(ويخطب خطبتين) قائما فيهما مع القدرة ، فإن عجز عن القيام ، فالأولى أن يستنيب ، ولو خطب قاعدا ، أو مضطجعا للعجز جاز كالصلاة ، ويجوز الاقتداء به ، سواء قال : لا أستطيع ، أو سكت ؛ لأن الظاهر أنه إنما قعد لعجزه . قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : ولنا وجه أنه تصح الخطبة قاعدا مع القدرة
[ ص: 230 ] على القيام ، وهو شاذ . أهـ .
وقال أصحابنا : يشترط قيامه بعد الأذان في الخطبتين ، ولو قعد فيهما أو في إحداهما أجزأ ، وكره من غير عذر ، وفي الولوالجية : إن خطب مضطجعا أجزأه . قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : وهل يشترط أن تكون الخطبة كلها بالعربية ، وجهان ، والصحيح اشتراطه ، فإن لم يكن فيهم من يحسن العربية خطب بغيرها ، وقال أصحابنا : إذا خطب بالفارسية ، وهو يحسن العربية لا يجزئه . رواه بشر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة جوازه . (بينهما جلسة خفيفة) هي جلسة الراحة . قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : ويستحب أن تكون قدر سورة الإخلاص ، نص عليه ، وفيه وجه أنه يجب هذا القدر ، وحكى عن نصه . أهـ .
وهل يسكت في تلك الجلسة ، أو يدعو ؟ الأفضل في حق الإمام الدعاء ، فإنه محل الاستجابة ، وعلى المستمعين الإنصات ، وإحضار القلب ، والطلب من الله سرا من غير رفع الأيدي . هذا عند أصحابنا ، وتقدم أن هذه الجلسة واجبة عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، سنة مستحبة عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، والدليل على عدم وجوبها ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب خطبة واحدة قائما ، فلما ثقل ، وسمن خطبها خطبتين ، فجلس بينهما جلسة ليستريح فيها ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس قال : لم يكن أبو بكر ، ولا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يقعدان على المنبر يوم الجمعة ، وأول من قعد nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، وعن أبي إسحاق ، عن الحرث قال : رأيت nindex.php?page=showalam&ids=8عليا يخطب على المنبر ، فلم يجلس حتى فرغ ، وخطب nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة ولم يجلس ، ودليل وجوبها ما في الصحيحين ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=685528كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة مرتين بينهما جلسة ، وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، nindex.php?page=hadith&LINKID=64640عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب ، ثم يقوم فيخطب ، فمن قال : إنه كان يخطب قاعدا فقد كذب .
(فصل)
قال الشمس محمد بن طولون الحنفي الدمشقي في كتابه التقريب لشرائط الخطابة وصفات الخطيب ما نصه ، وفي كيفية الخطابة ثلاث طرائق ؛ الأولى : طريقة أهل المشرق عامة ، وبعض المصريين ، ونزز من الشاميين ، وهي أن يخطب بالنغم بصوت هاد لطيف مطرب غير مروع ، وهذا يحصل به رقة في القلوب ، وراحة للخطيب ، وممن أتقن هذه الطريقة خطيب الموصل من المتقدمين ، وعثمان بن شمس الحنفي من المتأخرين . الثانية : طريقة جل المصريين ، وبعض الشاميين ، وهي بين النغم ، والتحقيق كأنه يخاطب مخاطبة ، ويعاتب معاتبة ، وممن أتقن هذه الطريقة الخطيب بدر الدين الدمشقي من المتقدمين ، وشيخنا العلامة سراج الدين ابن الصيرفي الشافعي من المتأخرين . الثالثة : طريقة جل الشاميين ، وهي التحقيق يصدع بها صدعا ، وهي المشابهة لخطابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ففي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وسنن nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=676557كان إذا خطب الناس احمرت عيناه ، وعلا صوته ، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول : صبحكم ، ومساكم ، وهذه طريقة الشيخ كمال الدين العثماني ، وأولاده ، والمنتسبين إليه من المتقدمين ، والقاضي نور الدين بن منعة الحنفي الخطيب بجامع الأفرم بسفح قاسيون من المتأخرين . أهـ .