الثانية في : المأموم ينبغي أن لا يساوي الإمام في الركوع ، والسجود بل يتأخر فلا يهوي للسجود إلا إذا وصلت جبهة الإمام إلى المسجد هكذا كان اقتداء الصحابة برسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يهوي للركوع حتى يستوي الإمام راكعا .
وقد قيل : إن الناس يخرجون من الصلاة على ثلاثة أقسام : طائفة بخمس وعشرين صلاة ، وهم الذين يكبرون ، ويركعون بعد الإمام وطائفة بصلاة واحدة وهم الذين يساوونه وطائفة بلا صلاة ، وهم الذين يسابقون الإمام .
وقد اختلف في أن الإمام في الركوع هل ينتظر لحوق من يدخل لينال فضل الجماعة وإدراكه ، لتلك الركعة ولعل الأولى أن ذلك مع الإخلاص لا بأس به إذا لم يظهر تفاوت ظاهر للحاضرين ، فإن حقهم مرعي في ترك التطويل عليهم .
(الثانية : المأموم ينبغي أن لا يسابق الإمام في الركوع ، والسجود ) ؛ بل في سائر أفعاله الظاهرة (بل يتأخر) عنه (فلا يهوي للسجود إلا إذا وصلت جبهة الإمام إلى المسجد) ، أي : موضع السجود ، وفي بعض النسخ : أرض المسجد (هكذا كان اقتداء الصحابة برسول الله - صلى الله عليه وسلم) . أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب (ولا يهوي للركوع حتى يستوي الإمام راكعا) ، ولفظ القوت : وعلى المأموم أن يكبر ، ويركع ، ويسجد بعد الإمام ، ولا يخرون سجدا حتى تقع جبهة الإمام على الأرض وهم قيام ، وهم يخرون بعد ذلك ، كذلك كانت صلاة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وراءه . أهـ .
[ ص: 205 ] الفاء المقتضية للتعقيب هي العاطفة . أما الواقعة في جواب الشرط ، فإنما هي للربط ، والظاهر أنه لا دلالة لها على التعقيب ، على أن في دلالتها على التعقيب مذهبين حكاهما الشيخ أبو حيان في شرح التسهيل ، ولعل أصلها أن الشرط متقدم عليه مع الجزاء ، وهذا يدل على أن التعقيب إن قلنا به ، فليس من الفاء ، وإنما هو من ضرورة ، وتقدم الشرط على الجزاء . والله أعلم .
(وقد قيل : إن الناس يخرجون من الصلاة على ثلاثة أقسام : طائفة) ، ولفظ القوت : قسم (بخمس وعشرين صلاة ، وهم) هؤلاء (الذين يكبرون ، ويركعون بعد ركوع الإمام) ، وفي نسخة : بعد الإمام ، ولفظ القوت : الذين يرفعون ، ويضعون بعده (وطائفة بصلاة واحدة) .
وفي القوت : وقسم بدل طائفة (وهم الذين يساوونه) ، ولفظ القوت : الذين يكبرون ، ويركعون ، ويسجدون معه مواصلة له ، ومبادرة (وطائفة) ثالثة يخرجون (بلا صلاة ، وهم الذين يسبقون الإمام) ، فإن سبقه من الكبائر ، ولفظ القوت : الذين يرفعون ، ويضعون قبله ، ويسابقونه (وقد اختلف في أن الإمام) ، وهو (في الركوع هل ينتظر لحوق من دخل) بأن سمع خفق نعله (لينال فضل جماعتهم ، وإدراكه لتلك الركعة) أم لا ؟ فيه تفصيل يأتي ذكره (ولعل الأولى أن ذلك مع الإخلاص لا بأس به إذا لم يظهر تفاوت ظاهر للحاضرين ، فإن حقهم مرعي في ترك التطويل عليهم) ، ولفظ القوت : وقد اختلف مذهب السلف في الإمام يكون راكعا فيسمع خفق النعال هل ينتظر في ركوعه حتى يدخل الداخل في الركعة أو لا ينتظر ؟ قال بعضهم : ينتظر حتى يدخلوا معه ، وممن اختار هذا nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، وقال آخرون : لا ينتظر ، فإن حرمة من دخل فيها وراءه أعظم من حرمة الداخل ، وممن قال بهذا : nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ، والذي عندي في هذا التوسط ينظر ، فإن سمع خفق النعال في أول ركوعه ، فلا بأس إن مده حتى يلحقوا بزيادة تسبيح ؛ لئلا يكون فارغا بعمل غير الصلاة ، فإن سمعه في آخر ركوعه عند رفع رأسه ، فما أحب أن يزيد في الصلاة لأجلهم ، وليرفع ، ولا يبالى بهم . أهـ .
