اعلم أن طواف الوداع ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلا وقولا، أما الفعل فظاهر من الأحاديث، وأما القول فنحو ما روي nindex.php?page=hadith&LINKID=74428عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت إلا أنه رخص للحائض كما في الصحيحين، ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم خفف بدل رخص، nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري: nindex.php?page=hadith&LINKID=651640رخص للحائض أن تنفر إذا أفاضت، ومضمون هذه الجملة صور نشرحها: إحداها ذكر الإمام في النهاية أن طواف الوداع من مناسك الحج، وليس على الخارج من مكة وداع لخروجه منها، وتابعه المصنف في الوجيز وهنا، فقال في الوجيز: وهو مشروع إذا لم يبق شغل، وتم التحلل فخصه بحال تمام التحلل، وذلك إنما يكون في حق الحاج وصرح من بعد، فقال: ولا يجب على غير الحاج، وقال هنا بعد الفراغ من إتمام الحج والعمرة كما سيأتي لكن صاحب التهذيب والتتمة وغيرها أوردوا أن طواف الوداع ليس من جملة المناسك حتى يؤمر به من أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر سواء كان مكيا يريد سفرا، أو آفاقيا يريد الرجوع إلى أهله، وهذا أقرب وتشبها لاقتضاء [ ص: 414 ] خروجه للوداع باقتضاء دخوله للإحرام; ولأنهم اتفقوا على أن المكي إذا حج وهو على عزم أن يقيم بوطنه لا يؤمر بطواف الوداع، وكذا الآفاقي إذا حج وأراد المقام بها، ولو كان من جملة المناسك لأشبه أن يعم الحجيج .
الثانية: طواف الوداع ينبغي أن يقع بعد جميع الأشغال ويعقبه الخروج من غير مكث، فإن مكث نظر إن كان لغير عذر، أو اشتغل بغير أسباب الرجوع من شراء متاع أو قضاء دين، أو زيارة صديق، أو عيادة مريض فعليه إعادة الطواف خلافا nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة حيث قال: لا حاجة إلى الإعادة، وإن أقام بها شهرا أو أكثر وإن اشتغل بأسباب الخروج من شراء الزاد وشد الرحال ونحوهما .
فقد نقل الإمام وجهين: أحدهما: أنه لا يحتاج; لأن المشغول بأسباب الخروج مشغول بالخروج غير مقيم، وقال النووي: ولو أقيمت الصلاة فصلى لم يعده، والله أعلم .