أولها : أن لا يتقدم للإمامة على قوم يكرهونه فإن اختلفوا كان النظر إلى الأكثرين فإن كان الأقلون هم أهل الخير ، والدين ، فالنظر إليهم أولى وفي الحديث : " ثلاثة لا تجاوز صلاتهم رءوسهم " العبد الآبق وامرأة زوجها ساخط عليها وإمام أم قوما وهم له كارهون وكما ينهى عن تقدمه مع كراهتهم ، فكذلك ينهى عن التقدمة إن كان وراءه من هو أفقه منه ، إلا إذا امتنع من هو أولى منه ، فله التقدم فإن لم يكن شيء من ذلك فليتقدم مهما قدم ، وعرف من نفسه القيام بشروط الإمامة .
ويكره عند ذلك المدافعة فقد قيل : إن قوما تدافعوا الإمامة بعد إقامة الصلاة ، فخسف بهم .
وما روي من مدافعة الإمامة بين الصحابة رضي الله عنهم فسببه إيثارهم من رأوه أنه أولى بذلك أو خوفهم على أنفسهم السهو وخطر ضمان صلاتهم ، فإن الأئمة ضمناء وكأن من لم يتعود ذلك ربما يشتغل قلبه ويتشوش عليه الإخلاص في صلاته حياء من المقتدين لا سيما في جهره بالقراءة ، فكان لاحتراز من احترز أسباب من هذا الجنس .
(وعلى الإمام وظائف) مرتبة منها ما هي (قبل الصلاة) ، ومنها ما هي (قبل القراءة ، و) منها ما هي (في أركان الصلاة ، و) منها ما هي (بعد السلام . أما الوظائف التي) هي (قبل الصلاة فستة : الأولى) منها (أن لا يتقدم للإمامة على قوم يكرهونه ) ، سواء كرهه جيرانه ، أو كرهه من وراءه من المأمومين ، فيكره له التقدم (فإن اختلفوا) بأن كرهه قوم ، وأحبه قوم (كان النظر) في ذلك (إلى الأكثرين) منهم (فإن كان الأقلون هم أهل الخير ، والدين ، فالنظر إليهم أولى) ، ولفظ القوت : فإن اختلفوا نظر إلى أهل العلم ، والدين منهم ، فحكم بذلك ، ولا يعتبر بالأكثر إذا كان الأقلون هم أهل الخير (وفي الحديث : "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم رؤوسهم ") ، وفي رواية : "آذانهم " ، وهو كناية عن عدم القبول ، كما صرح به في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني (العبد الآبق) ، أي : الفار من سيده ؛ بدأ به تغليظا للأمر فيه ، وفي رواية حتى يرجع إلا أن يكون إباقه من إضرار سيده به ، ولم يجد له ناصرا (وامرأة) باتت و (زوجها ساخط عليها) لأمر شرعي كسوء خلق ، وترك أدب ، ونشوز ، وهذا أيضا خرج مخرج الزجر ، والتهويل (وإمام قوم هم له كارهون) ، فإن الإمامة شفاعة ، ولا يتشفع المرء إلا بمن يحبه ، ويعتقد منزلته عند المشفوع إليه ، فيكره أن يؤم قوما يكرهه أكثرهم إن كانت الكراهة لمعنى يذم به شرعا ، وإلا فلا ، واللوم على كارهه ، ثم إن الذي يذم شرعا كفسق ، وبدعة ، وتساهل في تحرز عن خبث وإخلال بهيئة من هيئات الصلاة ، وتعامل حرفة مذمومة ، وعشرة فسقة ، ونحو ذلك .
قال العراقي : أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة ، وقال : حسن غريب ، وضعفه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . أهـ .
قلت : أخرجه في كتاب الصلاة بزيادة حتى يرجع الآبق ، والباقي سواء ، وقال الذهبي : ليس بالقوي ، وروي بإسنادين آخرين ، واختلف كلام العراقي ، ففي هذا الكتاب أقر بتضعيف nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، وفي موضع آخر من شرح nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي قال : إسناده حسن ، ووجد بخط الحافظ ابن حجر ، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان . أهـ .
