فإن تقدم عليه ففي بطلان صلاته خلاف ولا يبعد أن يقضي بالبطلان تشبيها بما لو تقدم في الموقف على الإمام بل هذا أولى لأن الجماعة اقتداء في الفعل لا في الموقف فالتبعية في الفعل أهم .
وإنما شرط ترك التقدم في الموقف تسهيلا للمتابعة في الفعل وتحصيلا لصورة التبعية ؛ إذ اللائق بالمقتدى به أن يتقدم فالتقدم عليه في الفعل لا وجه له إلا أن يكون سهوا .
وهي العاشرة، اعلم أنه يجب على المأموم متابعة الإمام، فحينئذ ( لا ينبغي أن يتقدم المأموم على الإمام في الركوع والسجود والرفع منهما وفي سائر الأعمال) والمراد من المتابعة أن يجري على أثر الإمام بحيث يكون ابتداء كل واحد منها متأخرا عن ابتداء الإمام به ومتقدما على فراغه منه، ( و) لذا قال المصنف ( لا ينبغي أن يساوقه) مساوقة ( بل يتبعه ويقفو أثره) على الوجه الذي ذكرنا ( فهذا معنى الاقتداء) والمتابعة .
ويشترط تأخر جميع تكبيرة المأموم عن جميع تكبيرة الإمام، ويستحب للإمام أن لا يكبر حتى تستوي الصفوف ويأمرهم به ( فإن ساوقه عمدا) في غير التكبير ( لم تبطل صلاته) ، هذا شروع في بيان مخالفة المأموم لإمامه، وهي على ثلاثة أحوال: المساوقة وهي المقارنة، والتخلف، والتقدم. وذكر في المساوقة عدم بطلان صلاة المأموم ولو عمدا ( كما لو وقف بجنبه غير متأخر عنه) فإنه كذلك لا تبطل صلاته .
ثم أشار إلى الحال الثاني من أحوال المخالفة فقال ( فإن تقدم) أي: المأموم ( عليه) أي: على الإمام ( بركن ففي بطلان صلاته خلاف) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : إن تقدم على الإمام بالركوع أو غيره من الأفعال الظاهرة، فينظر إن لم يسبق بركن كامل بأن ركع قبل الإمام، فلم يرفع حتى ركع الإمام لم تبطل صلاته عمدا كان أو سهوا، وفي وجه شاذ: تبطل إن تعمد .
فإذا قلنا: لا تبطل. فهل يعود؟ وجهان: المنصوص، وبه قال العراقيون: يستحب أن يعود إلى القيام ويركع معه .
والثاني: وبه قطع صاحب "النهاية" و"التهذيب": لا يجوز العود، فإن عاد بطلت صلاته، وإن فعله سهوا، فالأصح أنه مخير بين العود والدوام، والثاني: يجب العود فإن لم يعد بطلت صلاته، وإن سبق بركنين فصاعدا بطلت صلاته، إن كان عامدا عالما بتحريمه، وإن كان ساهيا أو جاهلا لم تبطل، لكن لا يعتد بتلك الركعة، فيأتي بها بعد سلام الإمام .
وقال العراقيون: التقدم بركن لا يبطل، وهذا أصح وأشهر، وحكي عن نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه هذا في الأفعال الظاهرة، فأما تكبيرة الإحرام فالسبق بها مبطل، وأما الفاتحة والتشهد ففي السبق بهما أوجه الصحيح لا يضر بل يجزيان، والثاني تبطل الصلاة، والثالث لا تبطل وتجب إعادتهما مع قراءة الإمام أو بعدها .
( ولا يبعد أن يقضي بالبطلان) أي ببطلان الصلاة في حال التقدم ( تشبيها بما لو تقدم في الموقف على الإمام) فإنه يبطل الاقتداء ( بل هو أولى لأن الجماعة اقتداء في الفعل لا في الموقف فالتبعية في الفعل أهم) وآكد، ( وإنما شرط ترك التقدم في الموقف) على الإمام ( تسهيلا للمتابعة في الفعل وتحصيلا [ ص: 325 ] لصورة التبعية؛ إذ اللائق بالمقتدى به) الذي هو الإمام ( أن يتقدم فالتقدم عليه في الفعل لا وجه له إلا أن يكون سهوا) فلا تبطل، فإن كان عامدا تبطل، وهذا من المصنف تقوية للوجه الشاذ في المذهب الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي ، وظاهر سياقه في الوجيز هو الذي أوردناه أولا، وهذا الكتاب لما تأخر تأليفه ظهر له خلاف ما ذكره في كتبه فهو خالف العراقيين وغيرهم من أئمة المذهب؛ فتأمل ذلك .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة: nindex.php?page=hadith&LINKID=700766 "أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه في الصلاة أن لا يرجع إليه بصره". واختلف في هذه الأحاديث، فقيل: ذلك حقيقة، وقيل: بل هو مجاز عن البلادة والجهل والخسة. والأخير رجحه المصنف كما سيأتي، ثم إن ظاهر الأحاديث المذكورة يقتضي تحريم الفعل المذكور المتوعد عليه بالمسخ وخطف البصر، وبه جزم النووي في المجموع، لكن تجزئ الصلاة، وأبطلها nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والظاهرية، وقال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود لرجل سبق إمامه في الصلاة: لا وحدك صليت، ولا بإمامك اقتديت. وقال صاحب الفيض: ليس للتقدم على الإمام سبب إلا الاستعجال، ودواؤه أن يستحضر أنه لا يسلم قبله .