الأول الإفراد وهو الأفضل وذلك أن يقدم الحج وحده ، فإذا فرغ خرج إلى الحل فأحرم واعتمر وأفضل الحل لإحرام العمرة الجعرانة ثم التنعيم ثم الحديبية وليس على المفرد دم إلا أن يتطوع .
(وأما وجوه أداء الحج والعمرة فثلاثة) اعلم أن من أحرم بنسك لزمه فعل أمور وترك أمور والنظر في الأمور المفعولة من وجهين : أحدهما : في كيفية أعمالها ، والثاني : في كيفية آدابها باعتبار القران بينهما وعدمه ، فلا جرم حصر الكلام في ثلاثة ، وإنما انقسم أداء النسكين إلى الوجوه الثلاثة لأنه إما يقرن بينهما وهو المسمى قرانا ، أو لا يقرن فإما أن يقدم الحج على العمرة وهو الإفراد ، أو يقدم العمرة على الحج وهو التمتع ، وفيه شروط ستظهر من بعد ، والوجوه جميعا جائزة بالاتفاق ، وقد أشار المصنف إلى تلك الوجوه بقوله : (الأول الإفراد وهو الأفضل) كما سيأتي الكلام عليه قريبا (وذلك) أي : الإفراد (أن يقدم الحج وحده ، فإذا فرغ) من أعماله (خرج إلى الحل فأحرم واعتمر) وقال في الوجيز : الإفراد أن يأتي بالحج منفردا من ميقاته ، وبالعمرة مفردة من ميقاتها .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : أراد مثلها ولا يلزمه العود إلى ميقات بلده ، وفيما علق عن الشيخ أبي محمد أن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة يأمره بالعود ويوجب دم الإساءة إن لم يعد (وأفضل الحل) أي أحب البقاع من أطراف الحل (لإحرام العمرة الجعرانة) بكسر الجيم وسكون العين المهملة وتخفيف الراء ، واقتصر عليه أبو يعلى في البارع ، ونقله جماعة عن الأصمعي ، وهو [ ص: 303 ] مضبوط كذلك في "المحكم " ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16604ابن المديني : العراقيون يثقلون الجعرانة والحديبية ، والحجازيون يخففونها ، فأخذ به المحدثون على أن هذا اللفظ ليس فيه تصريح بأن التثقيل مسموع من العرب ، وليس للتثقيل ذكر في الأصول المعتمدة عن أئمة اللغة ، إلا ما حكاه في المحكم تقليدا له في الحديبية ، وفي العباب : الجعرانة بسكون العين . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : المحدثون يخطئون في تشديدها ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، وهو موضع بين مكة والطائف على سبعة أميال من مكة ، كذا في "المصباح " ، وقال الرافعي في الشرح عليه : ستة فراسخ من مكة (ثم التنعيم) وهو بلفظ المصدر : اسم موضع قرب مكة ، وهو أقرب أطراف الحل إليها ، وبينه وبين مكة أربعة أميال ، وقيل : ثلاثة ، ويعرف بمساجد عائشة ، كذا في "المصباح " . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : على فرسخ من مكة وهو على طريق المدينة ، وفيه مسجد nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها . (ثم الحديبية) اسم بئر قرب مكة على طريق جدة دون مرحلة ، ثم أطلق على الموضع ، ويقال : بعضه في الحل وبعضه في الحرم وهو أبعد ، ونقل nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري عن nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي أنها على سبعة أميال من المسجد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري في كتاب "دلائل القبلة " : حد الحرم من طريق المدينة ثلاثة أميال ، ومن طريق جدة عشرة أميال ، ومن طريق الطائف سبعة أميال ، ومن طريق اليمن سبعة أميال ، ومن طريق العراق سبعة أميال . وأهل الحجاز يخففون .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14703الطرطوشي : هي مخففة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15611ثعلب : لا يجوز فيها غيره . وهذا هو المنقول عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقال السهيلي : التخفيف أعرف عند أهل العربية ، قال : وقال أبو جعفر النحاس : سألت كل من لقيت ممن أثق بعلمه من أهل العربية ، فلم يختلفوا على أنها مخففة ، ونقل البكري التخفيف عن nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي أيضا ، وأشار بعضهم إلى أن التثقيل لم يسمع في فصيح ، كذا في المصباح ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : الأفضل لإحرام العمرة من أطراف الحل الجعرانة ، فإن لم يتفق فمن التنعيم ، فإن لم يتفق فمن الحديبية .
قال النووي في زيادة الروضة : هذا هو الصواب ، وأما قول صاحب التنبيه : والأفضل أن يحرم بها من التنعيم فغلط ، والله أعلم .
قلت : وقول صاحب التنبيه موافق لقول أصحابنا ، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : وليس النظر فيها إلى مسافة ، بل المتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد نقلوا أنه اعتمر منالجعرانة مرتين ؛ عمرة القضاء سنة سبع ، ومرة عمرة هوازن ، ولما أرادت عائشة رضي الله عنها أن تعتمر أمر أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم ، فأعمرها منه ، وصلى بالحديبية عام الحديبية وأراد الدخول فيها للعمرة فصده المشركون عنها ، فقدم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي -رحمه الله- ما فعله ، ثم ما أمر به ثم ما هم به (وليس على المفرد دم) لأنه لم يجمع بين النسكين (إلا أن يتطوع) على نفسه .