وكان أحمد بن حنبل يصليهما فعابه الناس فتركهما ، فقيل له في ذلك ، فقال : لم أر الناس يصلونهما فتركتهما وقال لئن : صلاهما الرجل في بيته أو حيث لا يراه الناس فحسن .
( وكان) أحمد بن محمد ( بن حنبل) رحمه الله تعالى يرى بالجواز، وكان ( يصليهما) عملا بما ورد فيهما، ( فعاتبه الناس) ؛ نظرا إلى ظاهر قول ابن مغفل في حديثه كراهية أن يتخذها الناس سنة، وهو عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أي سنة لازمة يواظبون عليها ( فتركهما، فقيل له في ذلك، فقال: لم أر الناس يصلونهما فتركتهما) لذلك. ( وقال: إن صلاهما الرجل في بيته) ، ثم يأتي المسجد فيصلي الفرض ( أو حيث لا يراه الناس فحسن) فعلهما .
وقال الشيخ الأكبر قدس سره في كتاب الشريعة والحقيقة: هاتان الركعتان قبل المغرب سنة متروكة مغفول عنها، فيها من الأجر ما لا يعلمه إلا هو؛ فإن لله بين كل أذان وإقامة صلاة، كما ورد ذلك في الخبر، وهي صلاة الأولياء، وكان الصدر الأول يحافظون عليها، وسبب ذلك أن النفل عبودية اختيار، والفرض عبودية اضطرار، وعبودية الاضطرار تحتاج إلى حضور تام بمعرفة ما ينبغي للسيد المعبود من الجلال والتنزيه، فتقوم عبودية الاختيار لهذا المقام كالرياضة للنفس، وكالعزلة بين يدي الخلوة، فتتنبه النفس بالنافلة قبل الفرض لما ينبغي للمصلي أن يكون عليه في حال مناجاته سيده في عبادة الفرض؛ فإنه لا يستوي حال الشخص إذا قام إلى صلاة فرض من صلاة نفل في قلبه وانتباهه كحال شخص دخل إلى صلاة فرض من حديث: وبيع أو شراء، فبينهما من الحضور بون بعيد في الخاص والعام؛ فلهذا شرع الشارع النفل بين يدي الفرض، فهو كالصدقة على النفس بين يدي نجواهم، فأهل الله ينبغي أن يحافظوا على ذلك، وإن كانوا على صلاتهم دائمين .