الأولى: قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: أما عقد الشيطان على قافية رأس ابن آدم إذا رقد فلا يوصل إلى كيفيته، وأظنه مجازا كناية عن حبس الشيطان وتثبيط الإنسان عن قيام الليل، وعمل البر، وقيل: إنها كعقد السحر من قوله تعالى: النفاثات في العقد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: قال المهاب: قد فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- معنى العقد وهو قوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=651074عليك ليل طويل فارقد. فكأنه يقولها إذا أراد النائم الاستيقاظ إلى حزبه، فيعتقد في نفسه أنه بقيت من الليل بقية طويلة، حتى يروم بذلك إتلاف ساعات ليله، وتفويت حزبه، فإذا ذكر الله انحلت عقده، أي: علم أنه قد مر من الليل طويل، وأنه لم يبق منه طويل، فإذا قام وتوضأ استبان له ذلك أيضا، وانحل ما عقد في نفسه من الغرور والاستدراج، فإذا صلى واستقبل القبلة انحلت العقدة الثالثة; لأنه لم يصغ إلى قوله، وييأس الشيطان عنده .
والقافية: هي مؤخر الرأس، وفيه العقل والفهم، فعقده فيه إثباته في فهمه أنه بقي عليه ليل طويل .
وقال النووي: اختلف العلماء في هذه العقد، فقيل هو عقد حقيقي بمعنى عقد السحر للإنسان، ومنعه من القيام، فعلى هذا هو قول يقوله يؤثر في تثبيط النائم كتأثير السحر. وقيل: يحتمل أن يكون فعلا يفعله كفعل النفاثات في العقد. وقيل: هو من عقد القلب وتصميمه، فكأنه يوسوس في نفسه ويحدثه بأن عليك ليلا طويلا، فتأخر عن القيام. وقيل: هو مجاز كني به عن تثبيط الشيطان عن قيام الليل. اهـ .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي: وإنما خص العقد بثلاث لأن أغلب ما يكون انتباه النائم في السحر، فإن اتفق له أن يستيقظ ويرجع للنوم ثلاث مرات لم تنقض النومة الثالثة في الغالب إلا والفجر قد طلع. اهـ .
الثانية: قوله: ويضرب مكان كل عقدة. يحتمل وجهين أحدهما: أن معناه أنه يضرب بيده على مكان العقد تأكيدا لها وإحكاما، أو أن ذلك من تمام سحره، وفي جعله ذلك خصوصية، وله تأثير يعلمه هو. ثانيهما: أن الضرب كناية عن حجاب يضعه في الموضع، يمنع وصول الحس إلى ذلك النائم حتى لا يستيقظ .
الثالثة: قوله: عليك ليل طويل. بالرفع أي: بقي عليك ليل طويل، ورجح nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي هذه الرواية فقال: روايتنا الصحيحة هكذا على الابتداء والخبر .
[ ص: 184 ] ووقع في بعض الروايات: عليك ليلا طويلا على الإغراء، والأول أولى من جهة المعنى، لأنه الأمكن في الغرور من حيث إنه يخبره عن طول الليل، ثم يأمره بالرقاد بقوله: فارقد. وإذا نصب على الإغراء لم يكن فيه إلا الأمر بملازمة طول الرقاد، وحينئذ يكون قوله: " فارقد " ضائعا. اهـ .
وقال الولي العراقي: وهو في موطأ أبي مصعب بالنصب على الإغراء .
وقال النووي: كذا هو في معظم نسخ بلادنا لصحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، وكذا نقله nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن رواية الأكثرين. قال الولي: وعلى كل تقدير فهذه الجملة معمول لقول محذوف، أي: يقول الشيطان للنائم هذا الكلام ويحتمل أن يكون قوله: " ليلا طويلا " منصوبا على الظرف أي: يضرب مكان كل عقدة في ليل طويل، وقوله: " عليك " يحتمل حينئذ أن يكون متعلقا بقوله: " يضرب " ويحتمل أن يكون صفة لكل عقدة، ويدل لهذا قوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي: " يضرب على كل عقدة ليلا طويلا " أي: ارقد .
