وسبب موارد الخواطر إما أن يكون أمرا خارجا أو أمرا في ذاته باطنا .
أما الخارج فما يقرع السمع ، أو يظهر للبصر ، فإن ذلك قد يختطف الهم حتى يتبعه ويتصرف فيه ثم تنجر منه الفكرة إلى غيره ويتسلسل ويكون الإبصار سببا للافتكار ثم تصير بعض تلك الأفكار سببا للبعض .
وأما الخواطر الإلهية والملكية، فإنها تبعث على الخير، فلا تمنع المصلي من حضور قلبه، (فالدواء في إحضار القلب هو دفع تلك الخواطر) الواردة على القلب (ولا يدفع الشيء إلا بدفع سببه) لما تقدم، (فلتعلم سببه) أولا (وسبب توارد الخواطر) لا يخلو، (إما أن يكون أمرا خارجا) يدرك بإحدى الحواس، (أو أمرا في ذاته باطنا، أما الخارج مما يقرع السمع، أو يظهر للبصر، فإن ذلك قد يختطف الهم حتى يتبعه ويتصرف فيه) لأنه ليس للفكر أضر مما يدخل عليه من هذين البابين، السمع والبصر؛ فإذا حفظا حفظ الفكر، وإذا استتبعها توسع الحال في توارد الخطرات، وإليه أشار بقوله: (ثم تنجر منه الفكرة إلى غيره وتتسلسل) ويصعب انقطاعه، (وتكون الأبصار سببا للافتكار) ، ومن الحكمة قولهم: من أدار ناظره أتعب خاطره، (ثم يصير بعض تلك الأفكار) الواردة (سببا للبعض) ، فيجر بعضها بعضا، ويتصف بصفة الرسوخ في القلب، فإن لم يستعجل بإخراج سببها عاجلا بهمة مرشد كامل، وإلا صار صاحبها مقيتا ممقتا لا ينجع فيه الدواء، ولا يرفع رأسه للهدى، ولا يرضى بالاقتداء فيعود في ضلاله، كما بدى .