خمرا) ، ولا قارف مسكرا، (وهو لا يعلم ما يقول في صلاته) ؛لغفلته عن أدلة الخشوع في الصلاة .
(وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من صلى ركعتين لم يحدث نفسه فيهما بشيء من الدنيا غفر له ما تقدم من ذنبه) .
قال العراقي: أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في المصنف من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16237صلة بن أشيم مرسلا، وهو في الصحيحين من حديث عثمان بزيادة في أوله دون قوله "بشيء من الدنيا"، وزاد nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في "الأوسط": إلا بخير اهـ .
(و) من أدلة الخشوع في الصلاة، (قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الصلاة تمسكن) ، أي: خضوع وذل بين يدي الله تعالى، والميم زائدة، (وتواضع وتضرع وتأوه) ، أي: توجع، (وتنادم) تفاعل من الندم، وهو الحسرة، (وتضع يديك فتقول: اللهم اللهم،) مرتين (فمن لم يفعل) كذلك (فهي خداج) ، أي: ناقصة، ونص "القوت" بعد قوله وتضرع: وتباؤس وترفع يديك، والباقي سواء، والتباؤس: تفاعل من البؤس وهو الحزن، وذكر في "العوارف" تنادم بدل تباؤس، ولم يذكر: "وتأوه"، ففي الحديث حصر بالألف واللام، وكلمة إنما للتحقيق والتوكيد، وقد فهم الفقهاء من قوله عليه السلام: nindex.php?page=hadith&LINKID=652315 "إنما الشفعة فيما لا يقسم" الحصر بين الإثبات والنفي، وقال العراقي: أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي بنحوه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس بإسناد مضطرب اهـ .