( وله أن يأكل من الأضحية بعد ثلاث أيام فما فوق) ذلك؛ لأنه قد ( وردت فيه الرخصة بعد النهي عنه) لم يتعرض له العراقي، وقد أشار به إلى ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، عن بريدة رضي الله عنه رفعه: nindex.php?page=hadith&LINKID=663800 "كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ليتسع ذو الطول على من لا طول له، فكلوا ما بدا لكم، وأطعموا، وادخروا". قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي في الشرح: فرع: يجوز أن يدخر من لحم الأضحية، وكان ادخارها فوق ثلاثة أيام قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أذن فيه، قال الجمهور: كان نهي تحريم، وقال أبو علي الطبري : يحتمل التنزيه، وذكروا على الأول وجهين في أن النهي كان عاما، ثم نسخ أم كان مخصوصا بحالة الضيق الواقع تلك الأيام، فلما زالت انتهى التحريم. ووجهين على الثاني في أنه لو حدث مثل ذلك في زماننا وبلادنا، فهل يحكم به؟ والصواب المعروف أنه لا يحرم اليوم بحال، وإذا أراد الادخار فالمستحب أن يكون من نصيب الأكل لا من نصيب الصدقة والهدية .
وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في الوجيز: يتصدق بالثلث، ويأكل الثلث، ويدخر الثلث، فبعيد منكر؛ فإنه لا يكاد يوجد في كتاب متقدم ولا متأخر، والمعروف والصواب ما قدمناه؛ قال النووي : قلت: قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه في المبسوط: أحب ألا يتجاوز بالأكل والادخار الثلث، وأن يهدي الثلث، ويتصدق بالثلث. هذا نصه بحروفه، وقد نقله القاضي أبو حامد في جامعه، ولم يذكر غيره؛ فهذا تصريح بالصواب، ورد لما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في الوجيز، والله أعلم .
( فصل) في مسائل منثورة تتعلق بالأضاحي من شرح الرافعي وغيره
الأولى: قال nindex.php?page=showalam&ids=12888ابن المرزبان: من أكل بعض الأضحية، وتصدق ببعضها، هل يثاب على الكل أو على ما تصدق؟ وجهان كالوجهين فيمن نوى صوم التطوع ضحوة، هل يثاب من أول النهار أم من وقته، وينبغي أن يقال له: ثواب التضحية بالكل، والتصدق بالبعض. قال النووي : وهذا الذي قاله nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي هو الصواب الذي تشهد به الأحاديث والقواعد، وممن جزم به إبراهيم المروزي، والله أعلم .
الثانية: قال nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج : من ذبح شاة، وقال: أذبح لرضا فلان. حلت الذبيحة؛ لأنه لا يتقرب إليه بخلاف من تقرب بالذبح إلى الصنم، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14396الروياني أن من ذبح للجن، وقصد التقرب إلى الله تعالى، ليصرف شرهم عنه فهو حلال، وإن قصد الذبح لهم فحرام .
الثالثة: قال nindex.php?page=showalam&ids=14396الروياني : من ضحى على عدد فرقه على أيام الذبح، فإن كان شاتين ذبح شاة في اليوم الأول والأخرى في آخر الأيام. قال النووي : هذا الذي قاله، وإن كان أرفق بالمساكين إلا أنه خلاف السنة، فقد نحر النبي صلى الله عليه وسلم مائة بدنة أهداها في يوم واحد، فالسنة التعجيل، والمسارعة إلى الخيرات، إلا ما ثبت خلافه، والله أعلم .
الرابعة: الأفضل أن يضحي في بيته بمشهد أهله، وفي الحاوي أنه يختار للإمام أن يضحي للمسلمين كافة من بيت المال ببدنة ينحرها في المصلى، فإن لم يتسر فشاة، وأنه يتولى النحر بنفسه، وإن ضحى من ماله ضحى حيث شاء .
