وكذا إذا لم يره بنفسه ولكن أخبر به ، فحصل له به العلم ، وإليه أشار بقوله (ونعني بالرؤية العلم) الشرعي الموجب للعلم ، وهو غلبة الظن ، وكذا صرح به أصحابنا أيضا لا بمعين اليقين كما ذهب إليه بعض أصحابنا (ويحصل ذلك) العلم (بقول عدل واحد) على الأظهر المنصوص في أكثر كتب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . القول الثاني : لا بد من اثنين .
قال الأسنوي : وهذا هو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي المتأخر ؛ ففي الأم : لا يجوز على هلال رمضان إلا شاهدان . ونقل البلقيني أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رجع بعد فقال : لا يصام إلا بشاهدين . فإن قلنا : لا بد من اثنين فلا مدخل لشهادة النساء والعبيد ، ولا بد من لفظ الشهادة ، ويختص بمجلس القضاء ، ولكنها شهادة حسبة لا ارتباط لها بالدعوى ، ويكفي في الشهادة : أشهد أني رأيت . كما صرح به nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي في صلاة العيد ، والروياني ، وغيرهما . فإن قبلنا الواحد فهل هو بطريق الرواية ؟ أم الشهادة ؟ وجهان أصحهما شهادة . فلا يقبل قول العبد والمرأة ، نص عليه في الأم ، وإن قلنا رواية قبلا ، وهل يشترط لفظ الشهادة ؟ قال الجمهور : هو على الوجهين في كونه رواية أو شهادة . وقيل : يشترط قطعا . وإذا قلنا رواية ، ففي الصبي المميز الموثوق به طريقان ؛ أحدهما على الوجهين في قبول رواية الصبي . والثاني وهو المذهب الذي قطع به الأكثرون بأنه لا يقبل (ولا يثبت هلال شوال إلا بقول عدلين احتياطا للعبادة) وقال أبو ثور : يقبل فيه قول واحد .
قال صاحب التقريب : ولو قلت به لم أكن مبعدا (ومن سمع عدلا ووثق بقوله وغلب على ظنه صدقه لزم الصوم ، وإن لم يقض القاضي ، فليتبع كل عبد في عبادته موجب ظنه) وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13343ابن عبدان وصاحب التهذيب ، ولم يفرعوه على شيء ، ومثله في المجموع بزوجته وجاريته وصديقه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين وابن الصباغ : إذا أخبره موثوق به بالرواية لزمه قبوله وإن لم يذكره عند القاضي ، وفرعاه على أنه رواية ، واتفقوا عل أنه لا يقبل قول الفاسق على القولين جميعا ، ولكن إن اعتبرنا العدد اشترطنا العدالة الباطنة ، وإلا فوجهان جاريان في رواية المستور ، ولا فرق على القولين بين أن تكون السماء مصحبة أو مغيمة ، وهل يثبت هلال رمضان بالشهادة على الشهادة ؟ فيه طريقان ؛ أحدهما على قولين كالحدود ؛ لأنه من حقوق الله تعالى ، وأصحهما القطع بثبوته كالزكاة وإتلاف حصر المسجد ، وإنما القولان في الحدود المبنية على الإسقاط فعلى هذا عدد الفروع مبني على الأصول ، وإن اعتبرنا العدد في الأصول فحكم الفروع حكمهم في سائر الشهادات ، ولا مدخل للنساء والعبيد وإن لم يعتبر العدد ، فإن قلنا طريقه الرواية فوجهان ، أحدهما : يكفي واحد لرواية الأخبار ، والثاني : لا بد من اثنين .
قال في التهذيب : وهو الأصح ؛ لأنه ليس بخبر عن كل وجه ، بدليل أنه لا يكفي أن يقول : أخبرني فلان عن فلان أنه رأى الهلال ، فعلى هذا هل يشترط إخبار حرين ذكرين ؟ أم يكفي امرأتان وعبدان ؟ وجهان ، أصحهما الأول ، وإذا قلنا طريقه الشهادة ، فهل يكفي واحد ؟ أم يشترط اثنان ؟ وجهان . وقطع في التهذيب باشتراط اثنين .
