(وقال صلى الله عليه وسلم: من ألف المسجد) ، أي: تعود القعود فيه لنحو صلاة وذكر لله عز وجل واعتكاف، وتعلم علم شرعي وتعليمه ابتغاء وجه الله تعالى (ألفه الله تعالى) ، أي: آواه إلى كنفه، وأدخله في حرز حفظه، وأصل الألفة: اجتماع مع التئام، ومن هنا قال nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار: المنافقون في المساجد كالعصافير في القفص، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12150أبو مسلم الخولاني يكثر الجلوس في المساجد ويقول: إنها مجالس الكرام. أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في "الأوسط" من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري بسند ضعيف، قاله العراقي. وهكذا هو في "الجامع الكبير" للسيوطي، وعزاه في "الجامع الصغير" إلى "المعجم الأصغر" للطبراني، فإن لم يكن سبق قلم من الناسخ فيحتمل أن يكون مذكورا فيهما، وقول العراقي "بسند ضعيف" يشير إلى أن في سنده nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة، كما أفاده النور الهيثمي وهو ضعيف، والكلام فيه مشهور لا نطيل بذكره، والله أعلم .
(وقال صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد) أي: وهو متطهر، (فليركع) أي: فليصل ندبا مؤكدا (ركعتين) تحية المسجد (قبل أن يجلس) تعظيما للبقعة، والصارف عن الوجوب خبر "هل علي غيرها؟ قال: لا"، وأخذ بظاهره الظاهرية، ثم هذا العدد لا مفهوم لأكثره اتفاقا، وفي أقله خلف، والصحيح اعتباره، فلو قعد سهوا وقصر الفصل شرع تداركهما كما جزم به في "التحقيق"، ونقله في "الروضة" عن nindex.php?page=showalam&ids=13343ابن عبدان، واستقر به وأيده بأنه صلى الله عليه وسلم قال وهو قاعد على المنبر يوم الجمعة لسعيد الغطفاني، لما قعد قبل أن يصلي: nindex.php?page=hadith&LINKID=658457 "قم فاركع ركعتين"، إذ مقتضاه كما في "المجموع" أنه إذا تركهما جهلا أو سهوا شرع له فعلهما إن قصر الفصل، قال: وهو المختار. قال في شرح "المهذب": فإن صلى أكثر من ركعتين بتسليمة واحدة جاز، وكانت كلها تحية لاشتمالها على الركعتين، وتحصل بفرض أو نفل آخر سواء نويت معه أم لا؛ لأن المقصود وجود صلاة قبل الجلوس، وقد وجدت، ولا تحصل بركعة ولا بجنازة وسجدة تلاوة وشكر على الصحيح، ولا تسن لداخل المسجد الحرام؛ لاشتغاله بالطواف واندراجها معه تحت ركعتيه، ولا إذا اشتغل الإمام بالفرض، ولا إذا شرع المؤذن بإقامة الصلاة أو قرب إقامتها، ولا للخطيب يوم الجمعة عند صعوده المنبر على الصحيح في "الروضة"، ولو دخل وقت كراهة كره له أن يصليها في قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك، والصحيح من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عدم الكراهة إن دخل المسجد لا بقصد التحية. قال المناوي: وظاهر الحديث تقديم تحية المسجد على تحية أهله، وقد جاء صريحا من قوله وفعله، فكان يصليها ثم يسلم على القوم، قال ابن القيم: وإنما قدم حق الحق على حق الخلق هنا عكس حقهم المالي لعدم اتساع الحق المالي لأداء الحقين، فنظر لحاجة الآدمي وضعفه بخلاف السلام، فعلى داخل المسجد ثلاث تحيات مرتبة: الصلاة على النبي كما ورد، فالتحية، فالسلام على [ ص: 29 ] من فيه، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والشيخان nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث أبي قتادة الحرث بن ربعي السلمي بفتحتين الأنصاري، وله سبب خاص، وذلك لأن nindex.php?page=hadith&LINKID=702400 "أبا قتادة دخل المسجد فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا بين صحبه فجلس معهم، فقال له: ما منعك أن تركع؟ قال: رأيتك جالسا والناس جلوس" فذكره، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة.
(تنبيه) :
ما ذكره من السياق هو بعينه نص nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري والجماعة، ووجد في بعض الروايات: nindex.php?page=hadith&LINKID=658175 "فلا يجلس حتى يركع ركعتين". وفي بعضها: "حتى يصلي"، هكذا وجد بخط المناوي في شرح "الجامع الصغير"، وفي بعض نسخ "الجامع": "حتى يركع" كما عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري والجماعة، وهكذا هو في "الجامع الكبير"، والله أعلم .