الثاني إذا أصبح ابتدأ بالغسل بعد طلوع الفجر وإن كان لا يبكر فأقربه إلى الرواح أحب ليكون أقرب عهدا بالنظافة فالغسل مستحب استحبابا مؤكدا وذهب بعض العلماء إلى وجوبه قال صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=650830غسل الجمعة واجب على كل محتلم والمشهور من حديث نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما nindex.php?page=hadith&LINKID=662824من أتى الجمعة فليغتسل وقال صلى الله عليه وسلم : من شهد الجمعة من الرجال ، والنساء ، فليغتسل وكان أهل المدينة إذا تساب المتسابان يقول أحدهما للآخر : لأنت أشر ممن لا يغتسل يوم الجمعة .
وقال عمر لعثمان رضي الله عنهما لما دخل وهو يخطب أهذه الساعة ؟ منكرا عليه ترك البكور ، فقال : ما زدت بعد أن سمعت الأذان على أن توضأت ، وخرجت ، فقال : والوضوء أيضا ؟ وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بالغسل وقد عرف جواز ترك الغسل بوضوء nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان رضي الله تعالى عنه .
(الثانية إذا أصبح) ، أي : دخل في الصبح (بدأ بالغسل بعد طلوع الفجر) ، أي : الثاني المبيح للصلاة ، وهو الصادق ؛ دل على ذلك قوله إذا أصبح ، أي : غسل الجمعة ينوي بذلك إن لم يكن سبق له الجماع ، فينوي غسل الجنابة ، وغسل الجمعة معا ، كما سيأتي هذا إذا كان عزمه أن يبكر إلى المسجد من أول النهار (فإن كان لا يبكر) لعذر (فأقربه إلى الرواح) ، وهو قبل الزوال (أحب) ، أي : أكثر استحبابا خروجه من خلاف nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، و (ليكون أقرب عهد بالنظافة) لصلاة الجمعة (فالغسل مستحب استحبابا مؤكدا) ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : وهو المشهور من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي عن عامة الفقهاء ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن عامة الفقهاء ، وأئمة الأمصار ، ونقل nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر فيه الإجماع ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : الغسل يوم الجمعة سنة ، ووقته بعد الفجر على المذهب وانفرد في النهاية بحكاية وجه أنه يجزئ قبل الفجر كغسل العيد ، وهو شاذ منكر ، ويستحب تقريب الغسل من الرواح إلى الجمعة .
(وقد ذهب بعض العلماء إلى وجوبه) حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار بن ياسر ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد الخدري ، nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، وعمرو بن سليم ، وعطاء ، وكعب ، nindex.php?page=showalam&ids=15243والمسيب بن رافع ، nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ، وحكي إيجابه أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد . أما nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، فحكاه عنه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر
[ ص: 243 ] nindex.php?page=showalam&ids=14228والخطابي ، وأبى ذلك أصحابه ، وجزموا عنه بالاستحباب ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : إنه المعروف من قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، ومعظم أصحابه ، وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فإنه نص عليه في القديم ، كما هو محكي في شرح العتبية nindex.php?page=showalam&ids=13216لابن سريج ، وفي الجديد أيضا ، فإنه نص عليه في الرسالة ، وهي من كتبه الجديدة من رواية الربيع عنه ؛ ولذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13677الأذرعي : وحينئذ تصير المسألة على قولين في الجديد . أهـ .
