ولو حرمك التوفيق لكنت من المطرودين مع الشيطان اللعين .
(ثم جدد الإخلاص بقولك: إياك نعبد) ، فاهما أنه لا معبود سواه ولا يستحق العبادة إلا هو، أي: لا نعبد إلا إياك، فلا بد فيه من معنى الإخلاص، وهو تفريده في العبادة بحيث لا يشرك به أحدا في أعماله كلها، وليعلم أن كل ما ابتغي به وجه [ ص: 150 ] غيره فهو مضمحل (وجدد العجز والاحتياج والتبري من الحول والقوة، بقولك إياك نستعين) أي: منك نطلب العون لا من غيرك فيتصور هنا كمال غنى الله تعالى وقدرته، وكمال عجز نفسه واحتياجه، ثم لا يشرك معه أحدا في الاستعانة .
(وتتحقق أنه ما تيسرت طاعتك) له (إلا بالإعانة) ، ولولا عنايته الأزلية بك لما أطعت، (وأن له المنة إذ وفقك) للخير، وأقامك (لطاعته) وانقياد أوامره ونواهيه (واستخدمك لعبادته) الخاصة (وجعلك أهلا لمناجاته) ومخاطبته ومساررته (ولو حرمك) ، أي: منعك (التوفيق لكنت من المطرودين) عن باب قربه (مع الشيطان اللعين) ، فهذه رشحة من معاني الاستعاذة والاستعانة، وما بينهما من التحميد والتعظيم .