الثالثة: فيه الحث على ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ، وجاءت فيه أذكار مخصوصة تقدم ذكرها في كتاب الأذكار والدعوات .
الرابعة: فيه الحث والتحريض على الوضوء في هذه الحالة، وهو قربة تنحل به إحدى عقد الشيطان، وإن لم تنضم إليه في تلك الحالة صلاة .
الخامسة: الظاهر أن التيمم بشرطه يقوم مقام الوضوء في ذلك .
السادسة: الظاهر أنه لو كان عليه غسل لم تنحل عقدة الشيطان بمجرد الوضوء، وإنما اقتصر على ذكر الوضوء في الحديث لأن الأصل عدم الجنابة .
السابعة: قوله: " فإن صلى انحلت عقده " يروى بفتح القاف على الجمع، وبإسكانها على الإفراد، كاللتين قبلهما، والأول هو المشهور، ويدل له قوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: " العقد " وقوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي: " العقد كلها "، ونقل nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن رواية يحيى بن يحيى الثاني، وعلى الأول، فالمراد أنه انحل بالصلاة تمام عقده، فإنه قد انحل بالذكر والوضوء اثنتان منها، وما بقي إلا واحدة، فإذا صلى انحلت تلك الواحدة، وحصل حينئذ تمام انحلال المجموع، وهو نظير قوله -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=885806 " من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله "، ونظائره كثيرة .
الثامنة: فيه فضيلة الصلاة بالليل، وإن قلت: لكن هل يحصل انحلال عقدة الشيطان الأخيرة بمجرد الشروع في الصلاة أو بتمامها ؟ الظاهر الثاني، فإنه لو أفسدها قبل تمامها لم يحصل بذلك غرض، ويدل لذلك ما أفتى به الزين العراقي حين سئل عن الحكمة في افتتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين، فقال: الحكمة فيه استعجال حل عقد الشيطان، ولا يخدش في هذا المعنى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- منزه عن عقد الشيطان على قافيته; لأنا نقول: إنه -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك تشريعا لأمته ليقتدوا به فيه، فيحصل لهم هذا المقصود، والله أعلم. .
التاسعة: قوله: " فإن صلى " اختلف في المراد بهذه الصلاة فقيل: قيام الليل هو الأكثر، وقيل: صلاة العشاء بناء على أنهم كانوا ينامون قبل العشاء، ثم يصلونها في وقتها أو مع الجماعة، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة إباحة النوم قبل العشاء عن جماعة من الصحابة والتابعين، وقيل: صلاة الصبح، ويؤيده أن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده: فإن أصبح ولم يصل الصبح، أصبح خبيث النفس. الحديث .
العاشرة: اختلف في صلاة الليل فقال بوجوبها جماعة من التابعين تعللا بهذا الحديث، ومنهم من خص بالوجوب أهل القرآن فقط، والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه .
الحادية عشرة: كونه يصبح خبيث النفس كسلان هل يترتب على ترك كل واحدة من هذه الخصال التي هي الذكر والوضوء والصلاة، فلا ينتفي عنه ذلك إلا بفعل الجميع، أو يترتب على ترك المجموع حتى لو أتى ببعضه لانتفى عنه خبث النفس والكسل ؟ قال النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: ظاهر الحديث أن من لم يجمع بين الأمور الثلاثة فهو داخل فيمن يصبح خبيث النفس كسلان. اهـ .
وقد يقال: إذا جمع بين الأمور الثلاثة انتفى عنه خبث النفس والكسل انتفاء كاملا، وإذا أتى ببعضها انتفى عنه بعض خبث النفس والكسل، بقدر ما أتى به منها، فليس عند من استيقظ فذكر الله من خبث النفس والكسل ما عند من لم يذكر [ ص: 185 ] الله أصلا .
الثانية عشرة: قوله: " كسلان " غير منصرف للألف والنون المزيدتين، وهو مذكر كسلى، ووقع لبعض رواة الموطأ كسلانا مصروفا، وليس بشيء، قاله الولي العراقي.