ثم لما فرغ المصنف من الاستدلال بالآيات شرع في الاستدلال بالسنة فقال: (وقوله -صلى الله عليه وسلم-: إنما الصلاة تمسكن وتواضع) إلى آخر الحديث، وقد تقدم تخريجه قريبا، وهكذا أورده صاحب القوت، زاد المصنف فقال: (حصر بالألف واللام) ، أي: في قوله: إنما الصلاة (وكلمة إنما) فيه (للتحقيق والتوكيد) ، وإفادة، إنما الحصر قد ذكره ابن دقيق العيد وغيره. وقال إن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فهمه من حديث: nindex.php?page=hadith&LINKID=659999 "إنما الربا في النسيئة". ولم يعارض في فهمه الحصر، بل عورض بحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد: nindex.php?page=hadith&LINKID=652031 "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض". وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في جامعه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس جواز التفاضل، ثم قال: وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه رجع عن قوله حين حدثه أبو سعيد مرفوعا، وقال ابن أبي شريف في حاشيته على جمع الجوامع: وقد ذهب nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين والقاضي أبو الطيب إلى إفادة إنما الحصر مع احتمالها لتأكيد الإثبات، قال: وهذا هو مختار nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي .
قلت: لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه : nindex.php?page=hadith&LINKID=934560 "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر". والرواية الثانية التي عزاها nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=934560 "رب قائم حظه من قيامه السهر، ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش". قال المناوي: المراد بالقائم المتهجد في الأسحار، والمعنى: لا ثواب له فيه لعقد شرط حصوله، وهو الإخلاص أو الخشوع؛ إذ المرء لا يثاب إلا على عمله بقلبه، وأما الفرض فيسقط، والذمة تبرأ بعمل الجوارح، فلا يعاقب عقاب تلك العبادة، بل يعاتب أشد عتاب حيث لم يرغب فيما عند ربه من الثواب، (وما أراد به) أي: بهذا القائم (إلا الغافل) ، فإنه يقوم الليل يصلي من غير خشوع .
(وقال -صلى الله عليه وسلم-: ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل) ، هكذا أورده صاحب القوت، وقال العراقي: لم أجده مرفوعا، وروى nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة له من رواية عثمان بن أبي دهرش مرسلا: "لا يقبل الله من عبد عملا حتى يحضر قلبه مع بدنه". ورواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب، nindex.php?page=showalam&ids=16418ولابن المبارك في الزهد موقوفا على nindex.php?page=showalam&ids=56عمار: "لا يكتب للرجل من صلاته ما سها عنه".
قلت: ومن أدلة اشتراط الخشوع في الصلاة ما رواه الديلمي عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد رفعه: "لا صلاة لمن لا يخشع في صلاته". وأخرج أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رفعه: "لا صلاة لمن لا يطيع الصلاة، وطاعة الله أن تنهى عن الفحشاء والمنكر".
(والتحقيق فيه أن المصلي مناج ربه -عز وجل- كما ورد به الخبر) ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17081مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=650500إن أحدكم إذا صلى يناجي ربه عز وجل، فلا يتفلن عن يمينه، ولكن تحت قدمه اليسرى". حدثنا حفص بن عمر، حدثنا يزيد بن إبراهيم، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650501 "اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه كالكلب، وإذا بزق فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه، فإنه يناجي ربه، وأخرجه مسلم كذلك من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، (والكلام) الصادر منه (مع) وجود صفة (الغفلة) ، والذهول عن معرفة ذلك الكلام (ليس بمناجاة البتة) ، والمناجاة المخاطبة والمساررة. قال المناوي: ومناجاته لربه من جهة إتيانه بالذكر والقراءة، ومناجاة ربه له من جهة لازم ذلك، وهو إرادة الخير مجازا. وفي الحديث إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون قلب المصلي فارغا من غير ذكر الله تعالى .