وروي أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي ويقول : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؛ لقد كان جذع تخطب الناس عليه فلما كثر الناس اتخذت منبرا لتسمعهم فحن الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليه فسكن فأمتك كانت أولى بالحنين إليك لما فارقتهم بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لقد بلغ من فضيلتك عنده أن جعل طاعتك طاعته ، فقال عز وجل : من يطع الرسول فقد أطاع الله بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أخبرك بالعفو عنك قبل أن يخبرك بالذنب ، فقال تعالى : عفا الله عنك لم أذنت لهم بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن بعثك آخر الأنبياء وذكرك في أولهم ، فقال عز وجل : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم الآية بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودون أن يكونوا قد أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا بأبي أنت وأمي يا رسول الله لئن كان موسى بن عمران أعطاه الله حجرا تنفجر منه الأنهار فماذا بأعجب من أصابعك حين نبع منها الماء صلى الله عليك ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لئن كان سليمان بن داود أعطاه الله الريح غدوها شهر ورواحها شهر فماذا بأعجب من البراق حين سريت عليه إلى السماء السابعة ثم صليت الصبح من ليلتك بالأبطح صلى الله عليك ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله لئن كان عيسى بن مريم أعطاه الله إحياء الموتى فماذا بأعجب من الشاة المسمومة حين كلمتك وهي مشوية فقالت لك الذراع : لا تأكلني ؛ فإني مسمومة بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لقد دعا نوح على قومه فقال : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا : ولو دعوت علينا بمثلها لهلكنا ، فلقد وطئ ظهرك وأدمي وجهك وكسرت رباعيتك فأبيت أن تقول إلا خيرا ، فقلت : " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لقد اتبعك في قلة سنك وقصر عمرك ما لم يتبع نوحا في كثرة سنه وطول عمره ولقد آمن بك الكثير وما آمن معه إلا القليل بأبي أنت وأمي يا رسول الله لو لم تجالس إلا كفؤا لك ما جالستنا ، ولو لم تنكح إلا كفؤا لك ما نكحت إلينا ، ولو لم تؤاكل إلا كفؤا لك ما واكلتنا ، فلقد والله جالستنا ونكحت إلينا وواكلتنا ولبست الصوف وركبت الحمار وأردفت خلفك ووضعت طعامك على الأرض ولعقت أصابعك تواضعا منك صلى الله عليه وسلم .
ولما فرغ المصنف من ذكر فضيلة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- شرع في ذكر فضله -صلى الله عليه وسلم- ولنقدم قبل ذلك كلاما مختصرا يكون كالتتمة لما يذكره المصنف، فأقول:
( ويروى أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سمع بعد موت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبكي ويقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله؛ لقد كان لك جذع) بالكسر: ساق النخلة ( تخطب الناس عليه) كان -صلى الله عليه وسلم- يضع يده الكريمة عليه عند خطبته ( فلما كثر الناس اتخذت منبرا) من خشب الغابة بثلاث درج ( لتسمعهم) الخطبة ( فحن الجذع لفراقك) حنينا بينا، سمعه من حضر، والحنين صوت المتألم المشتاق، واللام تعليلية، ويصح جعلها وقتية بمعنى عند ( حتى جعلت يدك عليه) تسكينا له ( فسكن) فهذا الجذع وهو خشب وقد حن ( فأمتك أولى بالحنين إليك لما فارقتهم) .
قال العراقي: هو غريب بطوله من حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، وهو معروف من أوجه أخر، فحديث حنين الجذع متفق عليه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر.
( بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عند الله أن جعلت طاعتك طاعته، فقال -عز وجل-: من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ووعد من خالف بالعذاب ( بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أخبرك بالعفو عنك قبل أن أخبرك بالذنب، فقال -عز وجل-: عفا الله عنك لم أذنت لهم ) وهذا فيه تأنيس لخاطره؛ إذا لولا تقدم العفو لانشقت مرارته؛ فإن الحبيب لا يتحمل عتاب الحبيب لولا أن يكون ممزوجا بما يؤانسه .
( بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن بعثك آخر الأنبياء) وجودا ( وذكرك في أولهم، فقال -عز وجل-: وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح الآية) فذكره معهم في أخذ المواثيق ( بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودون أن يكونوا قد أطاعوك وهو بين أطباقها) ودركاتها ( يعذبون) بأنواع العذاب ( يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا ) إذ كانت نجاتهم من هذا العذاب في طاعته واتباعه .
