وقال النووي في الروضة: وصرفها إلى الأقارب والحيوان أفضل، والأولى أن يبدأ بذي الرحم المحرم؛ كالإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال، ويقدم الأقرب فالأقرب، وقد ألحق الزوج والزوجة بهؤلاء، ثم بذي الرحم غير المحرم؛ كأولاد العم والخال، ثم المحرم بالرضاع، ثم بالمصاهرة، ثم المولى من أعلى وأسفل، ثم الجار، فإذا كان القريب بعيد الدار في البلد قدم على الجار الأجنبي، فإن كان الأقارب خارجين عن البلد قدم الأجنبي وإلا فالقريب، وكذا أهل البادية؛ فحيث كان القريب والأجنبي الجار بحيث يجوز الصرف إليهما قدم القريب. اهـ .
لفظ المصنف: لا تحل، وارد عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في بعض طرقه كما عرفت، وفي بعضها: لا تنبغي، واستعمالها صالح للكراهة والتحريم باعتبار قيام القرينة، وهو هنا للتحريم، والقرينة محكمة، ويؤيده رواية: لا تحل، وهي صريحة، والمراد بالصدقة المعرفة بالألف واللام المعهودة وهي الزكاة، ونبه على أن علة التحريم الكراهة بقوله: إنما هي أوساخ الناس؛ لأنها تطهر أدرانهم، فهي كغسالة الأوساخ، فهي محرمة عليهم بعمل أو غيره حتى من بعضهم لبعض، وفيه خلاف nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، وقد تقدم .
قال الطيبي: وقد اجتمع في هذا التركيب مبالغات شتى؛ حيث جعل المشبه به أوساخ الناس للتهجين والتقبيح؛ تنفيرا واستقذارا، وجل حضرة الرسالة أن ينسب إلى ذلك؛ ولذلك جرد من نفسه الطاهرة من أن يسمي محمدا كأنه غيره وهو هو، قلت: ولكن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم، التي ذكرناها: لا تحل لمحمد ولا [ ص: 171 ] لآل محمد، ففيه تصريح بذكر اسمه الشريف، وسئل بعض الآل -عمر أو غيره- جملا من الصدقة، فقال: أتحب أن رجلا بادنا في يوم حار غسل ما تحت رثغه فشربته؟! فغضب، وقال: أتقول لي هذا؟! قال: إنما هي أوساخ الناس يغسلونها.
(فإن قلت) : فقد أصدق النبي صلى الله عليه وسلم عن الفضل والمطلب من الخمس، وحكمه حكم الصدقات، قلت: قد يجوز أن يكون ذلك من سهم ذوي القربي في الخمس، وذلك خارج من الصدقات المحرمة عليه؛ لأنه إنما حرم عليهم أوساخ الناس، والخمس ليس كذلك .