الباب السادس: في مسائل متفرقة تعم بها البلوى ، ويحتاج المريد إلى معرفتها .
فأما المسائل التي تقع نادرة فقد استقصيناها في كتب الفقه .
مسألة .
الفعل القليل ، وإن كان لا يبطل الصلاة ، فهو مكروه إلا لحاجة وذلك في دفع المار وقتل العقرب التي تخاف ويمكن قتلها بضربة ، أو ضربتين فإذا صارت ثلاثة فقد كثرت ، وبطلت الصلاة .
(الباب السادس في) ذكر (مسائل متفرقة)
أي: من غير ترتيب (تعم بها البلوى، ويحتاج المريد إلى معرفتها) ، والكشف عنها بالمراجعة، والاستفتاء (فأما المسائل التي تقع نادرة) في بعض الأحيان (فقد استقصيناها في كتب الفقه) الأربعة البسيط، والوسيط، والوجيز، والخلاصة .
اعلم أن (الفعل القليل، وإن كان لا يبطل الصلاة، فهو مكروه) قال صاحب العوارف: وفي رخصة الشرع ثلاث حركات متواليات جائز، وأرباب العزيمة يتركون الحركة في الصلاة جملة، وقد حركت يدي في الصلاة، وعندي شخص من الصالحين، فلما انصرفت من الصلاة أنكر علي، وقال: عندنا أن العبد إذا وقف في الصلاة ينبغي أن يبقى جمادا مجمدا لا يتحرك منه شيء .
قلت: وفي قوله: ثلاث حركات فيه نظر (إلا لحاجة) داعية للحركة (وذلك في دفع المار) بين يديه، بأن يدفعه في صدره ليتأخر، لما ورد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد: nindex.php?page=hadith&LINKID=671040فإن أبى، فليقاتله، فإنه شيطان. وقد تقدم ذلك. قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي في الشرح: وللمصلي أن يدفع المار بين يديه في صلاته، ويضربه على المرور، وإن أدى إلى قتله، ولو لم تكن سترة، أو كانت، وتباعد منها، فالأصح أنه ليس له الدفع لتقصيره .
قال النووي: قلت: ولا يحرم حينئذ المرور بين يديه، ولكن الأولى تركه. والله أعلم .
ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي: ولو وجد الداخل فرجة في الصف الأول، فله أن يمر بين يدي الصف الثاني، ويقف فيها؛ لتقصير أصحاب الثاني بتركها. قال nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين: والنهي عن المرور، والأمر بالدفع إذا وجد المار سبيلا سواه، فإن لم يجد وازدحم الناس، فلا ينهى عن المرور، ولا يشرع الدفع، وتابع nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين على هذا، وهو مشكل، ففي الحديث الصحيح في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري خلافه، وأكثر كتب الأصحاب ساكتة عن التقييد بما ذكر. قال النووي: الصواب أنه لا فرق بين وجود السبيل، وعدمه، فحديث nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري صريح في المنع، ولم يرد شيء يخالفه، ولا في كتب المذهب لغير الإمام ما يخالفه. والله أعلم .
قلت: وفي كتب أصحابنا ما يوافق قول nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي دفعا للحرج. قالوا: ويدرأ المار بالإشارة، أو التسبيح، ويكره الجمع بينهما؛ لأن بأحدهما كفاية (أو قتل عقرب يخافه) ، وفي نسخة: عقرب التي تخاف، أي: بأن قصدت المصلي، أو مرت على بعض أعضائه، أو نحو ذلك (ويمكن قتله) كذا في النسخ، والصواب: قتلها (بضربة، أو ضربتين) بنعله، أو بشيء آخر عنده (فإذا صارت ثلاثا كثرت، وبطلت الصلاة) ؛ لأن العمل الكثير يبطل الصلاة، وقد جاءت أخبار عن قتل العقرب في الصلاة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم عن أصحابه، وأتباعهم. قال nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة، عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر، عن يحيى، عن جهضم، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=687920أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتل الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب.
وأخرج عن nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى أن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا قتلها وهو في الصلاة، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة، عن nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار، أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رأى ريشة وهو يصلي، فحسب أنها عقربا فضربها بنعله، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية أنه قتلها وهو يصلي، وعن فضيل، عن إبراهيم قال: في العقرب يراها الرجل في الصلاة قال: اصرفها عنك. قلت: فإن أبت؟ قال: اصرفها عنك. قلت: فإن أبت؟ قال: فاقتلها، واغسل مكانها الذي تقتلها فيه، وعن مورق أنه قتلها وهو يصلي، وعن مغيرة، عن إبراهيم سئل عن قتل العقرب في الصلاة، فقال: إن في الصلاة لشغلا. اهـ .