(فصل)
وقال أصحابنا : إذا كان بالسماء علة من غيم أو غبار أو نحوهما يقبل في هلال رمضان خبر واحد عدل ولو كان عبدا أو امرأة ، وفي هلال شوال تقبل شهادة رجل حر وامرأتين حرتين ، أما هلال رمضان فلأنه أمر ديني فيقبل فيه خبر الواحد ، ذكرا كان أو أنثى ، حرا أو عبدا ، كرواية الأخبار ، ولهذا لا يختص بلفظ الشهادة ، وتشترط العدالة ؛ لأن قول الفاسق في الديانات التي يمكن تلقيها من جهة العدول غير مقبول كروايات الأخبار ، بخلاف الإخبار بطهارة الماء ونجاسته ونحوه ؛ حيث يتحرى في قبول خبر الفاسق فيه ، لا يمكن تلقيه من جهة العدول ؛ لأنه واقعة خاصة ؛ لأنه لا يمكن استصحاب العدول فيها ، وفي هلال رمضان يمكن ؛ لأن المسلمين كلهم متشوفون إلى رؤية الهلال فيه وفي عدولهم كثيرة ، فلا حاجة إلى قبول خبر الفاسق فيه كما في روايات الأخبار ، وتأويل قول nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : عدلا كان أو غير عدل . أن يكون مستورا وهو الذي لم يعرف ولا بالذعارة ويقبل فيه خبر المحدود في القذف بعدما تاب ، ويروى عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه [ ص: 197 ] لا يقبل ؛ لأنه شهادة من وجه ، ألا ترى أنه يشترط الحضور إلى مجلس القاضي ولا يكون ملزما إلا بعد القضاء ، والأول أصح ؛ لأنه من باب الإخبار ، وأما هلال شوال ؛ فلأنه تعلق به نفع العبد وهو الفطر ، فأشبه سائر حقوقهم ، فيشترط في سائر حقوقهم من العدالة والحرية والعدد ولفظ الشهادة ، وينبغي أن لا يشترط فيه الدعوى كعتق الأمة وطلاق الحرة ، ولا تقبل في شهادة المحدود في قذف لكونه شهادة ، وإن لم تكن بالسماء علة ، فيشترط أن يكون الشهود جمعا كثيرا ، بحيث يقع العلم بخبرهم ؛ لأن التفرد في مثل هذه الحالة يوهم الغلط ، فوجب التوقف في خبره حتى يكون جمعا كثيرا ، بخلاف ما إذا كان بالسماء علة ؛ لأنه قد ينشق الغيم من موضع الهلال فيتفق للبعض النظر فيستبد ، وحد الكثرة أهل المحلة ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف خمسون رجلا اعتبارا بالقامة ، وعن خلف بن أيوب خمسمائة ببلخ قليل ، ولا فرق بين أهل مصر وبين من ورد من خارج المصر في قبول الشهادة لقلة الموانع من غبار ودخان ، وكذا إذا كان في مكان مرتفع في المصر .
(فصل)
قال النووي في الروضة : إذا صمنا بقول واحد تفريعا على الأظهر فلم نر الهلال بعد ثلاثين فهل نفطر ؟ وجهان أصحهما عند الجمهور نفطر ، وهو نصه في الأم ، ثم الوجهان جاريان سواء كانت السماء مصحية أو مغيمة ، هذا مقتضى كلام الجمهور ، وقال صاحب العدة وحكاه صاحب التهذيب : الوجهان إذا كانت مصحية ، فإن كانت مغيمة أفطرنا أيضا على المذهب الذي قطع به الجماهير ونص عليه في الأم وحرملة ، وقال ابن الحداد : ولا نفطر . ونقل عن nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج أيضا ، وفرع بعضهم على قول ابن الحداد فقال : لو شهد اثنان على هلال شوال ، ثم لم ير الهلال والسماء مصحية بعد ثلاثين ، قضينا أول يوم أفطرناه ؛ لأنه بان كونه من رمضان ، لكن لا كفارة على من جامع فيه ؛ لأن الكفارة تسقط بالشبهة ، وعلى المذهب لا قضاء .. أ هـ . .
