ثم قال المصنف رحمه الله: (وإن تبرعت الزوجة بالإخراج عن نفسها) مع يسار الزوج بغير إذنه (أجزأتها) إن قلنا: إن الزوج متحمل، وهو وجه في المذهب، (وللزوج الإخراج عنها دون إذنها) وفي وجه آخر أنه لا يجزئ بناء على أن الزوج لا يتحمل، ويجري الوجهان فيما لو تكلف من فطرته على قريبه باستقراض أو غيره، وأخرج بغير أذنه، والمنصوص في المختصر الإجزاء، ولو أخرجت الزوجة أو القريب بإذن من عليه أجزأ بلا خلاف، بل لو قال: [ ص: 72 ] الرجل لغيره: أد عني فطرتي. ففعل أجزأه، كما لو قال: اقض ديني، كذا في الروضة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: لو أدى عن ولده الكبير وعن زوجته بغير أمرهما جاز استحسانا؛ لأنه مأذون فيه عادة، قالوا: والثابت عادة كالثابت بالنص فيما فيه معنى المؤنة بخلاف ما هو عبادة محضة كالزكاة لا يسقط عنها إلا بإذنها صريحا؛ إذ لا يتحقق معنى الطاعة والابتلاء إلا به .
قال ابن الهمام: وفيه نظر، فإن معنى المؤنة لا ينفي ما فيه من معنى العبادة المتفرعة عن الابتلاء واختبار الطاعة عن المخالفة، فإن ادعى أن ذلك تابع في صدقة الفطر منعناه، وقد صرحوا بأن الغالب في صدقة الفطر معنى العبادة، نعم، إن أمكن أن يوجه هكذا بأن الثابت عادة لما كان كالثابت نصا كان أداؤه متضمنا اختيارها ونيتها بخلاف الزكاة، فإنها لا عادة فيها، ولو قدر فيها عادة قلنا بالإجزاء فيها أيضا، لكنها منتفية فيها، وإلا فلا يخفى ما فيه .