قال صاحب القوت: ولا يقدم على التسبيح لله والذكر له بعد صلاة الغداة وقبل طلوع الشمس إلا أحد معنيين:
معاونة على بر وتقوى، فرض عليه أو ندب إليه، فيما يختص به لنفسه، أو يعود نفعه لغيره، ويكون ذلك أيضا مما يخاف فوته بفوت وقته .
والمعنى الآخر: يكون إلى تعلم علم أو استماعه مما يقربه إلى الله تعالى في دينه وآخرته، ويزهده في الدنيا والهوى من العلماء بالله الموثوق بعلمهم، وهم علماء الآخرة، أولو اليقين والهدى، الزاهدون في فضول الدنيا، ويكون في طريقه ذاكرا لله تعالى، أو متفكرا في أفكار العقلاء عن الله سبحانه .
فإن اتفق له هذان فالغدو إليهما أفضل من جلوسه في مصلاه؛ لأنهما ذكر لله، وعمل له، وطريق إليه، على وصف مخصوص مندوب إليه .
فإن لم يتفق له أحد هذين المعنيين فقعوده في مصلاه في مسجد جماعة أو في بيته وخلوته ذاكرا لله تعالى بأنواع الأذكار، أو متفكرا فيما فتح له بمشاهدة الأفكار في مثل هذه الساعة، أفضل له مما سواهما. اهـ .
وقال صاحب العوارف: ولا يزال كذلك ذاكرا لله تعالى من غير فتور وقصور ونعاس، فإن النوم في هذا الوقت مكروه جدا، فإن غلبه النوم فليقم في مصلاه قائما مستقبل القبلة، فإن لم يذهب النوم بالقيام يخطو خطوات نحو القبلة، ويتأخر بالخطوات كذلك، ولا يستدبر القبلة .