الصلاة في النعلين جائزة وإن كان نزع النعلين سهلا وليست الرخصة في الخف لعسر النزع ؛ بل هذه النجاسة معفو عنها .
وفي معناها المداس صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نعليه ثم نزع فنزع الناس نعالهم ، فقال : لم خلعتم نعالكم قالوا ؟ : رأيناك خلعت فخلعنا قال ، صلى الله عليه وسلم إن جبرائيل عليه السلام : أتاني فأخبرني أن بهما خبثا ، فإذا أراد أحدكم المسجد فليقلب نعليه ، ولينظر فيهما ، فإن رأى خبثا ، فليمسحه بالأرض ، وليصل فيهما وقال بعضهم : الصلاة في النعلين أفضل ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال لم خلعتم نعالكم ؟ وهذه مبالغة ، فإنه صلى الله عليه وسلم سألهم ليبين لهم سبب خلعه ؛ إذ علم أنهم خلعوا على موافقته .
ثانية في حكم خلع النعال في الصلاة هل يفسد أم لا؟ وهل الصلاة في النعلين جائزة أم لا؟ قال - رحمه الله تعالى - : (الصلاة في النعلين جائزة) باتفاق فقهاء الأمصار (وإن كان نزع النعلين سهلا) على المصلي لا يحتاج إلى عمل كثير (وليست الرخصة في الخف لعسر النزع؛ بل هذه النجاسة معفو عنها، وفي معناها) ، أي: النعال (المداس) بكسر الميم، قيل ميمه أصلية؛ ولذا جمعوه على أمدسة كسلاح وأسلحة، وقال صاحب المصباح: إذا صح سماعه من العرب، فقياسه كسر الميم؛ لأنه آلة .
قلت: والمشهور فتح الميم، وهو الذي ينتعله الناس، ويختلف نوعه باختلاف البلاد، وفي معناه الزربول، وجمعه الزرابيل، وأجمعت العلماء على أن الصلاة في النعال، وما في حكمها مما هو ملبوس للرجل جائزة فرضا، أو نفلا، أو جنازة، سفرا، أو حضرا؛ بل قيل بالسنية للاتباع، وسواء كان يمشي بها في الأزقة، أو لا، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كانوا يمشون في طرقات المدينة، ويصلون فيها؛ بل كانوا يخرجون بها إلى الحشوش حيث يقضون الحاجة، وقال ابن القيم: قيل nindex.php?page=showalam&ids=12251للإمام أحمد: أيصلي الرجل في نعليه، قال: إي والله، وترى أهل الوسواس إذا صلى أحدهم صلاة الجنازة في نعليه قام على عقبهما كأنه واقف على الجمر (صلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في نعليه) ، أي: عليهما، أو بهما لتعذر الظرفية إن جعلت في متعلقة بصلى، فإن تعلقت بمحذوف صحت الظرفية بأن يقال: صلى ورجلاه في نعليه؛ أي: مستقرة فيها (ثم نزع فنزع الناس نعالهم، فقال: لهم) لما انصرف: (لم خلعتم نعالكم؟ فقالوا: رأيناك خلعت فخلعنا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا، فإذا أراد أحدكم المسجد) ، أي: دخوله (فليقلب نعليه، ولينظر فيهما، فإن رأى) ، فيهما (خبثا، فليمسحه بالأرض، وليصل بهما) . قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، واللفظ له، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، وصححه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد.
قلت: وكذا nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة من طريق أبي نضرة عنه بطوله هكذا، ومن طريق أخرى، عن عبد الرحمن بن أبي يعلى مختصرا .
(وقال بعضهم: الصلاة بالنعلين أفضل؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- قال) في هذا الحديث لأصحابه: (لم خلعتم نعالكم؟ وهذه مبالغة، فإنه سألهم ليبين لهم سبب خلعه؛ إذ علم أنهم خلعوا على موافقته) ، وقد أمروا باتباعه -صلى الله عليه وسلم- في كل حال من الأحوال، خصوصا في العبادات الظاهرة، فإنما قال لهم ما قال؛ لبيان السبب، ومنهم من قال: الصلاة فيها من الرخص لا من المستحبات؛ [ ص: 308 ] لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة، وهو وإن كان من ملابس الزينة، لكن ملامسة الأرض التي تكثر فيها النجاسات قد تقصر به عن هذه الرتبة، وإذا تعارضت مراعاة التحسين، ومراعاة إزالة النجاسة قدمت الثانية؛ لأنها من باب دفع المفاسد، والأخرى من باب جلب المصالح، إلا أن يرد دليل بإلحاقه بما يتجمل به، فيرجع إليه. اهـ. وهو قول ابن دقيق العيد، وقد عقد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري باب الصلاة في النعال، فقال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11790آدم بن أبى إياس، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، أخبرنا أبو مسلمة الأزدي، nindex.php?page=hadith&LINKID=650373سألت nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك: أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نعليه؟ قال: نعم.
قلت: وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في الصلاة، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي. قال الشراح: وهو محمول على ما إذا لم تكن فيهما نجاسة، فعند الشافعية لا يطهرها إلا الماء، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة: إن كانت يابسة أجزأ حكها، وإن كانت طرية تعين الماء، ونقل المناوي أنه ذهب بعض السلف إلى أن النعل المتنجسة تطهر بدلكها بالأرض، وتصح الصلاة فيها، وهو قول قديم nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي. اهـ .
(وقد روي عن عبد الله بن السائب) بن أبي السائب، واسمه صيفي بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي أبو السائب، ويقال: أبو عبد الرحمن المكي القارئ، له ولأبيه صحبة، وهو والد محمد بن عبد الله، وكان قارئ أهل مكة، وعنه أخذ أهل مكة القرآن، وتوفي بمكة. روى له الجماعة إلا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=672478 (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلع نعليه) . قال العراقي: أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم. اهـ .