الثالث أن لا يخرج بدلا باعتبار القيمة ، بل يخرج المنصوص عليه ، فلا يجزئ ورق عن ذهب ولا ذهب عن ورق وإن زاد عليه في القيمة .
(الثالث) من الأمور الخمسة: (أن لا يخرج بدلا) في الزكاة (باعتبار القيمة، بل يخرج) الوارد في الحديث (المنصوص عليه، فلا يجزئ ورق) أي: فضة بدلا (عن ذهب) إذا وجبت فيه، (ولا ذهبا) بدلا (عن ورق) إذا وجبت فيه، (وإن زاد عليه في القيمة) كما في الهدايا والضحايا؛ لأن الشرع أوجب علينا، والواجب ما لا يسع تركه ومتى ساغ غيره وسعه تركه فلا يكون واجبا، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وقال أصحابنا: يجوز دفع القيمة في الزكاة والكفارة وصدقة الفطر والعشر والخراج والنذر؛ لأن الأمر بالأداء إلى الفقير إيجاب للرزق الموعود، فصار كالجزية بخلاف الهدايا والضحايا، فإن المستحق فيه إراقة الدم وهي لا تعقل، ووجه القربة في المتنازع فيه سيدخله المحتاج، وهو معقول .
ومما استدل به أصحابنا ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه معلقا في باب العرض في الزكاة ما نصه: قال nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس: قال nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب خميص، وليس في الصدقة مكان الشعير، والذرة أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: طاوس هو ابن ذكوان اليماني، وهذا الأثر أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم في كتاب الخراج، وخميص اسم جنس جمعي واحده خميصة، وذكره على إرادة الثوب .
قال الكرماني: هو كساء أسود مربع له علمان، والمشهور بالسين المهملة، قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد: هو ما طوله خمسة أذرع، وليس فعيل بمعنى ملبوس، وقوله: خير إلخ. أرفق؛ لأن مؤنة النقل ثقيلة، فرأى الأخف في ذلك خيرا من الأثقل، فهذا صريح في جواز دفع القيم في الزكاة كما قاله أصحابنا، قال ابن رشيد: nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري كثير المخالفة للحنفية، لكن قاده إليه الدليل، وقد تكلموا على هذا الأثر بأوجه منها: أن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاووسا لم يسمع من nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ فهو منقطع .
والجواب من وجهين: أولا: أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أورده في معرض الاحتجاج وهذا يقتضي قوته عنده، وثانيا: نقل الحافظ ابن حجر في تخريج nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه قال: nindex.php?page=showalam&ids=16248 "طاوس عالم بأمر nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ، وإن لم يلقه؛ لكثرة من لقيه ممن أدرك nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا، وهذا مما لا أعلم من أحد فيه خلافا" ا ه .
ومنها حكى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي، قال: قال بعضهم: فيه من الجزية بدل الصدقة، فإن ثبت فقد سقط الاحتجاج، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: هذا هو الأليق nindex.php?page=showalam&ids=32بمعاذ والأشبه بما أمره النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ الجنس في الصدقات، وأخذ الدينار أو عدله ثياب اليمن في الجزية وأن يرد [ ص: 95 ] الصدقات إلى فقرائهم، لا أن ينقلها إلى المهاجرين بالمدينة الذين أكثرهم أهل فيء لا أهل صدقة ا ه .
قلت: وهذا الذي حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي عن بعضهم من لفظ الجزية غير مشهور عند المحدثين، ولو كان صحيحا لذكر له سندا، ولو ذكر له سندا نظرنا فيه، لكنه لم يذكر، وكيف يكون ذلك جزية، وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ: مكان الذرة الشعير، ولا مدخل لها في الجزية، وإنما أمره عليه السلام بأخذ الجنس؛ لأنه هو الذي يطالب به المصدق، والقيمة إنما تؤخذ باختيارهم، وعلى هذا يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=673287الحب من الحب. الحديث .
والمقصود من الزكاة سد خلة المحتاج؛ فالقيمة في ذلك تقوم مقام تلك الأجناس، فوجب أن تجوز عنها، وهذا كما عين صلى الله عليه وسلم الأحجار للاستنجاء، ثم اتفق الجميع على جوازه بالخرق والخشب ونحوهما؛ لحصول الإنقاء بها كما يحصل بالأحجار، وإنما عين صلى لله عليه وسلم تلك الأجناس في الزكاة تسهيلا على أرباب الأموال؛ لأن كل ذي مال إنما يسهل عليه الإخراج من نوع المال الذي عنده، كما جاء في بعض الآثار nindex.php?page=hadith&LINKID=675860أنه صلى الله عليه وسلم جعل في الدية على أهل الحلل حللا، ويجوز أن يريد nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ نقل ما زاد عن فقرائهم، ومتى لم يوجد أهل السهمان في بلد نقلت الصدقة، والمراد بالمهاجرين الفقراء منهم كما تقول: الزكاة حق المسلمين، والمراد فقراؤهم .
قلت: وهذا مرسل، وإمامه لا يحتج بالمراسيل؛ لأن عطاء ولد سنة تسع عشرة فلم يدرك nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا؛ لأنه توفي سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس، ثم لو صح حديث عطاء فظاهره متروك؛ لأن الشاة تؤخذ عن الإبل، وأيضا لو أعطى بعيرا عن خمس من الإبل إلى عشرين جاز عند أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، مع أن المنصوص عليه الشياه .
فإن قيل: إنما جوزنا ذلك لأنه عليه السلام قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=673287والبعير من الإبل، قلنا: فوجب أن يجوز عن خمس من الإبل بعير لا يساوي شاة، فلما لم يجز علمنا أنه بالقيمة، ومنهم من دفع أثر nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ، وقال: لا حجة فيه على أخذ القيم في الزكاة مطلقا؛ لأنه لحاجة علمها بالمدينة، وإن المصلحة في ذلك .