وأما الآثار فقد قال عمر رضي الله عنه إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة المنافق العليم ، قالوا وكيف يكون منافقا عليما قال عليم اللسان جاهل القلب والعمل .
وقال الحسن رحمه الله لا تكن ممن يجمع علم العلماء وطرائف الحكماء ويجري في العمل مجرى السفهاء .
وقال رجل لأبي هريرة رضي الله عنه أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه فقال : كفى بترك العلم إضاعة له .
وقيل لإبراهيم بن عتبة أي الناس أطول ندما قال أما في عاجل الدنيا فصانع المعروف إلى من لا يشكره وأما عند الموت فعالم مفرط .
وقال الخليل بن أحمد الرجال أربعة رجل يدري ويدري أنه يدري فذلك عالم فاتبعوه ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذلك نائم فأيقظوه، ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري فذلك مسترشد فأرشدوه ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذلك جاهل فارفضوه .
وقال سفيان الثوري رحمه الله يهتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل .
وقال ابن المبارك لا يزال المرء عالما ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل .
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله إني لأرحم ثلاثة: عزيز قوم ذل وغني قوم افتقر وعالما تلعب به الدنيا .
وقال الحسن: عقوبة العلماء موت القلب، وموت القلب طلب الدنيا بعمل الآخرة وأنشدوا .
عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى ومن يشتري دنياه بالدين أعجب وأعجب من هذين من باع دينه بدنيا سواه فهو من ذين أعجب
وقال صلى الله عليه وسلم : إن العالم ليعذب عذابا يطيف به أهل النار استعظاما لشدة عذابه أراد به العالم الفاجر .
قلت: وبمثل رواية nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى قال nindex.php?page=showalam&ids=16383المنذري رواتهم محتج بهم في الصحيح وقال الهيثمي رجاله موثقون في بعض نسخ المسند على أمتي بدل هذه الأمة وفي القوت وعن عمرو وروينا مسندا أيضا nindex.php?page=hadith&LINKID=680982اتقوا كل منافق عليم اللسان يقول ما تعرفون ويعمل ما تنكرون وكان المصنف لم ينظر إلى قوله: وروينا مسندا أيضا تقوية لجانب الموقوف وسيأتي عن nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أنه قال الموقوف أشبه بالصواب ( وقال) أبو محمد ( الحسن) بن سعيد البصري ( لا تكن ممن يجمع علم العلماء وطرائف الحكماء ويجري في العمل مجرى السفهاء) أي: ممن عمله يخالف قوله فإنه عين الهلاك .
( وقال رجل nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة) رضي الله عنه ( أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه فقال: كفى يترك العلم إضاعة له) هذا موقوف على nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه ويعضد ما يروى عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش معضلا آفة العلم النسيان وإضاعته أن تحدث به غير أهله أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14274الدارمي في مسنده والعسكري في الأمثال nindex.php?page=showalam&ids=13357وابن عدي من عدة طرق، ويروى nindex.php?page=hadith&LINKID=102538عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي مرفوعا: آفة العلم النسيان، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في مسنده nindex.php?page=showalam&ids=13357وابن عدي في الكامل .
ويروى ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أيضا موقوفا أشار له nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في المدخل والنسيان ترك ضبط ما استودع ( وقيل لإبراهيم بن عتبة) أحد الزهاد ( أي الناس أطول ندما قال أما في عاجل الدنيا فصانع المعروف إلى من لا يشكره) أي: لا يجازيه على معروفه ولو بالثناء ( وأما عند الموت فعالم مفرط) أي: الذي فرط في نفسه في عدم عمله لما علمه ( وقال) إمام النحو واللغة ( الخليل بن أحمد) بن عبد الرحمن الفراهيدي البصري شيخ العربية والعروض أحد الأعلام، روى عن أيوب وعاصم الأحول والعوام بن حوشب وغالب القطان وجماعة وعند nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي nindex.php?page=showalam&ids=15409والنضر بن شميل وهارون بن موسى ووهب بن [ ص: 353 ] جرير وعلي بن نصر الجهضمي وكان رأسا في علم اللسان خيرا متواضعا ذا زهد وعفاف ولد سنة مائة وتوفي سنة سبعين ومائة وقيل: ستين وقيل خمس وسبعين وقيل غير ذلك، كذا في تاريخ الذهبي ( الرجال أربعة رجل يدري ويدري أنه يدري) المراد به العامل بعلمه فإنه إذا درى أنه عالم لزمه اتباع علمه ضرورة ( فذلك عالم) حقا ( فاتبعوه) واستفيدوا منه ( ورجل يدري) في نفس الأمر ( ولا يدري أنه يدري) بل شبه عليه (فذلك نائم) أي: جاهل جهلا بسيطا ( فذلك مسترشد) أي: طالب الرشد ( فعلموه ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذلك جاهل) جهلا مركبا ( فارفضوه) أي: اتركوه وتحقيق هذا المقام ما أورده أبو القاسم الراغب في كتاب الذريعة ما لفظه وأما التقصير فأربعة أشياء الأول أن يكون إنسانا لا يعرف الحق من الباطل والجميل من القبيح فيقي غفلا ودواؤه سهل وهو التعليم الصائب .