ولكن المشهور عنه الاستحباب ، وهو المجزوم في تصانيف أصحابه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي ، والنووي ، وابن الرفعة ، وغيرهم : إنه لا خلاف فيه لعدم اطلاعهم على النص السابق ، وأما nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، فحكى ابن قدامة عنه الوجوب في رواية عنه . قال : والمشهور منه الاستحباب ، ومن قال بوجوبه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة ، ونقله العراقي عن اختيار شيخه النقي السبكي قال : وكان يواظب عليه ، ثم القائلون بالوجوب استدلوا بأحاديث ظاهرها يدل على ذلك منها (قال - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=650830غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ) ، أي : بالغ ، وهو مجاز ؛ لأن الاحتلام يستلزم البلوغ والقرينة المانعة من الحمل على الحقيقة أن الاحتلام إذا كان معه الإنزال موجبا للغسل ، سواء كان يوم الجمعة أو لا .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن عبد الله بن يوسف ، وأخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16228صفوان بن سليم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، وأخرجه أيضا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق سعيد بن هلال ، وبكير بن الأشج ثلاثتهم ، عن أبي بكر بن المنكدر ، عن عمرو بن سليم ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه ، إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قال : عن عمرو بن سليم ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=650831أشهد على nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد قال : أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ، وذكر الاستنان ، والطيب ، وقد رواه بكير بن الأشج أيضا من غير ذكر عبد الرحمن ، فسعيد بن هلال هو المنفرد بزيادة عبد الرحمن ، واختار nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رواية nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ؛ لأنه ليس فيها ذكر عبد الرحمن ، وذكر عبد الرحمن ، وذكر الواسطة عنه الجماعة لا يضر ، فإنه يحتمل أن يكون عمرو سمع من nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، وسمع أيضا من ابنه عبد الرحمن بن أبي سعيد ، فتارة حدث هكذا ، وتارة حدث هكذا ، ورواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطأ ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في مسنديهما ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، nindex.php?page=showalam&ids=14274والدارمي ، nindex.php?page=showalam&ids=12644وابن الجارود في المنتقى ، nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة ، nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان هذا الحديث من هذا الطريق ، وزاد فيه : كغسل الجنابة .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي من حديث أبي الدنيا بلفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بدل محتلم ، لكن قال : غسل الجمعة ، ولم يقل : يوم الجمعة (والمشهور من حديث نافع) أبي عبد الله المدني مات سنة ست عشرة ومائة . روى له الجماعة (عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ) ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=662824 (من أتى الجمعة فليغتسل ) هذا لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، وفي لفظ له : nindex.php?page=hadith&LINKID=908233من راح إلى الجمعة فليغتسل ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار من حديث بريدة ، nindex.php?page=showalam&ids=14231والخطيب من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=685170من جاء منكم الجمعة فليغتسل ، إلا أنهما أخرجاه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، وأما لفظ nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : nindex.php?page=hadith&LINKID=907025إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل ، فحديث سالم أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب بن أبي حمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن سالم ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أيضا عن عبد الله بن عبيد الله بن عمر عن أبيه . رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أيضا عن سالم ، وعبد الله ، عن أبيهما رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي أيضا ، وهذا يدل على أنه عند nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عنهما ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه قال : الصحيح حديث nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، ولهما حديث nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم تقدم ذكره ، وأخرجه الشيرازي في الألقاب من حديث عثمان بلفظ : من جاء منكم إلى الجمعة ، وكذلك nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ومعنى من أتى ، أي : من أراد الإتيان لهما ، وإن لم يلزمه كالمرأة ، والخنثى ، والصبي ، والعبد المسافر ، وقوله : فليغتسل أمر ، وهو يدل على الوجوب (و) من دلائل الوجوب (قال - صلى الله عليه وسلم - : من شهد الجمعة من الرجال ، والنساء ، فليغتسل ) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الصحيح ، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في السنن من طريق عثمان بن واقد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بلفظ : من أتى ، وفي آخره زيادة ، ومن لم يأتها فليس
[ ص: 244 ] عليه غسل ، ولفظ : وروينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من شهد الجمعة من الرجال ، والنساء ، فليغتسلوا ، ولذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : للنساء إذا حضرن الجمعة اغتسلن لها .
قلت : وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يقول باستحباب الغسل لكل من أراد الإتيان إلى الجمعة ، سواء كانت واجبة عليه أم غير واجبة كالصبي المميز ، والمرأة ، والعبد ، وغيرهم ، كذا حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر ، nindex.php?page=showalam&ids=14961والقاضي عياض ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، عن عبيدة بنت نائل قالت : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وعنده nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص يقول للنساء : من جاء منكن الجمعة فلتغتسل ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أنه كان يأمر نساءه يغتسلن يوم الجمعة ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16115شقيق أنه كان يأمر أهله الرجال ، والنساء بالغسل يوم الجمعة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وغسل يوم الجمعة فرض لازم لكل بالغ من الرجال ، والنساء .
قال العراقي في شرح التقريب : وهو المشهور من مذهب أصحابنا قال : ولنا وجه ثان أنه إنما يستحب لمن تلزمه الجمعة دون النساء ، والصبيان ، والعبيد ، والمسافرين ، ووجه ثالث أنه يستحب للذكور خاصة . حكاه النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ليس على النساء غسل يوم الجمعة ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، كما حكاه النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : ليس على النساء غسل يوم الجمعة ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، كما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر ، وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر معلقا : إنما الغسل على من تجب عليه الجمعة .
