ثم إذا تحققت حاجته فلا يأخذن مالا كثيرا ، بل ما يتمم كفايته من وقت أخذه إلى سنة .
فهذا ، أقصى ما يرخص فيه من حيث أن السنة إذا تكررت تكررت أسباب الدخل ومن حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ادخر لعياله قوت سنة فهذا أقرب ما يحد به حد الفقير والمسكين ، ولو اقتصر على حاجة شهره أو حاجة يومه فهو أقرب للتقوى .
ومذاهب العلماء في قدر المأخوذ بحكم الزكاة والصدقة مختلفة ؛ فمن مبالغ في التقليل إلى حد أوجب الاقتصار على قدر قوت يومه وليلته وتمسكوا بما روى سهل بن الحنظلية أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن السؤال مع الغنى ، فسئل عن غناه ، فقال صلى الله عليه وسلم : غداؤه وعشاؤه وقال آخرون : يأخذ إلى حد الغنى .
فحائط من نخل لرجلين كثير مغن وأعطى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أعرابيا ناقة معها ظئر لها فهذا ما حكي فيه
(وللمحتاج في تقدير الحاجات مقامات في التضييق والتوسيع، ولا تنحصر مراتبه) أي: تقدير الحاجات، (وميل الورع) الموقن (إلى التضييق) أكثر (وميل المتساهل) في أمور دينه إلى التوسيع أكثر (حتى) إن المتساهل (يرى نفسه محتاجا إلى فنون) أي: ضروب (من التوسيع هي ممقوتة) أي: مبغوضة (في الشرع) منهي عنها، (ثم إذا تحققت حاجته فلا يأخذ مالا كثيرا، بل) قدر ما تزول به حاجته كما أشرنا إليه، وذلك (ما يتمم به كفايته من وقت أخذه إلى سنة، فهذه أقصى ما يرخص فيه) ، وبه صرح nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي في التهذيب، وقطع به صاحب التلخيص والرافعي في المحرر، وقول آخر للعراقيين: أنه يأخذ كفاية العمر، وسيذكره المصنف قريبا، ثم علل المصنف وصاحب التهذيب لما ذهبا إليه فقالا: وذلك (من حيث إن السنة إذا تكررت تكررت أسباب المدخل) أي: الزكاة تكرر كل سنة، (ومن حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ادخر لعياله قوت سنة) .
قال العراقي: أخرجاه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: كان يعزل نفقة أهله سنة، nindex.php?page=showalam&ids=14687وللطبراني في الأوسط من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: كان إذا ادخر لأهله قوت سنة تصدق بما بقي، قال الذهبي: حديث منكر. اهـ .
قلت: وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ومخاصمة nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في أموال بني النضير ما نصه: قال: فإني سأخبركم عن هذا الفيء، ثم ساق، وفيه: ولقد قسمها بينكم وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال، فكان ينفق منه على أهله رزق سنة، ثم يجمع ما بقي منه مجمع مال الله عز وجل.. الحديث، وفي رواية: وكان ينفق منها على أهله. فهذا يؤيد ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني، فتأمل. (فهذا أقرب ما يجد به حق الفقير والمسكين، ولو اقتصر على حاجة شهره أو حاجة يومه فهو أقرب للتقوى، ومذاهب) السلف من (العلماء) رحمهم الله تعالى (في قدر المأخوذ بحكم الزكاة والصدقة مختلفة؛ فمن مبالغ في التقليل إلى حد أوجب الاقتصار على قوت يومه وليلته) ، وما زاد منه فلا ينبغي أخذه، (وتمسك بما روى) سهل (ابن الحنظلية) الأوسي، صحابي شهد أحدا، وكان متعبدا متوحدا، روى له nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود والنسائي: nindex.php?page=hadith&LINKID=697812 (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن السؤال مع الغنى، فسئل عن غناه، فقال صلى الله عليه وسلم: غداؤه وعشاؤه) .
قال العراقي: رواه أصحاب السنن، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: حسن. اهـ .