الثاني أن يكون من قد عرف ذلك لكن لم يتعوذ فعل الصالح وزين له سوء عمله فرآه حسنا فتعاطاه وأمره أصعب من الأول لكن يمكن أن يقهر على العادة الجميلة حتى يتعودها وإن كان قد قيل ترك العادة شديد .
والثالث أن يعتقد في الباطل والقبيح أنه حق وجميل فتربى على ذلك ومداواة ذلك أصعب جدا فقد صار ممن طبع على قلبه إذ قد ينقش بنقش خسيس ككاغد كتب فيه ما يؤدي حذفه إلى خرقه وفساده والرابع، أن يكون مع جهله وتربيه على الفساد شديدا في نفسه يرى الخلاف وقهر النفس فضيلة وذلك أصعب الوجوه وإلى نحوه قصد من قال من التعذيب تأديب الذيب ليتهذب وغسل المسح ليتبيض فالأول من هؤلاء الأربعة يقال له جاهل والثاني يقال له جاهل وضال والثالث: يقال له جاهل وضال وفاسق والرابع يقال له جاهل وضال وفاسق وشديد ( وقال) سفيان بن سعيد ( الثوري) رحمه الله ( يهتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل) وعزاه صاحب القوت إلى nindex.php?page=showalam&ids=16065سهل التستري وأورده nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في كتاب الاقتضاء من وجهين الأول من طريق الحارث بن عبد الله قال سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب يحدث عن nindex.php?page=showalam&ids=16920ابن المنكدر قال العلم يهتف بالعمل مثل لفظ nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والثاني من طريق أبي الفرج عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي عن آبائه مسلسلا بالسماع عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه قال هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل قال nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب: عدد الآباء تسعة ( وقال) أبو عبد الرحمن عبد الله ( ابن المبارك) بن واضح المروزي تقدمت ترجمته ( لا يزال المرء عالما ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل) ووجهه أنه إذا ظن في نفسه أنه صار عالما كسل عن طلب العلم وهو عمل فانقطع عن العمل فصار علمه منفكا عن العمل وهذا جهل .
( وقال) الإمام الزاهد أبو علي ( الفضيل) بن عياض بن منصور بن بشر التميمي المروزي المكي، روى عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وابن المعتمر أدرك nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=51وعبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه ما ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب وحصين بن عبد الرحمن ومسلم الأعور وأبان بن أبي عياش وكلهم أدركوا nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك روى عنه الأئمة nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد القطان nindex.php?page=showalam&ids=16349وعبد الرحمن بن مهدي والحسين بن علي الجعفي، ومؤمل بن إسماعيل، وعبد الله بن وهب المصري nindex.php?page=showalam&ids=12310وأسد بن موسى، وثابت بن محمد العابد nindex.php?page=showalam&ids=17072ومسدد ويحيى بن يحيى النيسابوري nindex.php?page=showalam&ids=16818وقتيبة بن سعيد في أشكالهم ونظرائهم وترجمته في الحلية طويلة .
وفي تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر ثقة عابد إمام مات سنة سبع وثمانين ومائة وقيل: قبلها بمكة وقبره بالمعلى مشهور خرج حديثه الجماعة، ما عدا nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ( إني لأرحم ثلاثة عزيز قوم ذل وغنيا افتقر وعالما تلعب به الدنيا) وهذا قد روي مرفوعا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة أما حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي من طريق وهب بن وهب عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن عطاء عنه، ولفظه: ارحموا ثلاثة عزيز قوم ذل، وغني قوم افتقر وعالما يتلاعب به الصبيان.
