(الفصل الثامن عشر: في
بيان كونه مجددا للقرن الخامس) .
ولنذكر أولا الحديث الذي استنبط منه العلماء التجديد، روى
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في الملاحم، والحاكم في الفتن وصححه،
nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في كتاب المعرفة له، كلهم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=675663 "إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها".
قال
العراقي وغيره: سنده صحيح، أي: يقيض لها على رأس كل مائة من الهجرة أو غيرها رجلا كان أو أكثر من يبين السنة من البدعة، ويكثر العلم، وينصر أهله، ويذل أهل البدعة، قالوا: ولا يكون إلا عالما بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة .
فكان في المائة الأولى
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز، والثانية
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، والثالثة
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري أو
nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج، والرابعة
الإسفراييني أو
الصعلوكي أو
nindex.php?page=showalam&ids=12604الباقلاني، والخامسة
nindex.php?page=showalam&ids=14847حجة الإسلام الغزالي.
وقال
ابن السبكي: يتعين عندي تقديم
nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج في الثالثة على
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري؛ فإن
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري وإن كان أيضا شافعي المذهب إلا أنه رجل متكلم، كان قيامه للذب عن أصول العقائد دون فروعها، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج فقيها، وقيامه الذب عن فروع هذا المذهب، فكان أولى بهذه المرتبة، لا سيما ووفاة الأشعري تأخرت عن رأس القرن إلى بعد العشرين .
وقد صح أن هذا الحديث ذكر في مجلس
nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج فقام شيخ من أهل العلم فقال: أبشر أيها القاضي بأن الله بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وعلى الثانية الشافعي، وبعثك على رأس الثلاثمائة، ثم أنشأ يقول:
اثنان قد مضيا فبورك فيهما عمر الخليفة ثم حلف السؤدد الشافعي الألمعي محمد
إرث النبوة وابن عم محمد أرجو أبا العباس أنك ثالث
من بعدهم سقيا لتربة أحمد
فصاح
nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج فيما يحكى وبكى، وقال: لقد نعى إلي نفسي، وقيل: إنه مات في تلك السنة .
قال: وأما الرابعة فقد قيل: إن الشيخ
أبا حامد الإسفراييني هو المبعوث فيها، وقيل: بل الأستاذ سهل
الصعلوكي، وقد كان ممن لا يدفع عن هذا المقام بوجه يتضح؛ لمشاركة الشيخ أبي حامد في الفقه، وقرب الوفاة من رأس المائة بخلاف الأشعري مع
nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج.
قال: والخامس
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي، وقد قال في قصيدة نظمها في أسمائهم:
والخامس الحبر الإمام محمد هو حجة الإسلام دون تردد
وكذلك ذكره الحافظ جلال الدين الأسيوطي في أرجوزة له فقال:
والخامس الحبر هو الغزالي وعده ما فيه من جدال
وقال فيها:
والشرط في ذلك أن تمضي المائة وهو على حياته بين الفئة
يشار بالعلم إلى مقامه وينصر السنة في كلامه
وأن يكون جامعا لكل فن وأن يعم علمه أهل الزمن
وأن يكون في حديث قد روي من أهل بيت المصطفى وقد قوي
وكونه فردا هو المشهور قد نطق الحديث والجمهور
ونقل
العراقي عن البعض أنه جعل في الرابعة
nindex.php?page=showalam&ids=11815أبا إسحاق الشيرازي، والخامسة
nindex.php?page=showalam&ids=14508أبا طاهر السلفي، ولا مانع من الجمع، فقد يكون المجدد أكثر من واحد .
قال
الذهبي: من هنا للجمع لا للمفرد، فتقول مثلا: على رأس الثلاثمائة
nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج في الفقه،
nindex.php?page=showalam&ids=13711والأشعري في الأصول،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في الحديث .
وقال في جامع الأصول: قد تكلموا في
[ ص: 27 ] تأويل هذا الحديث، فكل أشار إلى العالم الذي هو في مذهبه، وحمل الحديث عليه، والأولى العموم؛ فإن "من" يقع على الواحد والجمع، ولا يختص أيضا بالفقهاء، فإن انتفاع الأمة أيضا يكون بأولي الأمر، وأهل الحديث، والقراء، والوعاظ، لكن المبعوث ينبغي أن يكون مشارا إليه في كل من هذه الفنون .
ففي رأس الأولى من أولي الأمر
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز، ومن الفقهاء
nindex.php?page=showalam&ids=11958محمد الباقر، nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد، nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم بن عبد الله، والحسن، nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين، ومن القراء
ابن كثير، ومن المحدثين
الزهري.
وفي رأس الثانية من أولي الأمر المأمون، ومن الفقهاء
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، واللؤلؤي من الحنفية،
وأشهب من المالكية،
وعلي بن موسى الرضي من الإمامية،
والحضرمي من القراء،
وابن معين من المحدثين،
والكرخي من الزهاد .
وفي الثالثة من أولي الأمر المقتدر، ومن الفقهاء
nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج، ومن الحنفية
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي، ومن المتكلمين
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري، ومن المحدثين
النسائي.
وفي الرابعة من أولي الأمر القادر بالله، ومن الفقهاء
الإسفراييني، ومن الحنفية
الخوارزمي، ومن المالكية
عبد الوهاب، ومن الحنابلة
الحسين الفراء، ومن المتكلمين
nindex.php?page=showalam&ids=12604الباقلاني nindex.php?page=showalam&ids=13428وابن فورك، ومن المحدثين
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم، ومن الزهاد
الدينوري.
وهكذا يقال في بقية القرون، وفي كلام
النووي ما يشير إلى ذلك، وأيده
الحافظ ابن حجر في الفتح، وقال: كل من اتصف بشيء من تلك الأوصاف عند رأس المائة هو المراد، تعدد أم لا، والبحث في هذا المقام يستدعي لذكر مهمات، ولكن اقتصرنا على المقصود منه .