قلت : وقال أصحابنا إذا صاموا بشهادة الواحد وأكملوا ثلاثين يوما ولم يروا هلال شوال لا يفطرون فيما روىالحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة للاحتياط ، ولأن الفطر لا يثبت بشهادة الواحد ، وعن محمد أنهم يفطرون ، ويثبت الفطر بناء على ثبوت الرمضانية بالواحد وإن كان لا يثبت به الفطر ابتداء ، كاستحقاق الإرث بناء على النسب الثابت بشهادة القابلة ، وإن كان الإرث لا يثبت بشهادتها ابتداء ، والأشبه أن يقال : إن كانت السماء مصحية لا يفطرون لظهور غلطه ، وإن كانت مغيمة يفطرون لعدم ظهور الغلط . والله أعلم .
(فصل)
وقال أصحابنا : أيضا : وهلال الأضحى كهلال الفطر حتى لا يثبت به هلال الفطر ، لأنه تعلق به حق العباد ، وهو التوسع ، بلحوم الأضاحي ، فصار كالفطر ، وذكر في النوادر عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه كرمضان ؛ لأنه يتعلق به أمر ديني ، وهو ظهور وقت الحج ، والأول أصح .
(فصل)
قال النووي في الروضة : لا يجب بما يقتضيه حساب المنجم الصوم عليه ، ولا على غيره ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14396الروياني : وكذا من عرف منازل القمر لا يلزمه الصوم به على الأصح ، وأما الجواز فقال في التهذيب : لا يجوز تقليد المنجم في حسابه ، لا في الصوم ، ولا في الفطر . وهل يجوز له أن يعمل بحساب نفسه ؟ وجهان ، وجعل nindex.php?page=showalam&ids=14396الروياني الوجهين فيما إذا عرف منازل القمر وعلم به وجود الهلال ، وذكر أن الجواز اختيار nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج والقفال والقاضي الطبري ، قال : فلو عرفه بالنجوم لم يجز الصوم به قطعا ، ورأيت في بعض المسودات تعدية الخلاف في جواز العمل به إلى غير المنجم .. أ هـ . .
وقال أصحابنا : ولا يثبت بقول الموقتين وإن كانوا عدولا في الصحيح ، وعليه اتفاق أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وعزاه الولي العراقي إلى جمهور أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وصرح بأن الحكم إنما يتعلق بالرؤية دون غيرها ، قال : وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وجمهور العلماء من السلف والخلف .. أ هـ . .
ولعدم جواز الأخذ بقولهم قالوا : يجب [ ص: 198 ] على الناس وجوب كفاية أن يلتمسوا هلال شهر رمضان ليلة الثلاثين من شعبان كما سبق ، وفي فتح الباري ظاهر سياق قوله صلى الله عليه وسلم : فإنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب يشعر بنفي تعليق الحكم بحساب النجوم أصلا ، ويوضحه قوله في الحديث الآخر : nindex.php?page=hadith&LINKID=651774فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين . ولم يقل : اسألوا أهل الحساب .. أ هـ . .
