ولمن يتردد " في استيقاظه تلطف استحسنه بعض العلماء ، وهو أن يصلي بعد الوتر ركعتين جالسا على فراشه عند النوم ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزحف إلى فراشه ويصليهما ويقرأ فيهما إذا زلزلت و ألهاكم لما فيهما من التحذير والوعيد وفي رواية : قل يا أيها الكافرون لما فيها من التبرئة وإفراد العبادة لله تعالى فقيل : إن استيقظ قامتا مقام ركعة واحدة وكان له أن يوتر بواحدة في آخر صلاة الليل وكأنه صار ما مضى شفعا بهما ، وحسن استئناف الوتر .
واستحسن هذا أبو طالب المكي وقال فيه : ثلاثة أعمال : قصر الأمل ، وتحصيل الوتر ، والوتر آخر الليل وهو كما ذكره ، لكن ربما يخطر : أنهما لو شفعتا ما مضى لكان كذلك وإن لم يستيقظ وأبطل ، وتره الأول ، فكونه شافعا إن استيقظ غير مشفع إن نام فبه نظر إلا أن يصح من رسول الله صلى الله عليه وسلم إيتاره قبلهما ، وإعادته الوتر ، فيفهم منه أن الركعتين شفع بصورتهما ، وتر بمعناهما ، فيحسب وترا إن لم يستيقظ ، وشفعا إن استيقظ .
( وإن تردد في استيقاظه فليفعل ما استحسنه بعض العلماء، وهو أن يصلي بعد الوتر ركعتين جالسا على فراشه عند النوم، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يزحف إلى فراشه ويصليهما) تقدم في كتاب الصلاة أنه رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=hadith&LINKID=667996 "كان يصلي بعد الوتر جالسا ركعتين" ورواه أحمد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بنحوه، وليس فيه: "يزحف إلى فراشه" .
( ويقرأ فيهما) جالسا ( إذا زلزلت الأرض و ألهاكم التكاثر ) فقد جاء ذلك في حديثين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ فيهما بذلك ( لما فيهما) أي: في التكاثر والزلزلة ( من التحذير والوعيد) والتخويف والوعظ ( وفي رواية: قل يا أيها الكافرون ) بدل التكاثر ( لما فيها من التبرئة) من عبادة سوى المعبود ( وإفراد العبادة لله عز وجل) بالتوحيد .
زاد صاحب القوت: "وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بها عند النوم، وأوصى رجلا بقراءتها عند النوم" .
( فقيل: إن) كان صلى ركعتين من جلوس بعد وتره الأول، ثم ( استيقظ) للصلاة ( قامتا مقام ركعة واحدة) تشفع له ركعة الوتر التي صلاها قبلها ( وكان له أن) يستأنف الصلاة بالليل ما بدا له، ثم ( يوتر في آخر صلاته) بركعة ( فكأنه صار ما مضى شفعا بهما، وحسن استنئاف الوتر، واستحسن هذا) الإمام ( أبو طالب المكي) في القوت، بعد أن نقل عن بعض العلماء أنه يصلي ركعة واحدة يشفع بها وتره من أول الليل، ثم يصلي صلاته من الليل، ويوتر آخر صلاته .
وقد روي في هذا أثر عن عثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي رضي الله عنهما ( وقال فيه: ثلاثة أعمال: قصر الأمل، وتحصيل الوتر، والوتر آخر الليل) هكذا لفظه في القوت، وتبعه صاحب العوارف، فقال: وقد كان بعض العلماء إذا أوتر قبل النوم ثم قام يتهجد يصلي ركعتين جالسا، يقرأ فيهما بـ إذا زلزلت و ألهاكم .
وقيل: الركعتان قاعدا بمنزلة الركعة، فإنما تشفع له الوتر، حتى إذا أراد التهجد يأتي به، ويوتر في آخر تهجده، ونية [ ص: 157 ] هاتين الركعتين نية النفل لا غير ذلك، وكثيرا رأيت الناس يتفاوضون في كيفية نيتهما. اهـ .
وقد نظر المصنف في كلام صاحب القوت ( وهو كما ذكره، لكن ربما يخطر: أنهما لو شفعتا ما مضى لكان كذلك وإن لم يستيقظ، ويبطل وتره الأول، فكونه مشفعا إن استيقظ غير مشفع إن نام فيه نظر) ظاهر ( إلا أن يصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إيتاره قبلهما، وإعادته الوتر، فيفهم منه أن الركعتين شفع بصورتهما، وتر بمعناهما، فيحسب وترا إن استيقظ، وشفعا إن لم يستيقظ) .
قلت: قد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوتر من أول الليل وأوسطه وآخره، وثبت أنه كان يصلي ركعتين جالسا على فراشه عند النوم، فإذا فرض إيتاره -صلى الله عليه وسلم- في أول الليل، ثم صلاة ركعتين عند النوم مع ثبوت قيامه -صلى الله عليه وسلم- كل ليلة وإيتاره بتسع وإحدى عشرة وبثلاث عشرة، فإذا جمعت هذه الروايات ثبت ضمنا صحة إيتاره قبلهما، وأنه كان يعيد الوتر في تلك الصورة الخاصة، أعني: إذا أوتر من أول ليلة .