قلت : وصله nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه (وكان أهل المدينة إذا تساب المتسابان) ، أي : إذا أراد أن يسب أحدهما الآخر (يقول أحدهما للآخر : لأنت شر ممن لا يغتسل يوم الجمعة) . هكذا هو في القوت ، روى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، عن التجري قال : قاول nindex.php?page=showalam&ids=56عمار رجلا ، فاستطال عليه ، فقال : أنا إذا أنتن من الذي لا يغتسل يوم الجمعة ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في مسيء : لأنت أشر من الذي لا يغتسل يوم الجمعة ، وعن عبد الله بن سعد قال : كان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إذا حلف قال : أنا إذا أشر من الذي لا يغتسل يوم الجمعة ، وقد أورد المصنف هذا الكلام في خلال الأحاديث مؤكدا لأمره في الإيجاب ، ولولا أنه بهذه المثابة ما كانوا يتعايرون على تركه (و) من دلائل الإيجاب ما (قال) أمير المؤمنين (عمر) بن الخطاب (لعثمان) بن عفان - رضي الله عنهما - (لما دخل) المسجد (وهو) ، أي : nindex.php?page=showalam&ids=2عمر (يخطب) في أيام خلافته (أهذه الساعة ؟ منكرا عليه ترك البكور ، فقال : ما زدت بعد أن سمعت الأذان على أن توضأت ، وخرجت ، فقال : والوضوء أيضا ؟ وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالغسل) أورده صاحب القوت هكذا ، إلا أنه لم يقل منكرا عليه ترك البكور ؛ فهي زيادة زادها المصنف تفسيرا للحديث ، وقال : بعد قوله : وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : غسل الجمعة . . . الحديث ، وكان يأمر بالغسل . أهـ .
[ ص: 245 ] وسائر الصحابة الذين حضروا الخطبة ، وهم أهل الحل والعقد ، ولو كان واجبا لما تركه ، ولا لزموه به ، وقد استدل على ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - ، فقال في رواية أبي عبد الله : فلما علمنا أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان قد علما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغسل يوم الجمعة ، فذكر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر علمه وعلم عثمان ، ولم يغتسل عثمان ، ولم يخرج فيغتسل ، ولم يأمره nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بذلك ، ولا أحد ممن حضرهما من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دل هذا على أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان قد علما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغسل على الأحب لا على الإيجاب ، وكذلك - والله أعلم - دل على أن علم من سمع مخاطبة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان مثل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان . أهـ .
نقله nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في المعرفة ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي مثل ذلك ، وقال : ففيه إجماع منهم على نفي وجوب الغسل ، وقد اعترض nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم على هذا الاستدلال ، فقال : يقال لهم : من لكم بأن عثمان لم يكن اغتسل في صدر يومه ، ومن لكم بأن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أمره بالرجوع للغسل ؟ قلنا : هبكم أنه لا دليل عندنا بهذا ، ولا دليل عندكم بخلافه ، فمن جعل دعواكم أولى من دعوى غيركم ، فالحق أن يبقى الخبر لا حجة فيه . هذا كلامه .
قال العراقي : وهو ضعيف جدا . أما الاحتمال الأول ، وهو أن يكون عثمان اغتسل في صدر يومه ذلك ، فهو مردود ، دل الحديث على خلافه ؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنكر على عثمان الاقتصار على الوضوء ، ولم يعتذر عثمان عن ذلك ، فلو كان اغتسل لاعتذر بذلك ، وذكره ، ولم يكن يتوجه عليه حينئذ إنكار ، وأما الاحتمال الثاني ، وهو أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أمره بالرجوع للغسل ، فهو مرفوع أيضا بأن الأصل خلافه ، فمن ادعاه فليقم الدليل عليه ، ولا يقال : سقط الدليل للاحتمال ؛ لأن ذلك إنما هو عند تكافؤ الاحتمالين ، فأما مع ترجيح أحدهما بوجه من وجوه الترجيحات ، فالعمل بالراجح ، وقد ترجح عدم أمره بذلك بأنه خلاف الأصل كما ذكرنا ، فيحتاج مثبته إلى بيان ، وإلا كان كاذبا مختلقا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وبيقين ندري أن عثمان قد أجاب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في إنكاره عليه ، وتعظيمه أمر الغسل بأحد أجوبة لا بد من أحدها . إما أن يقول له : قد كنت اغتسلت قبل خروجي إلى السوق ، وإما أن يقول : بي عذر مانع من الغسل ، أو يقول له : نسيت ، وها أنا ذا أرجع وأغتسل ، فداره كانت على باب المسجد مشهورة إلى الآن ، أو يقول له : سأغتسل ، فإن الغسل لليوم لا للصلاة ، فهذه أربعة أجوبة كلها موافقة لقولنا ، أو يقول له : هذا أمر ندب ، وليس فرضا ، وهذا الجواب موافق لقول خصومنا ، فليت شعري ما الذي جعل لهم التعليق بجواب واحد من جملة خمسة أجوبة كلها ممكن ، وكلها ليس في الخبر منها شيء أصلا . أهـ .
