المكاني (إلى) حين (دخول مكة) شرفها الله تعالى ، وهي خمسة (الأول : أن يغتسل ، وينوي به غسل الإحرام ؛ أعني إذا انتهى إلى الميقات المشهور الذي يحرم الناس منه) ، وهذا الغسل من الأغسال المسنونة المستحبة ، وهي تسعة ، هذا أحدها ، ويأتي بيان البقية في شرح الجملة الثالثة قريبا .
وحكى إبراهيم المروزي قولا أنه لا يسن للحائض ، والنفساء الاغتسال ، وإذا اغتسلتا فهل تنويان ؟ فيه نظر لإمام الحرمين ، والظاهر أنهما ينويان ؛ لأنهما يقيمان مسنونا .
[ ص: 333 ] (فصل)
وقال صاحب الهداية من أصحابنا : وإذا أراد الإحرام اغتسل ، أو توضأ ، والغسل أفضل لما روي فيه ، إلا أنه للتنظيف حتى تؤمر به الحائض ، وإن لم يقع فرضا عنها ، فيقوم الوضوء مقامه كما في الجمعة ، ولكن الغسل أفضل ؛ لأن معنى التنظيف به أتم ، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - اختاره . أهـ .
والحاصل أن من أراد أن يحرم يستحب له أن يغتسل ، فقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار ، nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=913643السنة أن يغتسل إذا أراد أن يحرم ، والمراد بهذا الغسل تحصيل النظافة ، وإزالة الرائحة حتى تؤمر به الحائض ، والنفساء ، ولا يتصور حصول الطهارة لها بهذا الغسل ، ولذا قالوا : لا يعتبر التيمم عند العجز عن الماء بخلاف الجمعة ، والعيدين ، وسوى في الكافي بين الإحرام ، والجمعة ، والعيدين . قال عمر بن نجيم في شرح الكنز ، وهو التحقيق ؛ لأن التراب لا أثر له في تحصيل النظافة ؛ لأنه ملوث ، ويغبر . أهـ .
وأما اعتبار هذا الغسل ، فاعلم أن الطهارة الباطنة في كل عبادة واجبة عند أهل الله إلا من يرى أن المكلف إنما هو الظاهر في مظهر ما عن أعيان الممكنات ، فإنه يراه سنة لا وجوبا ، ومن يرى من أهل الله أن الاستعداد الذي هو عليه عين المظهر كما أثر في الظاهر فيه أن يتميز عن ظهور آخر بأمر ما ، وباسم ما من حيوان ، أو إنسان ، أو مضطر ، أو بالغ ، أو عاقل ، أو مجنون ، فذلك الاستعداد عينه أوجب عليه الحكم بأمر ما ، كما أوجبه الاسم ، فقال له : اغتسل لإحرامك ، أي : تطهر بجمعك حتى تعم الطهارة ذاتك لكونك تريد أن تحرم عليك أفعالا مخصوصة لا يقتضي فعلها هذه العبادة الخاصة المسماة حجا ، أو عمرة ، فاستقبالها بصفة تقديس أولى ؛ لأنك تريد بها الدخول على الاسم القدوس ، فلا تدخل عليه إلا بصفة ، وهي الطهارة ، كما لم تدخل عليه إلا بأمره ، إذ المناسبة شرط في التواصل ، والصحبة ، فوجب الغسل ، ومن رأى أنه إنما تحرم على المحرم أفعال مخصوصة لا جميع الأفعال قال : فلا يجب عليه الغسل الذي هو عموم الطهارة ؛ ، فإنه لم يحرم عليه جميع أفعاله ، فيجزئ الوضوء ؛ فإنه غسل أعضاء مخصوصة من البدن ، كما أنه ما يحرم عليه إلا أفعال مخصوصة في أفعاله ، وإن اغتسل فهو أفضل ، وكذلك إن عمم الطهارة الباطنة فهو أولى ، وأفضل ، والله أعلم .