الخامسة: قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي : الأضحية على كل من وجد السبيل من المسلمين من أهل المدائن والقرى والحاضر والمسافر والحاج من أهل منى وغيرهم، ومن كان معه هدي، ومن لم يكن هذا نصبه بحروفه، وخالف في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، والنخعي، وروي عن علي: فلم يروا على المسافر أضحية، واستثنى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك من المسافرين والمقيمين الحاج من أهل منى ومكة وغيرهما، فلم ير عليهم أضاحي، وهو قول [ ص: 408 ] النخعي، وروي ذلك عن أبي بكر، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر، وجماعة من السلف، ووافق nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أبو ثور في إيجابها على الحاج بمنى. وقال النووي : ومن نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي المتقدم يرد على nindex.php?page=showalam&ids=14751العبدري حيث قال في الكفاية: إلا في حق الحاج بمنى فإنه لا أضحية عليهم .
السادسة: قال القاضي في شرح مسلم: اختلف الأصوليون في الفقهاء والمتكلمين في لفظة "أفعل" إذا جاءت بعد الحظر، هل يحمل على الوجوب أو على الإباحة فجمهور محققيهم من القائلين بصيغة الأمر، واقتضائه بمجرد الوجوب من أصحابنا، وغيرهم يحملها على الوجوب هاهنا، يعني في قوله: فكلوا، وتصدقوا، وادخروا. قال القاضي أبو بكر: لو كنت من القائلين بالصيغة لقلت بأنها إذا أطلقت بعد الحظر تقتضي الوجوب، وذهبت طوائف منهم من فقهاء أصحابنا وغيرهم من المتكلمين أنها تحمل على الإباحة ورفع الحرج، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، وقال قائلون: وإن كان الحظر مؤقتا فهو على الإباحة، وكان من قال بوجوب الأكل من الأضاحي استروح إلى هذا الأصل، وهذا عندي غير صحيح؛ لأن هذا الحظر معلق بعلة نص عليها الشارع، فأبان أن نهيه لسببها، فإذا ارتفعت ارتفع موجبها وبقي الأمر على ما كان عليه قبل من الإباحة، فليس في ذكره له بعد الحظر أمر زائد على ما يوجبه سقوط العلة إلا زيادة بيان، كما لو سكت عنه، واقتصر على مجرد ذكر العلة بقوله: إنما نهيتكم من أجل الرأفة، لفهم أن سقوط العلة سقوط النهي وبقاء الأمر على الإباحة، والله أعلم .
السابعة: لا يجوز بيع جلد الأضحية، ولا جعله أجرة للجزار، وإن كانت تطوعا، بل يتصدق به المضحي، أو يتخذ منه ما ينتفع بعينه من خف أو نعل أو دلو، أو فروة أو يعيره لغيره، ولا يؤجره .
وحكى صاحب التقريب قولا غريبا أنه يجوز بيع الجلد، ويصرف ثمنه مصرف الأضحية، فيجب التشريك كالانتفاع باللحم، والمشهور الأول .
الثامنة: ذكر لي بعض الطلبة من أصحابنا نقلا عن فتاوى التترخانية أنه يجوز التضحية بالخيل، فأنكرت عليه ذلك، ولم يكن عندي الكتاب المذكور حاضرا فأراجعه، والذي في كتب أصحابنا وأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه لا يؤثر على النبي صلى الله عليه وسلم التضحية بغير الإبل والغنم والبقر، ثم رأيت الحافظ ابن حجر نقل عن السهيلي أنه روى عن أسماء قالت: ضحينا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيل، وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه ضحى بذلك. اهـ .
قلت: ولعله نسخ ذلك، وكيف يجوز به التضحية به عندنا؟! وقد كرهه nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، ومحمد بن الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي، ووافقهم nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وروى مثله عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وأباحه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وأكثر أصحاب الحديث استدلوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=660603وأذن في لحوم الخيل، والله أعلم .