الوظيفة الخامسة : أن لا يفسد صدقته بالمن والأذى قال الله تعالى لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى واختلفوا في حقيقة المن والأذى فقيل : المن أن يذكرها والأذى أن يظهرها وقال سفيان من من فسدت صدقته فقيل ، له : كيف المن فقال : أن يذكره ويتحدث به وقيل : المن أن يستخدمه بالعطاء والأذى أن يعيره بالفقر ، وقيل : المن أن يتكبر عليه لأجل عطائه ، والأذى أن ينتهره أو يوبخه بالمسألة .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : لا يقبل الله صدقة منان
(الوظيفة الخامسة: أن يفسد صدقته بالمن والأذى) ، قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس شبه سبحانه الذي يبطل صدقته بالمن والأذى بالذي ينفق ماله رئاء الناس لأجل مدحتهم وشهرته بالصفات الجميلة، مظهرا أنه يريد وجه الله، ولا ريب أن الذي يرائي في صدقته أسوأ حالا من المتصدق بالمن؛ لأنه معلوم أن المشبه به أقوى حالا من المشبه؛ ومن ثم قال الله تعالى: ولا يؤمن بالله واليوم الآخر ثم ضرب مثل ذلك المرائي بالإنفاق بقوله: فمثله كمثل صفوان أي: حجر أملس عليه تراب فأصابه وابل مطر كبير القطر فتركه صلدا أملس نقيا من التراب، كذلك أعمال المرائين تضمحل عند الله، فلا يجد المرائي بالإنفاق يوم القيامة ثواب شيء من نفقته، كما لا يحصل النبات من الأرض الصلدة، والضمير في: لا يقدرون للذي ينفق باعتبار المعنى؛ لأن المراد الجنس [ ص: 119 ] أو الجمع؛ أي: لا ينتفعون بما فعلوا ولا يجدون ثوابه، وفي قوله تعالى: والله لا يهدي القوم الكافرين تعريض بأن الرياء والمن والأذى على الإنفاق من صفة الكافر، فلا بد للمؤمن أن يتجنبها .
وأخرج ابن حاتم في التفسير قال: لما سمعت: لا يدخل الجنة منان. شق ذلك علي، حتى وجدت في كتاب الله في صفة المنان هذه الآية .
(واختلفوا في حقيقة المن والأذى) اللذين تبطل بهما الصدقة (فقيل: المن) على من أعطى تلك الصدقة (أن يذكرها) أي: يمن بذكر الإعطاء له، ويعدد نعمه عليه فيقول له: ألم أعطك كذا وكذا؟ أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عن الحسن (والأذى أن يظهرها) ويفشيها (وقال سفيان) nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، ولفظ القوت: وحدثت عن nindex.php?page=showalam&ids=15531بشر بن الحارث قال: قال سفيان: (من من فسدت صدقته، قيل له: كيف المن) يا أبا نصر؟ (قال: أن يذكره ويتحدث به) ، ولفظ القوت: أو يتحدث به، وعلى هذه الرواية التحدث به غير الذكر كما لا يخفى، فقد قال بنفسه قبل هذه العبارة: وأن يسر ذلك إلى الفقير سرا ولا يذكر ذلك، فقد جاء في تفسير قوله تعالى: صدقاتكم بالمن والأذى أن يظهرها، فجعل الإظهار تفسيرا لكليهما (وقيل: المن أن يستخدمه بالعطاء والأذى أن يعيره بالفقر، وقيل: المن أن يتكبر عليه لأجل عطائه، والأذى أن ينتهره) ويغلظ له القول، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن الضحاك (أو يوبخه بالمسألة) وهذه الأقوال نقلها صاحب القوت عن المفسرين، وقد جاء النهي عن المن والأذى في الصدقات في آية أخرى، قال تعالى: الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون فأثنى الله تعالى على من لا يتبع ما ينفقه منا على من أعطى، ولا أذى بأن يتطاول عليه بسبب ما أنعم عليه به، فيحبط به ما أسلف من الإحسان، فحظر الله المن الصنعية، واختص به صنعه لنفسه؛ إذ هو من العباد تكدير ومن الله إفضال وتذكير لهم بنعمته (وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صدقة منان) هكذا أورده صاحب القوت، وقال العراقي: لم أجده هكذا. انتهى .