قال العراقي : قلت : الاحتمالات الثلاثة الأولى مردودة بأنها على خلاف الأصل ، والاحتمال الرابع سيأتي رده فيما بعد ، وقد روي أن عثمان ناظر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في ذلك بما دل على أن الأمر بالغسل ليس على الإيجاب ، والعموم ، وإنما هو على الاستحباب لأهل الخصوص المحافظين على جميع أفعال البر . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه ، عن هشيم ، عن منصور ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين قال : أقبل رجل من المهاجرين يوم الجمعة ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : هل اغتسلت ؟ قال : لا . قال : لقد علمت أنا أمرنا بغير ذلك . قال الرجل : بم أمرتم ؟ قال : بالغسل . قال : أنتم معشر المهاجرين أم الناس ؟ قال : لا أدري . ثم رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، عن هشام ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : بينما nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يخطب قال . . . ثم ذكر نحوه لم يسق لفظه ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، عن علي بن أبي شيبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، فساقه على غير هذه الرواية الأولى ، ولفظه عنده أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ أقبل رجل فدخل المسجد ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : الآن حين توضأت ؟ فقال : ما زدت حين سمعت الأذان على أن توضأت حين سمعت النداء ، ثم أقبلت ، فقال : أما إنه قد علم أنا أمرنا بغير ذلك . قلت : وما هو ؟ قال : الغسل ، فقلت أنتم أيها المهاجرون الأولون أم الناس جميعا ؟ قال : لا أدري .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : ولم تختلف الأمة أن صلاته مجزئة إذا لم يغتسل ، فلما لم يكن الغسل من شرط صحتها دل أنه استحباب كالاغتسال للعيد ، والإحرام الذي يقع الاغتسال فيه متقدما لسببه ، ولو كان واجبا لكان متأخرا عن سببه كالاغتسال للجنابة ، والحيض ، والنفاس . أهـ .
ويوافقه كلام nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر فإنه قال : لا أعلم أحدا أوجب غسل الجمعة إلا
[ ص: 246 ] أهل الظاهر ، وهم مع ذلك يجيزون صلاة الجمعة دون الغسل لها . أهـ . وإنما صد أهل الظاهر عن القول بشرطيته أنهم يرونه لليوم ، فيصح عندهم فعله بعد صلاة الجمعة ، وذلك يدل على صحة الجمعة بدونه . والله أعلم .
(تنبيه) :
قال nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي : قال علماؤنا : لم يخرج nindex.php?page=showalam&ids=2عمر عثمان من المسجد للغسل لضيق الوقت ، وأنا أقول : إنما ذلك لأنه قد تلبس بالعبادة بشرطها ، فلا يتركها لأفضل من ذلك ، كما لو تيمم لعدم الماء ، ثم رآه في أثناء الصلاة ، ولو لم يكن كذلك لخرج ، واغتسل . قاله ابن القاسم ، وابن كنانة . أهـ .
قال العراقي : كلا الأمرين ضعيف ، وإنما لم يكلف الخروج للاغتسال ؛ لأنه مستحب ، وقد ضاق الوقت ، فضيق الوقت جزء علة ، وليس علة كاملة منفردة بالحكم ، فإنه لو كان واجبا لفعله ، وإن ضاق الوقت ، ولا سيما إن قيل : إنه شرط ، وكيف يقال : إنه تلبس بالعبادة مع كونه لم يشرع في الصلاة بعد . والله أعلم .