قلت: ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير في تهذيبه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد هذا الحديث أيضا بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=668806من سأل مسألة وهو عنها غني جاءت يوم القيامة كدوحا في وجهه، ولا تحل الصدقة لمن له خمسون درهما أو عوضها من الذهب. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي وعبد الله جميعا: nindex.php?page=hadith&LINKID=678343لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهما أو عوضها من الذهب. وعن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي وسفيان nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري وحمادا مثله. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي: حدثنا الحسن بن نصر، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي، ح وحدثنا ابن مرزوق، حدثنا أبو عاصم قالا جميعا: عن سفيان عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رفعه: nindex.php?page=hadith&LINKID=678343لا يسأل عبد مسألة وله ما يغنيه إلا جاءت شيئا أو كدوحا أو خدوشا في وجهه يوم القيامة، قيل: يا رسول الله، وماذا غناه؟ قال: خمسون درهما أو حسابها من الذهب. حدثنا أحمد بن خالد البغدادي، حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم، حدثنا سفيان، فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال: كدوحا في وجهه، ولم يشك، وزاد فقيل لسفيان: لو كانت عن غير حكيم؟ فقال: حدثنا زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد مثله، (وقيل: راويه ليس بقوي) ، قلت: عنى به حكيم بن جبير، فقد ضعفوه منهم بالرفض؛ ولذا ضعف الحديث nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=14228والخطابي؛ ولذا طلبوا من سفيان الرواية عن غيره، فحدثهم عن زبيد، فصار الحديث بهذا الطريق قويا، والله أعلم .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من رواية عطاء عن رجل من بني أسد متصلا، وليس بمنقطع كما ذكر المصنف؛ لأن الرجل صحابي، فلا يضر عدم تسميته، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد. اهـ .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد فقد أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني [ ص: 161 ] بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=886152من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16656عمارة بن غزية عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه، غير أنه قال: فهو ملحف .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن رجل من بني أسامة بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=886152من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا. (وبالغ آخرون في التوسيع فقالوا:) من لا يحسن الكسب بحرفة ولا تجارة (له أن يأخذ) كفاية العمر الغالب، وبه قال العراقيون من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، قال النووي: وهو الأصح، وهو نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه، ونقله الشيخ نصر المقدسي عن جمهور الأصحاب، قال: وهو المذهب. وإذا قلنا: يأخذ كفاية العمر فكيف طريقه؟ قال في التتمة وغيرها: يأخذ (مقدار ما يشتري به ضيعة) ، أو عقارا؛ ليستغل منه كفايته، (يستغني به طول عمره أو يهيئ بضاعة ليتجر فيها ويستغني؛ لأن هذا هو الغني) ومنهم من يشعر كلامه أن يأخذ ما ينفق عليه في حاجاته، والأول أصح، (وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه: إذا أعطيتم فأغنوا) يعني من الصدقة، هكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة عن حفص عن nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار قال: قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر:.. فساقه، وقال أصحابنا: يجوز له أن يأخذ قدر النصاب فصاعدا، مع الكراهة في ذلك، ومنعه nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر من أصحابنا مطلقا، وعلل بأن الغني قارن الأداء؛ لأن الغني حكمه، والحكم مع العلة يقترنان، فحصل الأداء إلى الغني، وقد رد ذلك عليه بأن الأداء يلاقي الفقر؛ لأن الزكاة إنما تتم بالتمليك، وحالة التمليك المدفوع إليه فقير، وإنما يصير غنيا بعد تمام التمليك، فيتأخر الغني عن التمليك ضرورة، ولأن حكم الشيء لا يكون مانعا له؛ لأن المانع ما يسبقه لا ما يلحقه، وقالوا: إنما يكره له الأخذ ذلك القدر إذا لم يكن غارما أو صاحب عيلة، وإلا فلا بأس أن يأخذ قدر ما يقضي به دينه وزيادة دون مائتين؛ لأن قدر ذلك لا يمنع له الأخذ منه، والله أعلم .
(حتى ذهب قوم إلى أن من افتقر فله أن يأخذ بقدر ما يعود به إلى مثل حاله ولو عشرة آلاف) ، قلت: نقل الولي العراقي في شرح التقريب عن الضحاك قال: من ملك عشرة آلاف درهم فهو من الأكثرين الأخسرين إلا من قال بالمال هكذا وهكذا، ولما حكى القاضي ابن العربي هذا القول قال: إنما جعله أول حد الكثرة؛ لأنه قيمة النفس المؤمنة، وما دونه في حد القلة، وإني لأستحبه قولا وأصوبه رأيا. اهـ .
ويروى عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه قال: أربعة آلاف نفقة، فما كان فوقها فهو كنز، (إلا إذا خرج عن حد الاعتدال) فليس له الأخذ في الكثير فإنه يطغيه، (ولما شغل أبا طلحة) الأنصاري (ببستانه) لما طار دبسي فأتبعه بصره وهو يصلي فاشتغل به، فلم يدر كم صلى، (قال: جعلته صدقة) في سبيل الله، وهذا القدر تقدم للمصنف في كتاب الصلاة، وأما قوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=658673 (فقال صلى الله عليه وسلم: اجعله في قرابتك فهو خير لك، فأعطاه حسان وأبا قتادة) فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي.
(وأعطى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أعرابيا ناقة معها ظئرها) الظئر بكسر وسكون الهمزة ويجوز تخفيفها، الناقة تعطف على غير ولدها، ومنه قيل للمرأة تحضن غير ولدها: ظئر، وللرجل الحاضن: ظئر، أيضا .
كذا في المصباح (فهذا ما يحكى فيه) أي: في التوسيع .