اعلم أن المؤمن لا بد أن يكون معظما لله عز وجل وخائفا منه وراجيا له ومستحييا من تقصيره فلا ينفك عن هذه الأحوال بعد إيمانه وإن كانت قوتها بقدر قوة يقينه فانفكاكه عنها في الصلاة لا سبب له إلا تفرق الفكر وتقسيم الخاطر وغيبة القلب عن المناجاة ، والغفلة عن الصلاة .
أي: بيان الذي يكون محصلا للحضور بضرب من التنبيه والإشارة، وسماه دواء مجازا، (اعلم أن المؤمن) من حيث هو مؤمن (لا بد أن يكون معظما لله عز وجل) تعظيما يليق بجلاله وكبريائه، وهو من [ ص: 126 ] قواعد الإيمان، فإن لم يوجد التعظيم لم يوجد الإيمان، (وأن) يكون (خائفا منه) ، أي: من بطشه وسطوته وعذابه، وهذا فرع عن التعظيم، فإن الذي يعظم أحدا يهابه، (وراجيا له) هو كذلك فرع عن التعظيم (ومستحييا من تقصيره) ، وهو كذلك فرع عن التعظيم، (فلا ينفك عن هذه الأحوال) التعظيم وما يتفرع منه، (بعد إيمانه وإن كان قوتها) ، أي: تلك الأحوال (بقدر قوة يقينه) ، فمن ازداد نور يقينه ظهر الكمال له في تلك الأحوال، (فانفكاكه منها في الصلاة لا سبب له) فيما استقرئ، (إلا) أربعة أشياء .
(تفرق الفكر وتقسيم الخاطر) ، أي: تشتيته، (وغيبة القلب عن المناجاة، والغفلة عن الصلاة) ، والمراد من الخاطر هنا الموضع الذي فيه يخطر الرأي أو المعنى، ثم إن هذه الثلاثة، الأول: إذا اجتمعوا طمسوا القلب، وأورثوا الغفلة في الصلاة .