وفي القوت : وإمام المحلة أحق بالصلاة في مسجده ، فمن طرأ عليه ممن صلى خلفه ، فإن كان أعلم منه أذن له إمام المحلة في التقديم (إلا إذا امتنع من هو أولى منه) ، ولم يرض (بالتقديم ، فله التقدم) حينئذ ، فكأنه صار بإذن منه ، ونائبا عنه (فإن لم يكن شيء من ذلك) ، أي : الأفقه ، والأقرأ (فليتقدم مهما قدم ، وعرف من نفسه القيام بشروط الإمامة) ، وهي كثيرة : أعظمها التحرز عن النجاسات ، والتوقي عن الرذائل ، ومعرفة ما يصلح الصلاة ، وما يفسدها ، والمحافظة على توقي ما يخالف مذهب المأمومين (وتكره عند ذلك) ، أي : عند تقديمه ، وتحليه بالشروط (المدافعة) ، أي : لا يتأخر عن الإمامة ، ويقدم غيره (فقد قيل : إن قوما تدافعوا الإمامة بعد إقامة الصلاة ، فخسف بهم) أورده صاحب القوت بلفظ : ولكن إذا أقيمت الصلاة ، فليتقدم من أمر بها ، ولا يتدافعون ، فقد جاء في العلم أن قوما . . . فذكره (وما روي من مدافعة الإمامة بين الصحابة رضي الله عنهم) ، وذلك فيما رواه صاحب القوت : أنهم اجتمعوا في منزل أحدهم ، فجعل nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود يقدم nindex.php?page=showalam&ids=1584أبا ذر ، nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبو ذر يقدم nindex.php?page=showalam&ids=56عمارا ، nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار يقدم nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة ، فلم يتقدم أحدهم ، فأمروا مولى فتقدم فصلى بهم (فسببه إيثارهم من رأوه أولى بها) هضما لنفوسهم (أو خوفهم على أنفسهم السهو) لكمال استغراقهم في صلواتهم ، وفي بعض النسخ : الشهرة بدل السهو (و) قيل لأجل (خطر ضمان الصلاة ، فإن الأئمة) كما ورد (ضمناء) جمع ضمين ككريم وكرماء ؛ بمعنى الضامن كما سيأتي (وكان من لم يتعود ذلك) ، أي : التقديم على القوم (ربما يشتغل قلبه) بشيء (ويشوش عليه) ذلك الاشتغال (الإخلاص) المطلوب (في الصلاة حياء من المقتدين) به (لا سيما في جهره بالقراءة ، فكان احتراز من احترز من ذلك لأسباب من هذا الجنس) ، وفي بعض النسخ : فكان لاحتراز من احترز من ذلك أسباب من هذا الجنس ، ولكن الأولى بحال الصحابة الوجه الأول ، وهو الإيثار ، وخطر الضمان ، وقد كان من وصفهم ، وقد مدحوا به ، وأورده صاحب القوت من سنن السلف أنهم كانوا يكرهون أربعة أشياء ، ويتدافعونها : الفتيا ، والإمامة ، والوصية ، والوديعة ، وتقدم هذا في كتاب العلم ، ثم قال : وقال بعضهم : ما شيء أحب إلي من الصلاة في جماعة أكون مأموما فأكفى سهوها ، ويتحمل غيري ثقلها ، وهذا قد تقدم قريبا في فضل صلاة الجماعة ، ثم قال : وكان بشر - رحمه الله تعالى - يقول : من أراد سلامة الدنيا ، والآخرة ، فليجتنب أن لا يحدث ، ولا يشهد ، ولا يفتي ، وفي بعضها : ولا يجيب دعوة ، ولا يقبل هدية . قال : وهذا من تشديده - رحمه الله تعالى . قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=11974أبو حازم : nindex.php?page=hadith&LINKID=677484كان nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد يقدم فتيان قومه يصلون به ، فقلت له : رحمك الله ؛ أنت صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولك من السابقة ، والفضل لم لا تؤم قومك ؟ قال : يا ابن أخي ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "الإمام ضامن " فأكره أن أكون ضامنا .