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب من طريق سمعان بن مهدي عنه ولفظه ارحموا ثلاثة غني قوم افتقر وعزيز قوم ذل وفقيها يتلاعب به الجهال وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من طريق عيسى بن طهمان عنه ولفظه مثل الأول إلا أنه قال وعالما بين جهال وقد حكم nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي على هذه الأحاديث بالوضع فقال: وهب كذاب وسمعان مجهول وعيسى [ ص: 354 ] ينفرد بالمناكير عن المشاهير ولا يحتج به، وإنما يعرف هذا من قول nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض اهـ .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فأخرجه الديلمي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية عن أيوب عن الحسن عنه ولفظه بكت السماوات السبع ومن فيهن ومن عليهن لعزيز ذل وغني افتقر وعالم تلعب به الجهال هكذا أورده السيوطي في اللآلئ المصنوعة وهو شاهد قوي لما تقدم، وإسناده جيد ( وأنشد وافي) هذا ( المعنى لبعض الشعراء) :
وأخرج في ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=17154منصور بن زاذان بسنده إليه قال نبئت أن بعض من يلقى في النار يتأذى أهل النار بريحه فيقال له، ويلك ما كنت تعمل أما يكفينا ما نحن فيه من النتن حتى ابتلينا بك وبنتن ريحك فيقول: كنت عالما لم أنتفع بعلمي ( وإنما يضاعف عذاب العالم في معصيته; لأنه عصى عن علم، ولذلك قال) الله ( عز وجل) في كتابه العزيز ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) قال صاحب القاموس في البصائر الدرك اسم في مقابلة الدرج وبمعنى أن الدرج مراتب باعتبار الصعود والدرك مراتب باعتبار الهبوط ولهذا عبروا عن منازل الجنة بالدرجات، وعن منازل جهنم بالدركات، وقول الله تعالى السابق قرأ الكوفيون غير nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش والبرجمي بسكون الراء والباقون بفتحها; ( لأنهم جحدوا) أي: أنكروا ( بعد العلم) والمعرفة ( وجعل اليهود شرا من النصارى مع أنهم ما جعلوا لله سبحانه ولدا) أي: أكثرهم ولو أنه قال بعضهم في عزير: هو ابن الله، لما رأوه حفظ التوراة عن ظهر قلبه، ( ولا قالوا ثالث ثلاثة) وهذا القول خاصة للنصارى، ( ولكن أنكروا) النبي صلى الله عليه وسلم ( بعد المعرفة إذ قال تعالى يعرفونه) أي: النبي صلى الله عليه وسلم ( كما يعرفون أبناءهم) أي: غاية المعرفة ( وقال عز وجل: فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) وقد تقدم للمصنف أن من لم ينفعه علمه لا ينجو به رأسا برأس [ ص: 355 ] هيهات فخطره عظيم ووباله جسيم ( وقال تعالى في) حق ( بلعم بن باعوراء) ابن برم بن برهم بن مازر بن هاران بن تارح بن ناحور بن سروع بن أرغو ابن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام من عشيرة سيدنا لوط بن هاران عليه السلام، ونقل السهيلي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، هو بلعم بن باعوراء ويقال: بلعام وأصله من بني إسرائيل اهـ .
وقال محمد بن علي الأوسي في كتابه التكميل لتعريف السهيلي الأظهر أنه لم يكن من بني إسرائيل، وحكى المسعودي في نسبه أنه بلعام بن باعور بن سموم بن فرستم بن ماب بن لوط بن هاران وكان بقرية من قرى البلقاء من بلاد الشام، وقال الأوسي، ويقال فيه بلعام بن عابر ويقال: آبر وسيأتي للمصنف في أثناء هذا الكتاب وسمعت بعض العلماء يقول: إنه كان في أول أمره بحيث يكون في مجلسه اثنا عشر ألف محبرة للمتعلمين الذين يكتبون عنه العلم، ثم صار بحيث كان أول ما صنف كتابا أن ليس للعالم صانع نعوذ بالله من ذلك، وذلك بميله إلى الدنيا واتباعه للهوى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى .
( واتل عليهم ) أي: على اليهود ( نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) أي: من الآيات بأن كفر بها أو أعرض عنها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين، وهذا الذي ذهب إليه المصنف أنه في حق بلعم المذكور هو قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد وغيرهما .