ولا يغفل في طلب الصف الأول عن ثلاثة أمور ؛ أولها أنه : إذا كان يرى بقرب الخطيب منكرا يعجز عن تغييره من لبس حرير من الإمام ، أو غيره أو صلى في سلاح كثير ثقيل شاغل أو سلاح مذهب أو غير ذلك مما يجب فيه الإنكار فالتأخر له أسلم وأجمع للهم فعل ذلك جماعة من العلماء طلبا للسلامة .
قيل : لبشر بن الحرث نراك تبكر وتصلي في آخر الصفوف ، فقال : إنما يراد قرب القلوب قرب الأجساد .
وأشار به إلى أن ذلك أقرب لسلامة قلبه .
ونظر nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري إلى شعيب بن حرب عند المنبر يستمع إلى الخطبة من nindex.php?page=showalam&ids=15337أبي جعفر المنصور فلما فرغ من الصلاة قال : شغل قلبي قربك من هذا هل أمنت أن تسمع كلاما يجب عليك إنكاره ، فلا تقوم به ، ثم ذكر ما أحدثوا من لبس السواد فقال يا أبا عبد الله أليس في الخبر ادن واستمع : فقال : ويحك ذاك للخلفاء الراشدين المهديين فأما هؤلاء ، فكلما بعدت عنهم ولم تنظر إليهم كان أقرب إلى الله عز وجل وقال سعيد بن عامر صليت إلى جنب nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء فجعل يتأخر في الصفوف حتى كنا في آخر صف ، فلما صلينا قلت له : أليس يقال : خير الصفوف أولها قال نعم : إلا أن هذه الأمة مرحومة منظور إليها من بين الأمم ، فإن الله تعالى إذا نظر إلى عبد في الصلاة غفر له ولمن وراءه من الناس فإنما تأخرت رجاء أن يغفر لي بواحد منهم ينظر الله إليه .
وروى بعض الرواة أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك فمن تأخر على هذه النية إيثارا وإظهارا لحسن الخلق فلا بأس ، وعند هذا يقال : الأعمال بالنيات .
(ولا يغفل عند طلب الصف الأول عن ثلاثة أمور؛ أولها: إنه إذا كان يرى بقرب الخطيب منكرا) شرعيا (يعجز) هو (عن تغييره) ، أي: مما يجب عليه إنكاره، ويرى ما يلزم الأمر فيه، والنهي عنه (من لبس حرير) ، أو ديباج (من الإمام، أو غيره) ممن هو بجنبه (أو صلاة في سلاح ثقيل) ، وفي نسخة: كثير (شاغل) عن الحضور (أو سلاح مذهب) ، أي: معمول بالذهب نسجا، أو تصفيحا، أو تطلية (أو غير ذلك مما يجب عليه الإنكار فيه) ، ويلزمه النهي عنه (فالتأخير له) من الصف المقدم (أسلم) لعينه، وقلبه (وأجمع للهم) ، فما كان أصلح للقلب، وأجمع للهم، فهو الأفضل حينئذ، وقد (فعل ذلك جماعة من العلماء) من السلف الصالحين (قيل: nindex.php?page=showalam&ids=15531لبشر بن الحارث) ، كذا في النسخ، والذي في القوت: وقيل لبشر رحمه الله، ولم ينسبه إلى أبيه، فاحتمل أن يكون بشر بن حرب، وتصحف على النساخ، وهو من مشايخ nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، والحمادين، وروى عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وجمع، ويحتمل أن يكون غيره، وهو عندي إن شاء الله تعالى بشر بن منصور السلمي الزاهد، كما يقتضيه سياق صاحب الحلية. والله أعلم. (نراك تبكر) يوم الجمعة (وتصلي في آخر الصفوف، فقال:) يا هذا، (إنما يراد قرب القلوب لا قرب الأجساد) ، كذا في القوت (وأشار به إلى أن ذلك أسلم لقلبه) ، وأجمع لهمه (ونظر nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري) رحمه الله (إلى شعيب بن حرب) المدائني أبي صالح المدائني نزيل مكة أحد المذكورين بالعبادة، والصلاح، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، قال أبو حاتم: nindex.php?page=showalam&ids=17336وابن معين ثقة مأمون، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14479السري السقطي -رحمه الله تعالى-: أربعة كانوا في الدنيا أعملوا أنفسهم في طلب الحلال، ولم يدخلوا أجوافهم إلا الحلال: nindex.php?page=showalam&ids=17286وهيب بن الورد، nindex.php?page=showalam&ids=16110وشعيب بن حرب، nindex.php?page=showalam&ids=17399ويوسف بن أسباط، nindex.php?page=showalam&ids=16031وسليمان الخواص، وروي عن شعيب قال: أكلت في عشرة أيام أكلة، وشربت شربة. مات بمكة سنة 197. روى له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي (عند المنبر) ، أي: في بغداد؛ لأنه كان نزلها (يستمع إلى الخطبة من أبي جعفر) ، ولفظ القوت: يستمع إلى خطبة أبي جعفر، وهو المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ثاني الخلفاء العباسية توفي سنة 158، ومات سفيان سنة 161 (فلما فرغ من الصلاة) .