قلت : وقول nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي هو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وأصحابه ، وقال النووي في الروضة : يستحب للإمام أن يخفف الصلاة من غير ترك الأبعاض ، والهيئات ، فإن رضي القوم بالتطويل ، وكانوا محصورين لا يدخل فيهم غيرهم ، فلا بأس بالتطويل ، ولو طول الإمام ، فله أحوال منها : أن يصلي في مسجد سوق ، أو محلة فيطول ليلحق آخرون يكثر بهم الجماعة ، فهذا مكروه ، ومنها أن يحس في صلاته بمجيء رجل يريد الاقتداء به ، فإن كان الإمام راكعا ، فهل ينتظره أم لا ؟ أصحهما أنه ينتظره بشرط أن لا يفحش التطويل ، وأن يكون المسبوق داخل المسجد حين الانتظار ، فإن كان خارجه لم ينتظره قطعا ، وبشرط أن يقصد به التقرب إلى الله تعالى ، فإن قصد التودد ، واستمالته لم ينتظر قطعا ، وهذا معنى قولهم : لا يميز بين داخل ، وداخل ، وقيل : إن عرف الداخل بعينه لم ينتظره ، وإلا انتظره ، وقيل : إن كان ملازما للجماعة انتظره ، وإلا فلا ، واختلفوا في كيفية القولين ، فقال معظم الأصحاب: ليس القولان في استحباب الانتظار ؛ بل أحدهما يكره ، وأظهرهما لا يكره ، وقيل : أحدهما يستحب ، والثاني لا يستحب ، وقيل : أحدهما يستحب ، والثاني يكره ، وقيل : لا ينتظر قولا واحدا ، وإنما القولان في الانتظار في القيام ، وقيل : إن لم يضر الانتظار بالمأمومين ، ولم يشق عليهم انتظر قطعا ، وإلا ففيه القولان ، وحيث قلنا : لا ينتظر ، فانتظر لم تبطل صلاته على المذهب ، وقيل : في بطلانها قولان ، ولو أحس بالداخل في التشهد الأخير ، فهو كالركوع ، وإن أحس به في سائر الأركان كالقيام ، والسجود ، وغيرهما لم ينتظره على المذهب الذي قطع به الجمهور ، وقيل : هو كالركوع ، وقيل : القيام كالركوع دون غيره ، وحيث قلنا : لا ينتظر ، ففي البطلان ما سبق .
قلت : المذهب أنه يستحب انتظاره في الركوع ، والتشهد الأخير بالشروط المذكورة ، ويكره في غيرهما . والله أعلم . أهـ كلام النووي .
(فصل)
قول المصنف وإدراكه لتلك الركعة يشير به إلى ما هو المشهور في المذهب أن من أدرك الإمام في الركوع كان مدركا للركعة ، وهو مذهب أصحابنا ، وحكى النووي عن بعض أئمة الشافعية - كمحمد بن إسحاق بن خزيمة ، وأبي بكر الصيفي - أنه لا تدرك الركعة بإدراك الركوع قال : وهذا شاذ منكر ، والصحيح
[ ص: 206 ] الذي عليه الناس ، وأطبق عليه الأئمة إدراكها ، لكن يشترط أن يكون ذلك الركوع محسوبا للإمام ، فإن لم يكن ، ففيه تفصيل يذكر في الجمعة إن شاء الله تعالى ، ثم المراد بإدراك الركوع أن يلتقي هو وإمامه في حد أقل الركوع حتى لو كان في الهوي ، والإمام في الارتفاع ، وقد بلغ به حد الأقل قبل أن يرتفع الإمام عنه كان مدركا ، وإن لم يلتقيا فيه فلا . هكذا قاله جميع الأصحاب ، ويشترط أن يطمئن قبل ارتفاع الإمام عن الحد المعتبر . هكذا صرح به في البيان ، وبه أشعر كلام كثير من النقلة ، وهو الوجه ، وإن كان الأكثرون لم يتعرضوا له ، ولو كبر وانحنى ، وشك هل بلغ الحد المعتبر قبل ارتفاع الإمام عنه ، فوجهان ، وقيل : قولان أصحهما لا يكون مدركا ، والثاني يكون ، فأما إذا أدركه فيما بعد الركوع ، فلا يكون مدركا للركعة قطعا ، وعليه أن يتابعه في الركن الذي أدركه فيه ، وإن لم يحسب له .
قلت : وإذا أدركه في التشهد الأخير لزمه متابعته في الجلوس ، ولا يلزمه أن يتشهد معه قطعا ، ويسن له ذلك على الصحيح المنصوص . والله أعلم .