والواجبات المجبورة بالدم ست : الإحرام من الميقات ، فمن تركه وجاوز الميقات محلا فعليه شاة والرمي فيه الدم قولا واحدا وأما الصبر بعرفة إلى غروب الشمس والمبيت بمزدلفة والمبيت بمنى وطواف الوداع ، فهذه الأربعة يجبر تركها بالدم على أحد القولين وفي القول الثاني : فيها دم على وجه الاستحباب .
(وأما الأركان التي لا يصح الحج دونها فخمسة : الإحرام) لأن كل عبادة لها تحليل فلها إحرام (والطواف) بالبيت وهو طواف الزيارة بعد الوقوف بعرفة ، وبعد اعتكاف ليلة النحر ، وقال صاحب القوت : وطواف الحج ثلاثة : واحد فريضة : إن تركه بطل حجه وهو طواف الزيارة ، وواحد سنة : إن تركه كان عليه دم وحجه تام وهو طواف الوداع ، وواحد مستحب : إن تركه فلا شيء عليه وهو طواف الورود . . أهـ .
وقوله سنة أي واجب (والسعي) بين الصفا والمروة (بعده) أو بعد طواف القدوم (والوقوف بعرفة) بعد زوال الشمس من يوم عرفة وآخره بعد الوقوف طلوع الفجر من يوم النحر (و) الرابع (الحلق في قول) بأنه ركن ، وفي قول بأنه واجب .
وقال أصحابنا : الإحرام [ ص: 302 ] شرط لا ركن ؛ لأنه يدور إلى الحلق ولا ينتقل عنه إلى غيره ويجامع كل ركن ، ولو كان ركنا لما كان كذلك ، وإن فات واحد من الثلاثة : الإحرام والوقوف وطواف الزيارة - بطل الحج وعليه القضاء .
وفي الينابيع : فاته الوقوف بعرفة فاته الحج ويأتي بطواف الزيارة في جميع السنة ، إلا أنه إذا أتى به في أيام النحر لا يلزمه دم ، وإن أخره عن ذلك لزمه دم في قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وقالا : لا شيء عليه بالتأخير . . أهـ .
(وأركان العمرة كذلك إلا الوقوف) بعرفة ، وبالوقوف امتاز الحج من العمرة ، فسمي حجا أكبر ، والعمرة حجا أصغر ؛ لأنها لم تعم جميع المناسك (والواجبات المجبورة بالدم ) أي التي إذا تركها تجبر بالدم (ست : الإحرام) أي إنشاؤه (من الميقات ، فمن تركه وجاوز الميقات محلا) أي : حالة كونه حلالا (فعليه شاة) أي : إذا جاوز الموضع الذي لزمه الإحرام منه غير محرم أثم وعليه العود إليه والإحرام منه إن لم يكن له عذر ، وإن كان أحرم ومضى على وجهه ، ثم إذا لم يعد فعليه دم ، فإن عاد لا يخلو إما أن يعود وينشئ الإحرام منه ، أو يعود إليه بعد ما أحرم ، ففي الحالة الأولى إن عاد قبل أن يبعد عن الميقات بمسافة القصر فلا دم عليه ؛ لأنه حافظ على الواجب في تعب تحمله ، وإن عاد بعدما دخل مكة لم يسقط عنه الدم لوقوع المحذور وهو دخول مكة غير محرم مع كونه على قصد النسك ، وإن عاد بعدما بعد عن الميقات بمسافة القصر فوجهان : أظهرهما : أنه يسقط . والثاني : لا . هذا ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين ، والمصنف والجمهور قضوا بأنه لو عاد وأنشأ الإحرام منه فلا دم عليه ، ولم يفصلوا التفصيل المذكور ، وفي الحالة الثانية أطلق المصنف وطائفة في سقوط الدم فيها وجهين ، ورواهما القاضي أبو الطيب قولين وجه عدم السقوط وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد تأكد الإساءة بإنشاء الإحرام من غير موضعه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إذا أحرم بعد أن جاوز الميقات وعاد قبل أن يتلبس بنسك ولبى سقط عنه الدم ، وإن عاد ولم يلب لم يسقط عنه . وقال أيضا : الجائي من طريق المدينة إذا لم يكن مدنيا وجاوز ذا الحليفة وأحرم من الجحفة لم يلزمه دم ، ويروى ذلك في حق المدني وغيره ، (والرمي) أي رمي جمرة العقبة يوم النحر إذا تركه (فيه الدم قولا واحدا) أي : من غير اختلاف فيه بين الأصحاب ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون من أصحاب مالك : هو ركن من أركان الحج لا يتحلل من الحج إلا به كسائر الأركان (وأما الصبر بعرفة إلى غروب الشمس) من ليلة النحر (والمبيت بمزدلفة) عند المشعر الحرام (وطواف الوداع ، فهذه الأربعة يجبر تركها بالدم على أحد القولين) في المذهب (وفي القول الثاني : فيها دم على وجه الاستحباب) . وقال أصحابنا : إذا ترك شيئا من الواجبات يلزمه دم بتركه ، ويجزئه الحج سواء تركه عمدا أو سهوا ، لكن في العمد يأثم . وقال في البدائع : إن الواجبات كلها إن تركها لعذر لا شيء عليه ، وإن تركها لغير عذر فعليه دم . . أهـ .
ويستثنى من هذا : الحلق وركعتا الطواف ، فإنهما واجبان ، ولا يجب الدم بتركهما . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : طواف الوداع واجب ، وتركه لغير عذر يوجب دما . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ليس بواجب ولا مسنون ، وإنما هو مستحب ، ولا يجب فيه دم .