وفي القوت: فلما جاءه بعد الصلاة (قال: شغل قلبي قربك من هذا) ، أي: (هل أمنت أن تسمع كلاما يجب عليك إنكاره، فلا تقوم به، ثم ذكر) سفيان ما (أحدثوا) ، أي: الخلفاء (من لبس السواد) يوم الجمعة، وكان سفيان ينكر على هذا لما بلغه أن أحب الثياب إلى الله البيض، ويوم الجمعة يوم الزينة، فينبغي أن يلبس فيه أحب ما يتزين فيه، والخلفاء نظروا إلى دخوله -صلى الله عليه وسلم- مكة وعليه عمامة سوداء، فتفاءلوا بذلك السواد، والثياب، وأن فيه إرهابا (فقال) شعيب (يا أبا عبد الله) -يعني به سفيان-، فإنه يكنى بذلك (أليس في الخبر: ادن فاستمع) . قال العراقي: أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة: nindex.php?page=hadith&LINKID=672857احضروا الذكر وادنوا من الإمام، وتقدم بلفظ الخبر، ودنا، واستمع، وهو عند أصحاب السنن من حديث شداد. اهـ .
قلت: وأخرج من حديث nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي، ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: nindex.php?page=hadith&LINKID=932883احضروا الجمعة وادنوا من الإمام، فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة، وإن دخلها، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد: nindex.php?page=hadith&LINKID=700098فإن الرجل ليتخلف عن الجمعة حتى إنه يتخلف عن الجنة، وإنه لمن أهلها، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم: صحيح على شرط nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، وأقره الذهبي في التلخيص، وسكت عليه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود، ولكن تعقبه nindex.php?page=showalam&ids=16383المنذري بأن فيه انقطاعا، وقال الذهبي في تعقبه على nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: فيه الحكم بن عبد الملك قال nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين: ليس بشيء (فقال: ويحك ذلك للخلفاء الراشدين المهديين) الذين هم الأربعة، nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز (فأما هؤلاء، فكلما تباعدت عنهم)
[ ص: 266 ] بظاهرك (ولم تنظر إليهم كنت أقرب إلى الله -عز وجل-) ، ولفظ القوت: كان أقرب لك من الله تعالى .
(وقال سعيد بن عامر) : هو تابعي مجهول، روى عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات، روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=16861ليث بن أبي سليم، وقال nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين: ليس به بأس، وزعم ابن خلفون أنه سعيد بن عامر بن جذيم، وتعقبه الحافظ بن حجر في تهذيب التهذيب بأن ذاك قد مات في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر (صليت إلى جنب nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء) -رضي الله عنه- (فجعل يتأخر في الصفوف حتى كنا في آخر الصف، فلما صلينا قلت له: أليس يقال:) ، ولفظ القوت: أليس قد قال -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=690745 (خير الصفوف أولها) ، وشرها آخرها. اهـ .
وهذا لم يتعرض له العراقي لكون المصنف أورده بلفظ: يقال، وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، والأربعة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الكبير من حديث nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة، nindex.php?page=showalam&ids=13357وابن عدي، nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار من حديث فاطمة بنت قيس، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط، عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=657672خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها. وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر: nindex.php?page=hadith&LINKID=677504خير صفوف الرجال مقدمها، وشرها مؤخرها، وخير صفوف النساء مؤخرها، وشرها مقدمها (فقال: نعم، إلا أن هذه أمة مرحومة منظور إليها من بين الأمم، فإن الله تعالى إذا نظر إلى عبد في صلاة غفر لمن وراءه من الناس) . هكذا لفظ القوت، ويوجد في بعض نسخ الكتاب: غفر له، ولمن وراءه من الناس (وإنما تأخرت رجاء أن يغفر لي بواحد منهم ينظر الله إليه، وروى بعض الرواة أنه قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك) ، ولفظ القوت، وقد رفعه بعض الرواة أن nindex.php?page=showalam&ids=4أبا الدرداء سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك. قال العراقي: لم أجده بهذا اللفظ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في تاريخ دمشق نحوه. اهـ .
(فمن تأخر) عن الصف الأول (على هذه النية إيثارا) على نفسه لغيره من إخوانه (وإظهارا لحسن الخلق) ، ولين الجانب، وكسر النفس (فلا بأس، وعند هذا يقال: الأعمال بالنيات) هو لفظ حديث، هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه، ومثله في مسند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، والمشهور: إنما الأعمال، وقد بينت طرقه في الجواهر المنيفة .