( بأبي أنت وأمي يا رسول الله لئن كان موسى بن عمران) عليه السلام ( أعطاه الله) أن ضرب بعصاه ( حجرا) فصار ( تتفجر منه الأنهار) وتنبجس منه العيون الغزار ( فما ذلك بأعجب من أصابعك) الكريمة ( حين نبع منها الماء) متفق عليه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس وغيره .
( صلى الله عليك، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لئن كان سليمان) عليه السلام ( أعطاه الله الريح) أي: سخرها له ( غدوها شهر ورواحها شهر) أي: مسيرة شهر ( فما ذلك بأعجب من البراق) وهي دابة نحو البغل تركبه الرسل عند العروج إلى السماء ( حين سرت عليه) راكبا إلى السماء الدنيا، ثم ( إلى السماء السابعة) ثم منها إلى الرفرف الأعلى؛ حيث يسمع صريف الأقلام ( ثم صليت الصبح من ليلتك) مع أهلك ( بالأبطح) وهو الموضع المعروف بالمحصب، قال العراقي: متفق عليه من حديث
أنس دون ذكر صلاة الصبح بالأبطح .
( صلى الله عليك، بأبي أنت وأمي يا رسول الله لئن كان عيسى ابن مريم -عليه السلام- أعطاه الله إحياء الموتى) معجزة له ( فما ذلك بأعجب من الشاه المسمومة) التي سمتها يهودية ( حين كلمتك) الشاة ( وهي مشوية وقالت: لا تأكلني؛ فإني مسمومة) رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر، وفيه انقطاع .
( بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد دعا نوح) عليه السلام ( على قومه فقال: رب لا تذر أي: لا تترك ( على الأرض من الكافرين ديارا أي: ساكن دار ( ولو دعوت علينا) دعوة ( مثلها لهلكنا كلنا، فلقد وطئ ظهرك) حين كان يصلي تحت الميزاب، فأتاه عقبة بن أبي معيط الشقي بسلى جزور ووضعه على ظهره [ ص: 54 ] ورقبته ( وأدمي وجهك) بسهم أصابه ( وكسرت رباعيتك) وهو على وزان الثمانية التي بين الثنية والناب، والجمع رباعيات بالتخفيف أيضا، والإدماء والكسر متفق عليه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد في غزوة أحد ( فأبيت أن تقول إلا خيرا، فقلت: nindex.php?page=hadith&LINKID=938685 "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون") رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في دلائل النبوة، والحديث في الصحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه -صلى الله عليه وسلم- حكاه عن نبي من الأنبياء ضربه قومه .
( بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد اتبعك في قلة سنينك) يشير إلى المدة فإنها نحو عشر سنوات، كمل فيها الدين، وتم نظامه المتين ( وقصر عمرك) وهو ثلاثة وستون سنة ( ما لم يتبع نوحا في كثرة سنينه وطول عمره) وهو ألف سنة إلا خمسين عاما ( ولقد آمن بك) الكثير في هذه المدة القليلة، نحو مائة ألف وأربعة عشر ألفا، وهذا القدر هو الذي مات عنهم -صلى الله عليه وسلم- كما قاله أبو زرعة وغيره، وكان المراد به من حضر، وأما من غاب فلا يحصيهم إلا الذي خلقهم ( وما آمن معه) أي: مع نوح عليه السلام ( إلا قليل) .
( بأبي أنت وأمييا يا رسول الله لو لم تجالس إلا كفؤا لك) أي: نظيرا أو مشابها ( ما جالستنا، ولو لم تنكح إلا كفؤا لك ما نكحت إلينا، ولو لم تؤاكل إلا كفؤا لك ما واكلتنا، فلقد والله واكلتنا وجالستنا ونكحت إلينا) أي: كل ذلك تفضلا منه -صلى الله عليه وسلم- وكرما وحلما .
أما المجالسة: فهو -صلى الله عليه وسلم- كان يجالس أصحابه، ويؤانسهم في أغلب الأوقات .
وأما المواكلة: فكان يواكلهم، ويلاطف معهم في الأكل .
وأما المناكحة: فقد تزوج nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بنت الصديق، nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة ابنة عمر -رضي الله عنهم- وكل ذلك مشهور في الكتب .
( ولبست الصوف) رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد، nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر من حديث nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب ( وركبت الحمار وأردفت خلفك) متفق عليه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد ( ووضعت طعامك بالأرض) رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في الزهد من حديث الحسن مرسلا .
( ولعقت أصابعك تواضعا منك صلى الله عليك) رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك، nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك -رضي الله عنهما- قاله العراقي.
قلت: ورواه ابن سعد من مرسل الحسن، كما تقدم قريبا .