اعلم أن هؤلاء قد يستدرجون الناس إلى ذلك بأن غرضنا من المناظرات المباحثة عن الحق ليتضح فإن الحق مطلوب والتعاون على النظر في العلم وتوارد الخواطر مفيد ومؤثر هكذا كان عادة الصحابة رضي الله عنهم في مشاوراتهم كتشاورهم في مسألة الجد والأخوة وحد شرب الخمر ووجوب الغرم على الإمام إذا أخطأ كما نقل من إجهاض المرأة جنينها خوفا من nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه وكما نقل من مسائل الفرائض وغيرها وما نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ومحمد بن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وأبي يوسف وغيرهم من العلماء رحمهم الله تعالى .
الأول أن لا يشتغل به وهو من فروض الكفايات من لم يتفرغ من فروض الأعيان ومن عليه فرض عين فاشتغل بفرض كفاية وزعم أن مقصده الحق فهو كذاب .
ومثاله من يترك الصلاة في نفسه ويتجرد في تحصيل الثياب ونسجها ويقول غرضي أستر عورة من يصلي عريانا ولا يجد ثوبا فإن ذلك ربما يتفق ووقوعه ممكن كما يزعم الفقيه أن وقوع النوادر التي عنها البحث في الخلاف ممكن والمشتغلون بالمناظرات مهملون لأمور هي فرض عين بالاتفاق .
ومن توجه عليه رد وديعة في الحال فقام وأحرم بالصلاة التي هي أقرب القربات إلى الله تعالى عصى به فلا يكفي في كون الشخص مطيعا كون فعله من جنس الطاعات ما لم يراع فيه الوقت والشروط والترتيب .
(بيان التلبيس)
أي: التخليط (في تشبيه هذه المناظرات) التي تجري بينهم (بمشاورات الصحابة -رضي الله عنهم- ومفاوضات السلف) الصالحين (اعلم أن هؤلاء قد يستدرجون الناس إلى ذلك) أي: يأخذونهم على طريق الاستدراج (بأن غرضنا من المناظرة المباحثة عن الحق) والتفحص عنه لنتبعه (وليتضح) وضوحا كليا (فإن الحق مطلوب) لا محالة (والتعاون على النظر) أي: طلب المعنى بالقلب من جهة الفكر كما يطلب إدراك المحسوس بالعين (وتوارد الخواطر) بعضها على بعض (مفيد ومؤثر) تأثيرا بليغا (و) يزعمون أنه (هكذا كانت عادة الصحابة) الكرام، رضي الله عنهم (في مشاوراتهم) مع بعضهم في مسائل إذا اختلف فيها (كتشاورهم) أي: كما تشاوروا (في مسألة الجد والأخوة) فأفتى فيها أبو بكر بمشاورة الصحابة بأن أنزله أبا وبه أفتى nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير لأهل الكوفة كما في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في مناقب الصديق وبه أخذ الإمام nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأفتى nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت بأن له مع الأخوة خير الأمرين من المقاسمة وأخذ ثلث المال وبه أخذ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وباقي الأئمة (وحد شرب الخمر) فقيل أربعين كما في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وقيل ثمانين كما في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وفي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أن عبد الله بن جعفر جلد nindex.php?page=showalam&ids=292الوليد بن عقبة بين يدي عثمان وكان أخا لأمه nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي يعده حتى بلغ أربعين فقال: أمسك، ثم قال nindex.php?page=hadith&LINKID=681435جلد النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر أربعين nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان ثمانين وكل سنة. وهذا أحب إلي (ووجوب الغرم على الإمام إذا أخطأ) في اجتهاده (كما نقل من إجهاض) أي: إلقاء (امرأة جنينها) من بطنها لغير تمام (خوفا من nindex.php?page=showalam&ids=2عمر) -رضي الله عنه- فوداه من عنده (وكما نقل في مسائل الفرائض) وهي كثيرة (وغيرها) مما تشاور فيه الصحابة رضي الله عنهم (وما نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن) الشيباني (ومالك) ابن أنس (وأبي حنيفة) النعمان (وأبي يوسف) يعقوب (وغيرهم من العلماء) nindex.php?page=showalam&ids=12251كأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور في مناظراتهم مع بعضهم. وبعض ذلك مذكور في الطبقات الكبرى لابن السبكي فهذا هو الذي أوقع الناس في التلبيس (ويطلعك على هذا التلبيس ما أذكره لك) مفصلا (وهو أن التعاون على طلب الحق من الدين) وقد ورد في الحديث [ ص: 283 ] طلب الحق غربة (ولكن له شروط وعلامات) بها ينتظم أمره وبها يظهر حقه من باطله (الأول) من الشروط (أن لا يشتغل به وهو من فروض الكفايات) كما تقدم (من لم يتفرغ عن) تحصيل (فروض الأعيان) الواجبة عليه (ومن) كان (عليه فرض عين) فتركه (واشتغل بفرض كفاية وزعم أن مقصوده) طلب (الحق فهو كذاب) وفي نسخة: كاذب (ومثاله) مثال (من يترك الصلاة) المفروضة عليه (في نفسه ويتجرؤ) وفي نسخة: يتجرد (في تحصيل الثياب ونسجها) وخياطتها (ويقول غرضي به ستر عورة من يصلي عريانا ولا يجد ثوبا) يستتر به .
(فإن ذلك ربما يتفق ووقوعه ممكن) الوقوع (والمشغولون في المناظرة مهملون) وفي بعض النسخ: والمستغرق بالمناظرة مهمل (لأمور) أي: تارك لها (هن) وفي نسخة: هي أي: تلك الأمور (فرض عين) عليه (بالاتفاق ومن توجه عليه رد وديعة في الحال) وترك ذلك (فقام يحرم بالصلاة) وفي نسخة: فقام وتحرم بالصلاة (التي هي أقرب القربات إلى الله تعالى) مع بقاء وقتها (عصى) الله (بذلك فلا يكفي في كون الشخص مطيعا) لله تعالى (كون فعله من جنس الطاعات ما لم يراع فيه الوقت) الذي يؤدى فيه (والشرط) الذي يتم به (والترتيب) الذي به يقبل .