ومما يدل على عدم الرجوع إلى قولهم ما ورد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند أصحاب السنن nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم : nindex.php?page=hadith&LINKID=908277من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم . وله شاهد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر وحديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين ، أخرجهما nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار بسندين جيدين بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=908277من أتى كاهنا فصدقه . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود بسند جيد موقوفا عليه بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=908277من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا . واتفقت ألفاظهم على الوعيد بلفظ حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، إلا حديث nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فقال فيه : لم تقبل صلاة أربعين يوما . والكاهن من يقضي بالغيب أو يتعاطى الخبر عن المستقبلات ، والعراف من يتعاطى معرفة الخبيئة والمسروق والضالة ، وهو والمنجم والرمال وطارق الحصى داخلون في لفظ الكاهن ، والكل مذموم شرعا ومحكوم عليهم وعلى مصدقيهم بالكفر ، صرح به علماؤنا ، وإن أرباب التقاويم من أنواع الكهان لأنهم يدعون العلم بالحوادث الآتية لأمور ، ومن قال إن الخواص يجوز أن يعلموا الغيب في قضية أو قضايا كما وقع لكثير منهم واشتهر ، والذي اختص به تعالى إنما هو علم الجميع ، فإن أراد أن ذلك بإعلام الله لهم إياه وحيا أو إلهاما كالأنبياء أو إلهاما فقط كما يقع للأولياء فهو صحيح لا شك فيه ، وإن أراد غير ذلك فهو باطل مردود والله أعلم .
(فصل)
وفي كتاب الشريعة شهر رمضان هو عين هذا الزمان المعلوم المشهور المعين من الشهور الاثني عشر الذي بين شعبان وشوال ، والمعين من هذا الزمان للصوم الأيام دون الليالي ، وحد يوم الصوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، فهذا هو حد اليوم المشروع للصوم ، لا حد اليوم المعروف بالنهار ، فإن ذلك من طلوع الشمس إلى غروبها ، فأول الصوم الطلوع الفجري ، وآخره بالغروب الشمسي ، فلم يجعل أوله يشبه آخره ؛ لأنه اعتبر في أوليته ما لم يعتبر في آخريته موصوف فيه الصائم بالإفطار ، وفي أوليته موصوف فيه بالعدم ، ولا فرق بين الشفق في الغروب والطلوع من حين الغروب إلى مغيب الشفق ، أو من حين الانفجار إلى طلوع الشمس ، ولهذا عدل الشرع إلى لفظة الفجر ؛ لأن حكم انفجاره لوجود النهار حكم غروب الشمس لإقبال الليل وحصوله ، فكما علم بانفجار الصبح إقبال النهار وإن لم تطلع الشمس ، كذلك عرفنا بغروب الشمس إقبال الليل وإن لم يغرب الشفق ، فانظر ما أحكم وضع الشريعة في المعالم ، فالجامع بين الأول والآخر في الصوم وجود العلامة على إقبال زمان الصوم وزمان الفطر وهو إدبار النهار ، كما أن بالفجر إدبار الليل ، وأما تحديد الشهر سواء كان في شهر رمضان أو غيره فأقل مسمى الشهر تسعة وعشرون يوما ، وأكثره ثلاثون يوما ، هذا هو الشهر العربي القمري ، خاصة الذي كلفنا أن نعرفه ، وشهور العادين بالعلامة أيضا ، لكن أصحاب العلامة يجعلون شهرا تسعا وعشرين وشهرا ثلاثين ، والشرع تعبدنا في ذلك برؤية الهلال وفي الغيم بأكثر المقدارين ، إلا في شعبان إذا غم