بيت الصلاة، والجمع المساجد، (و) فضيلة (موضع الصلاة) ، وهو أخص من المسجد (قال الله عز وجل:) ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون ، وروي أنه لما أسر nindex.php?page=showalam&ids=18العباس يوم بدر وعيره المسلمون بالشرك وقطيعة الرحم، وأغلظ له nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه في القول، فقال: تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا، إنا لنعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة، ونسقي الحجيج، ونفك العاني، فنزلت: أولئك حبطت ، الآية، ثم قال: ( إنما يعمر مساجد الله ) أي: شيئا من المساجد، وقيل: بل المسجد الحرام، وإنما جمع لأنه قبلة المساجد، وإمامها، فعامره كعامر الجميع، ويدل [ ص: 27 ] عليه قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب بالتوحيد، (من آمن بالله) واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة، أي: إنما تستقيم عمارتها لهؤلاء الجامعين للكمالات العلمية والعملية، ومن عمارتها: تزيينها بالفرش، وتنويرها بالسرج، وإدامة العبادة والذكر، ودرس العلم فيها، وصيانتها مما لم تبن له كحديث الدنيا .
(وقال صلى الله عليه وسلم: من بنى) بنفسه أو بني له بأمره (مسجدا) ، أي: محلا للصلاة .
وفي رواية: "لله مسجدا"، أي: لأجله، وتؤيده رواية: "يبتغي به وجه الله". وفي أخرى: "لا يريد به رياء ولا سمعة"، وأيا ما كان، فالمراد الإخلاص، وقد شدد الأئمة في تحريه حتى قال ابن الجزري: ومن كتب اسمه على مسجد بناه فهو بعيد من الإخلاص، والتنكير للشيوع فيشمل الصغير والكبير، وبه خرجت رواية nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي كما سيأتي بيانها، وإطلاق البناء غالبي، فلو ملك بقعة لا بناء بها، أو كان بملكه بناء فوقفه مسجدا صح؛ نظرا للمعنى، (ولو كمفحص قطاة) أي: مجثمها لتضع فيه بيضها وترقد عليه، كأنها تفحص عنه التراب، أي: تكشفه، وفي رواية زيادة: "لبيضها"، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة : "ولو كمفحص قطاة أو أصغر"، وحمله الأكثر على المبالغة؛ لأن مفحصها لا يكفي مقداره للصلاة فيه، أو هو على ظاهره بأن يزيد في المسجد قدرا يحتاج إليه تكون تلك الزيادة ذلك القدر، أو يشترك جماعة في بناء مسجد، فتقع حصة كل واحد منهم ذلك القدر، أو المراد بالمسجد موضع السجود، وهو ما يسع الجبهة، فأطلق عليه البناء مجازا، وقد استبعد بعضهم هذا الوجه، وقال الحافظ: لا يمتنع ذلك مجازا، إذ بناء كل شيء بحسبه، وقد شاهدنا كثيرا من المساجد في طرق المسافرين يحوطونها إلى جهة القبلة، وهي في غاية الصغر، وبعضها لا يكون أكثر من محل السجود، لكن الحمل على الحقيقة أولى، وقال الزركشي: "لو" هنا للتعليل، وقد عده من معانيه ابن هشام الخضراوي، وجعل منه: "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، وخص القطاة بهذا لأنها لا تبيض في شجرة، ولا على رأس جبل، إنما تجعل مجثمها على بسيط الأرض دون سائر الطير، فلذلك شبه به المسجد، ولأنها توصف بالصدق والهداية، ففيه إشعار بالإخلاص، ولأن أفحوصها تشبه محراب المسجد في استدارته وتكوينه، (بنى الله له) إسناد البناء إليه سبحانه مجاز، وأبرز الفاعل تعظيما وافتخارا، ولئلا تتنافر الضمائر، أو يتوهم عوده لباني المسجد (قصرا في الجنة) ، ورواية الأكثرين "بيتا" بدل "قصرا"، ورواية الشيخين": مثله في الجنة، وفيه: أن فاعل ذلك يدخل الجنة؛ إذ القصد ببنائه له إسكانه إياه .
(تنبيه) :
في تخريج هذا الحديث وبيان رواياته المختلفة، فلفظ المصنف أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بإسناد صحيح بدون قوله: "ولو كمفحص قطاة"، بزيادة: "من بنى لله"، و"بيتا" بدل "قصرا"، ومثله nindex.php?page=showalam&ids=13053لابن حبان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر، nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي، وأيضا عن عثمان، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في "الكبير" عن nindex.php?page=showalam&ids=10382أسماء بنت يزيد، وفي "الأوسط"، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من السنن عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، وفي الأوسط أيضا عن أبي بكر، وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، وعن nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر، وعن نبيط بن شريط، nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني في العلل عن أبي بكر، nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل وأم حبيبة رضي الله عنهم .