وقد ذكر فيها ما يصلح أن يكون شرطا له، ولم يميز المصنف بين الأدب والشرط هنا كما فعل الحليمي في المنهاج وغيره، ونحن نشير إلى ذلك .
( وهي عشرة) تسعة منها ظاهرة، والعاشر أدب باطني ( الأول: أن يترصد لدعائه الأوقات الشريفة) أي: ينظرها له؛ ليكون أقرب إلى الإجابة ببركة تلك الأوقات ( كيوم عرفة) وهو التاسع من ذي الحجة ( من السنة) سواء كان في الموقف أو غيره ( ورمضان من الشهور) أيامه ولياليه ( ويوم الجمعة من الأسبوع) من لدن طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وبعض ساعاته آكد من بعض في الإجابة، كما تقدمت الإشارة إليه في كتاب الصلاة ( ووقت السحر من ساعات الليل) وهو قبيل طلوع الصبح، والجمع أسحار ( قال الله تعالى) في مدح العابدين: ( وبالأسحار هم يستغفرون ) فعلم من ذلك أنه وقت شريف ( ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=710244 "ينزل الله تعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟") رواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والشيخان nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم، عن nindex.php?page=showalam&ids=17193نافع بن جبير، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال حمزة الكناني الحافظ: لم يقل فيه أحد: "عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن أبيه" غير nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة.
( وقيل: إن يعقوب عليه السلام) وهو الملقب بإسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ( إنما قال لبنيه) وهم اثنا عشر، سبعة منهم أمهم ابنه خالته، كان تزوجها يعقوب -عليه السلام- أولا، وهم: يهوذا وروبيل وشمعون ولاوى ورويالون ويشحر ودينه، فلما توفيت تزوج أختها راحيا، فولدت له بنيامين ويوسف، وثلاثة آخرين: يقتالى وجاد وآشر من سريتين، اسمهما زلفة وبلهة ( سوف أستغفر لكم ربي ) وذلك لأنهم لما قالوا: يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين فمن حق المعترف بذنبه أن يصفح عنه، ويسأله المغفرة، قال: سوف أستغفر لكم ربي أي: ( ليدعو) لهم [ ص: 32 ] ( في وقت السحر) فأخره إلى ذلك الوقت، أو إلى صلاة الليل، أو إلى ليلة الجمعة تحريا لوقت الإجابة، أو إلى أن يستحل لهم من يوسف، أو يعلم أنه عفا عنهم، فإن عفو المظلوم شرط المغفرة، كما سيأتي .
( فقيل: إنه قام وقت السحر) مستقبل القبلة، وهو ( يدعو، و) قام ( أولاده يؤمنون خلفه) وقيل: قام يوسف خلفه يؤمن وقاموا خلفهما أذلة خاشعين .
( فأوحى الله إليه أني قد) أجبت دعوتك في ولدك، و ( غفرت لهم وجعلتهم أنبياء) بعده قال البيضاوي: وهذا إن صح فدليل على نبوتهم، وأن ما صدر عنهم كان قبل استنبائهم .
قلت: هنا أقوال، قيل: أخرهم لوقت السحر، وقيل: إلى صلاة الليل، وقيل: إلى ليلة الجمعة، وكل هذه الأقوال مأثورة .
أما الأول: فروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا وموقوفا، وعن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود. أخرج nindex.php?page=showalam&ids=11868أبو الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=13507وابن مردويه، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل: لم أخر يعقوب بنيه في الاستغفار؟ قال: أخرهم إلى السحر؛ لأن دعاء السحر مستجاب.
وأخرج أبو عبيد سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال: "إن يعقوب أخر بنيه إلى السحر".
والقول الثاني: روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=11868وأبو الشيخ عنه، قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "في قصة قول أخي يعقوب -عليه السلام لبنيه: سوف أستغفر لكم ربي يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة".
والقول الثالث: رواه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=11868وأبو الشيخ، عن عمرو بن قيس في تفسير هذه الآية، قال: في صلاة الليل .
وأما ما ذكره المصنف فقيل: "إنه قام" إلخ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك، قال: "لما جمع الله يعقوب شمله ببنيه، خلا ولده نجيا، فقال بعضهم لبعض: ألستم قد علمتم ما صنعتم؟ قالوا: بلى، قالوا: فكيف لكم بربكم؟ فاستقام أمرهم أن يأتوا الشيخ، فأتوا، فجلسوا بين يديه، ويوسف إلى جنب أبيه قاعد، فقال: ما لكم يا بني؟ قالوا: نريد أن تدعو الله، فإذا جاءك من الله بأنه قد عفا عنا اطمأنت قلوبنا، فقام الشيخ: فاستقبل القبلة، وقام يوسف خلف أبيه، وقاموا خلفهما أذلة خاشعين، فدعا وأمن يوسف، فلم يجب فيهم عشرين سنة حتى إذا كان رأس العشرين نزل جبريل على يعقوب -عليهما السلام- فقال: إن الله بعثني إليك أبشرك بأنه قد أجاب الله دعوتك في ولدك، وأنه قد عفا عما صنعوا، وأنه قد اعتقد مواثيقهم من بعدك على النبوة".
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=11868أبو الشيخ عن الحسن قال: "كان الله -تبارك وتعالى- عود يعقوب إذا سأله حاجة أن يعطيها إياه في أول يوم، أو في الثاني، أو في الثالث لا محالة، فلما سأل بنو يعقوب أباهم الدعاء قال لهم: إذا كان السحر فلتصبوا عليكم من الماء، ثم البسوا ثيابكم التي تصونونها، ثم هلموا إلي، ففعلوا، فجاؤوا، فقام يعقوب أمامهم، ويوسف خلفه، وهم خلف يوسف، إلى أن طلعت الشمس لم تنزل عليهم التوبة، ثم اليوم الثاني، ثم اليوم الثالث، فلما كانت الليلة الرابعة باتوا، فجاءهم يعقوب فقال: يا بني نمتم والله عليكم ساخط؟! فقوموا، فقام وقاموا عشرين سنة يطلبون إلى الله الحاجة، فأوحى الله إلى يعقوب أني قد تبت عليهم، وقبلت توبتهم، قال: يا رب النبوة؟ قال: قد أخذت ميثاقهم في النبيين".
هذا، ومن الأوقات الشريفة من السنة أيضا: أيام التشريق، ومن الشهور العاشر من المحرم، وأول يوم منه، وآخر يوم من ذي الحجة. ومن الأيام: يوم الاثنين، وعند زوال الشمس، ومن الليالي: بين العشاءين، وجوف الليل، فقد وردت في كل ذلك آثار عن السلف .