علينا هلال شهر رمضان فإن فيه خلافا بين أن نمد شعبان إلى أكثر المقدارين ، وهو الذي ذهب إليه الجماعة ، وإما أن نرده إلى أقل المقدارين وهو تسعة وعشرون ، وهو مذهب الحنابلة ومن تابعهم ، ومن خالف من غير هؤلاء لم يعتبر أهل السنة خلافهم ، فإنهم شرعوا ما لم يأذن به الله ، وأما الشهور التي لا تعد بالقمر فلها مقادير مخصوصة ، أقل مقادير ثمانية وعشرون ، وهو المسمى بالرومية فبراير ، وأكثرها مقدارا ستة وثلاثون يوما وهو المسمى بالقبطية مسرى ، وهو آخر شهور سنة القبط ، ولا حاجة لنا بشهور الأعاجم فيما تعبدنا به من الصوم ، فأما انتهاء الثلاثين في ذلك فهو عدد المنازل والمنازلين اللذين لا يخسفان ، وهما الشمس المشبهة بالروح الذي ظهرت به حياة الجسم للشمس والقمر المشبه بالنفس لوجود الزيادة والنقص والكمال الزيادي والنقصي والمنازل مقدار المساحة التي يقطعها ما ذكرناه دائما ، فإن بالشهر ظهرت بسائط الأعداد ومركباتها بحرف العطف من واحد وعشرين إلى تسعة وعشرين وبغير [ ص: 199 ] حرف العطف من أحد عشر إلى تسعة عشر ، وحصر وجود الفردية في البسائط وهي الثلاثة ، وفي العقد وهي الثلاثون ، ثم تكرار الفرد لكمال التثليث الذي عنه يكون الإنتاج في ثلاث مواضع ، وهي الثلاثة في البسائط ، والثلاثة عشر في العدد الذي هو مركب بغير حرف عطف ، والثلاثة والعشرون بحرف العطف ، وانحصرت الأقسام ، ولما رأينا أن الروح يوجد فتكون الحياة ، ولا يكون هناك نقص ولا زيادة ، فلا تكون للنفس عين موجودة لها حكم كموت الجنين في بطن أمه بعد نفخ الروح فيه ، أو عند ولادته ، لذلك كان الشهر قد يوجد من تسعة وعشرين يوما ، فإذا علمت هذا فقد علمت حكمة مقدار الشهر العربي ، وإذا عددناه بغير سير الهلال ونوينا شهرا مطلقا في إيلاء أو نذر عملنا بالقدر الأقل في ذلك ، ولم نعمل بالأكثر ، فإنا قد حزنا بالأقل حد الشهر ففرغنا ، وإنما نعتبر القدر الأكثر في الموضع الذي شرع لنا أن نعتبره ، وذلك في الغيم على مذهب ، أو نعطي ذلك رؤية الهلال لقوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=658817صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته .
(فصل)
في اعتبار الشاهد والشاهدين .
اختلفوا فيما يراه أهل الله من التجلي في الأسماء الإلهية هل يقف مع رؤيته أو يتوقف حتى يقوم له في ذلك شاهد من الشرع ؟ قال nindex.php?page=showalam&ids=14021الجنيد : علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة ، وقال تعالى : أفمن كان على بينة من ربه وهو صاحب الرؤية ويتلوه شاهد منه وهو صاحب الخبر ، والشاهد الواحد كتاب أو سنة ، والشاهدان كتاب وسنة ، وهو يتعذر الوقوف عليه ، ولا سيما عند من لم يتقدم له علم من الكتاب ولا من السنة ، ولكن رأينا بعض الذي لقيناهم إذا أعطاهم الحق أمرا أعطاهم الشاهد على ذلك من الكتاب والسنة أو من أحدهما ، ومتى لم يعط ذلك لم يحكم عليه ما رأى احتياطا ، ولا يرده ويتركه موقوفا ، والذي أعرفه من قول الجنيد أنه أراد أن يفرق بين ما يظهر لصاحب الخلوات والرياضات على غير طريق الشرع بما تقتضيه رياضات النفوس ، وبين ما يظهر لهم على الطريقة المشروعة ، بأن ذلك الظاهر له من عند الله ، فهذا معنى قول الجنيد : علمنا هذا مقيد ومشيد بالكتاب والسنة ؛ أي هو ينتجه عن عمل مشروع إلهي ليفرق بينه وبين ما يظهر لأرباب العقول ، والمعلوم واحد والطريق مختلفة ، وصاحب الذوق يفرق بين الأمرين ، والله أعلم .